قيود اجتماعية وقانونية تدفع النساء العاملات للانسحاب من سوق العمل

الرابط المختصر

"حاولت أكثر من مرة  تجاوز القصة، ولكن لليوم أشعر أنه يمكن أتعرض للتحرش في كل مكان"، لم تتمكن حلا من نسيان ما تعرضت له من أحد عملاء المؤسسة التي تعمل بها، حاولت حلا لأكثر من مرة التوجه لإدارتها لتقديم شكوى، ولكن الرد كان "ما بقدر اعمل شي، إذا مش متحملة قدمي استقالتك" بحسب حلا البالغة من العمر 29.

 

تعتبر سلوكيات التحرش واحدة من التحديات التي يعاني منها النساء في بيئة العمل، والتي يمكن أن تدفع النساء للانسحاب من سوق العمل، وتعرّف اتفاقية العمل الدولية رقم 190 العنف والتحرش، التي دخلت حيز التنفيذ في 25 حزيران (يونيو) 2021 ولم يصادق الأردن عليها بعد، "نطاق سلوكيات وممارسات غير مقبولة، أو تهديدات مرتبطة بها سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت، وتهدف أو تؤدي أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي".

 

30 % من الإناث تعرضن لتحرش في مكان العمل 

أعلن تحالف مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل عام 2021 أن "عدداً من الدراسات المحلية رصدت حجم وحالات العنف والتحرش في العمل التي تتعرض لها النساء، والتي أظهرت أن 75.3 في المائة من الأردنيات اللواتي تعرضن لتحرش في مكان العمل لم يفكرن في اتخاذ إجراءات قانونية، وأن نحو 30 في المائة من الإناث تعرضن لتحرش في أماكن العمل والدراسة".

 

 شيرين مازن من مؤسسة تمكين، قالت في حديثها لعمان نت: هناك قصور في التشريعات بشأن حماية العاملين في بيئة العمل، وخلوها من وجود تعريفات واضحة للعنف أو التحرش، حيث إن الدراسات والمؤشرات تؤكد أن المرأة تغادر سوق العمل عند تعرضها للتحرش، وتذهب للبحث عن فرصة عمل أخرى بأجر أقل، أو الانسحاب من سوق العمل بشكل نهائي، بالتالي توسيع فجوة الأجور بين الجنسين والبطالة في سوق العمل.

 

واضافت ان أثر التحرش ينعكس على انتاجيتهن، حيث يتسبب ذلك في انخفاض الأداء الوظيفي، وزيادة ضغوط العمل، وعليه هنالك ضرورة وضع تعريف واضح للعنف في مكان العمل، وادراجه في قانون العمل على أن يكون منسجما مع الاتفاقية 190، كما يجب أن يتضمن أحكاما خاصة بالوقاية من العنف ومسؤولية صاحب العمل في توفير بيئة عمل تحد من العنف، وإجراءات خاصة بسبل الإنصاف لمن يتعرض للعنف.

وأشارت شيرين خلال حديثها إلى تعامل مؤسسة تمكين مع سيدات تعرضن للتحرش في مكان العمل، حيث كانت النتيجة الانسحاب من سوق العمل "عاملة في إحدى المحافظات تعرضت للتحرش من قبل صاحب العمل، وتركت عملها دون الحصول على أية حقوق ولم تقدم شكوى" بحسب شيرين.

 

السلطة والتحرش

قالت الدكتورة مها درويش من مركز التوعية والإرشاد الأسري عبر برنامج "طلة صبح" على اثير راديو البلد، تعاني السيدات من ظاهرة التحرش في القطاع الخاص أكثر من القطاع الحكومي وذلك في ضوء ما يوفره مكان العمل من حماية وأمان للمرأة العاملة.

 

وأضافت درويش، في العادة تتردد النساء من تقديم الشكوى، وذلك بسبب الخوف من القيود الاجتماعية التي تتمثل بالوصمة ولوم الضحية بدلاً من الجاني، "حيث تفضل العاملة ترك العمل" بحسب درويش، ومنهن من يتوجه للعائلة أو القضاء العشائري ولكن النسبة قليلة بشكل عام 

 

وأشارت إلى خطورة الآثار النفسية، إذ تنقلب الضحية على نفسها وتبدأ البحث عن سبب للتحرش بنفسها بدلاً من الجاني وضعف الثقة بالذات، والقلق والاكتئاب.

 

وأكدت الدكتورة مها خلال حديثها، على ضرورة تشجيع النساء على تجاوز القيود الاجتماعية وعدم الخوف من تقديم شكوى، وتوعية المجتمع بأهمية الدعم النفسي للنساء عند تعرضهن للتحرش والتوعية بالقانون.

 

وأشار بيان تحالف مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل، إلى أن نسبة مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل "هي بين الأدنى في العالم، ومن أهم عوامل عدم التحاق المرأة بسوق العمل وانسحابها منه، ما تتعرض له من أشكال العنف والتحرش، وغياب ضمانات الحماية وآليات الشكاوى الفاعلة وآليات إنفاذ القانون، إضافة إلى مزاولة عدد كبير من النساء في أعمالاً غير منظمة، وتفتقر إلى الحد الأدنى من الحماية والتفتيش في العمل، ما يعرضهن للعنف والتحرش؛ وقد تكون العاملات في موقع استضعاف أكبر بسبب جنسيتهن أو وضع اقامتهن كالعاملات المهاجرات واللاجئات".