كارنيغي..المعشر وحل الدولتين

الرابط المختصر

حسنا فعل الوزير الاسبق د. مروان المعشر حين أعلن عن موت"حل الدولتين" فالرجل لم يحتاج لوقت طويل يديم التفكير فيه ليخلص لتلك النتيجة، لقد كان واثقا تماما وهو يعلن امام عدد محدود من الصحفيين والكتاب المدعوين من قبل مركز حماية وحرية الصحفيين الاحد الماضي عن وفاة "الحلم ." لكنه مع ذلك لم يقل لنا إلى أي حد يمكننا تقبل واجب العزاء في هذا "الحلم" الذي لا يزعم أحد أبوته له، بالرغم من أننا في الأردن نتمسك به باعتباره "الحلم "الأمثل للفلسطينيين.

لم يكن إعلان د. المعشر مدفوعا من فراغ مفتوح، فقد كان مركز كارنيغي الذي يشغل المعشر فيه موقعا قياديا متقدما قد أعلن مبكرا جدا عن وفاة "حل الدولتين" سنة 2008 .

 لقد قال مركز كارنيغي ذلك قبل 12 عاما ــ على الأقل ــ في الوقت الذي كانت فيه اسرائيل وامريكا لا تفكران حتى فيما يجب ان تكون عليه الحلول المقترحة للقضية الفلسطينية، ولم يكن على الطاولة الأمريكية والاسرائيلية غير مسطرة واحدة وبكلمة واحد"لا" للدولة الفلسطينية، و"لا" للاستقلال الفلسطيني، و"لا" للمبادرة العربية...الخ.

استعاد د. المعشر ما قاله مركز كارنيغي قبل 12عاما مضت معلنا بتؤدة وهدوء السياسي عن وفاة أو مقتل"حل الدولتين" في الوقت الذي عاد الحديث فيه مجددا عن إحياء هذا الحل بمجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن، وانصراف السياسي الفلسطيني لإعادة ترتيب بيته الداخلي استعدادا لهذا الحل"الحلم"، سواء باجراء الانتخابات التشريعية، او بإعادة تكريس سيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيسا ديمقراطيا منتخبا بلا تردد ـ في الحقيقة رئيسا بلا منافسين ــ، او لجهة استكمال المصالحة الفلسطينية ــ الفلسطينية بين سلطة فتح في رام الله وسلطة حماس في غزة.

الفلسطيني والأردني لا يمكنهما تجاوز السيناريوهات المتعددة والمتلاطمة للمآلات النهائية للقضية الفلسطينية، من بينها بالطبع "حل الدولتين"، وحل "الدولة الواحدة"، او"حل السلطة" أو “الحل بالمقاومة" أو "الحل بدون حل..".

كان رئيس الوزراء السابق د. عمر الرزاز قد تحدث عن"حل الدولة الواحدة" باعتباره الحل الأمثل للقضية الفلسطينية، وبصراحة فان مشروع "اسراطين "الذي اقترحه الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في قمة عمان واثار في حينه موجة هستيرية من التندر أصبح اليوم جزءا من سيناريوهات الحل لدى غير الاسرائيليين الذين منحوا كيانهم صفة دينية توراتية لا تقبل القسمة على غير اليهودي.

في المدى المنظور ستنشط إدارة بايدن في توزيع اوراق الملف الفلسطيني تحت شعار البحث عن حل، وستنشط اسرائيل نفسها في التلاعب بكل أوراق السيد بايدن بالمماطلة وبالعبث المقصود والمكشوف، وهنا على الفلسطيني فقط أن يذهب الى أبعد حد ممكن لكشف زيف الموقف الاسرائيلي، ومن هنا تبدو المصالحة الفلسطينية في هذا الوقت ضرورة وطنية ملحة حتى لا تقول اسرائيل للمجتمع الدولي إن امامها كيانين فلسطينيين وليس كيانا واحدا..

حسنا فعل السيد مروان المعشر حين أكد لنا أن حل الدولتين اصبح خلف ظهورنا، لكنه لم يقل تماما فيما إذا كانت الفرص متاحة أمام الفلسطينيين والاردنيين مجتمعين للعودة الى "الخيار الأردني "، وهو الخيار الوحيد الذي ظل حاضرا في كل السيناريوهات التي وضعها المعنيون لحل القضية الفلسطينية، في حال لم تنجح فكرة الكونفدرالية الثلاثية الفلسطينية الاردنية الاسرائيلية.

ثمة سيناريوهات متلاطمة، وتصورات حالمة، إلا أن القوة المطلقة هي فقط من تحكم أية مسارات للتفاوض بين خصمين.