"قم مع المعلم".. تضحيات لتحصيل حقوق المعلمات بالمدارس الخاصة
عام 2015 جمعت لجنة الإنصاف بالأجور بدعم من منظمة العمل الدولية 35 معلما ومعلمة في القطاع الخاص في إحدى القاعات بمدينة إربد، للتعرف على قصصهم مع انتهاكات مستمرة، في ظل عدم إعطاء عدد كبير من المعلمات الإناث الحد الأدنى للأجور في ذلك الحين.
اللقاء تمخض عنه تطوع 5 معلمات للتدريب على بعض المفاهيم القانونية والخطابية تمهيداً لإطلاق حملة تكشف الغطاء عن الانتهاكات في المدارس الخاصة، خصوصا وأنّ دراسة للجهة المنظمة المنفذة للّـقاء أظهرت فجوة واضحة في الأجور بقطاع التعليم الأردني، في ظل وجود نحو 37 ألف معلمة ومعلم في القطاع الخاص ونحو 80% من العاملين في القطاع التعليمي "إناث".
ذكرت المعلمات في اللقاء التفاعلي، أنّهن يتعرضن لانتهاكات عديدة تتمثل بأجور تقل عن الحد الأدنى، وساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجور، وجولات الحافلات أيضاً غير مدفوعة الأجر، بالإضافة إلى العنف في التعامل من بعض أصحاب المدارس، تصل في بعضها إلى التحرش بهنّ.
واختيرت مدينة إربد من قبل لجنة الإنصاف بالأجور لكونها مركز أكبر المحافظات التي تضم مدارس خاصة وعاملين وعاملات فيها بعد العاصمة عمان.
بعد اللقاء حاولت المعلمات الخمس جمع تأييدٍ أكبر من العاملات في القطاع الخاص ليضم الفريق معلمتين فقط، وتبدأ الرحلة قبل إطلاق حملة "قم مع المعلم"، من خلال تدريباتٍ أعدتها لجنة الإنصاف بالأجور بالتعاون مع وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية على قانون العمل والقوانين الناظمة للتعليم في الأردن، والخطابة وإدارة الحوارات، بحسب المنسقة العامة للحملة ناريمان الشواهين.
تلقت المعلمات السبع تدريبات للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعوي الخطابة والثقافة القانونية بما يتعلق بقوانين العمل والتعليم، تحت اسم "سفيرات الحق 1" و"سفيرات الحق 2".
لتنطلق الحملة رسميا في عام 2015، لتبدأ مرحلة جديدة من الدفاع عن معلمات القطاع الخاص اللواتي يعانين من انتهاكات بالجملة.
بدأت الحملة في نشر التوعية على معلمات القطاع الخاص بما يتعلق بالقانون وحقوقهن العمالية وإشكاليات العقود التي عانت الكثير منهن بإجبارهن على توقيع استقالات في نهاية العام الدراسي لضمان عدم دفع أجور لهن خلال العطلة الصيفية.
وخلال ورشة عامة خارج أسوار مدينة إربد استطاعت الحملة تشكيل فريقين جديدين في محافظتي العاصمة عمّان والزرقاء، وتوالى بعدها تشكيل الفرق لتمتد إلى البلقاء وعجلون ثم مأدبا والعقبة لتشمل 7 محافظات، تجمع أكثر من 50 معلمة مكونات فريقاً وطنياً لتثبيت حقوق معلمات القطاع الخاص والدفاع عنهن، حيث درّبت الحملة نحو 5 آلاف معلمة.
ساهمت الحملة في إصدار قرار حكومي يلزم أصحاب المدارس الخاصة بتحويل رواتب المعلمين والمعلمات إلى البنوك لضمان إيداع رواتب لا تقل عن الحد الأدنى، إلّا أنّ الانتهاكات لا تنتهي، وما زال العديد من أصحاب هذه المدارس ينتهكون حقوق العاملات ولا يطبقون القانون.
تطالب "قم مع المعلم" بالتركيز على حقوق المعلمات وتعديل القانون بما يضمن حق المعلمة، حيث تشير الشواهين إلى أنّ العقوبات المترتبة على صاحب العمل في حال المخالفة تنحصر في "الغرامة والإغلاق" في حين أنّ المطلب الرئيس هو تحصيل الحقوق المادية للمعلمة.
منذ ست سنوات وحتى اللحظة، دفعت المعلمات ثمنا باهظا للمضي في الحملة، وما تزال بعض القائمات على "قم مع المعلم" يواجهن تحديات عديدة؛ أبرزها وضع المنسقتين ناريمان الشواهين وهديل الكسواني على القائمة السوداء في المدارس الخاصة وتعميم اسميهما لرفض تشغيلهن في حال تقدمت أيٌّ منهما إلى وظيفة معلمة.
وتستذكر الشواهين فصلها التعسفي من مدرسة خاصة في إربد بعد دعوة وصلتها إلى المدرسة لحضور مؤتمر برعاية أميرية، ليخاطبها صاحب المدرسة بصفة يا "نكرة" كصيغة ازرداء لها لمجرد تلقيها الدعوة.
واليوم، هدف الحملة ليس مادياً، فهي تعتمد في المقام الأولى على الدعم اللوجستي من منظمة العمل الدولية ومنظمات المجتمع المدني، بتأمين القاعات والمواصلات، خلال عقد الورشات واللقاءات المختلفة، وما زال المجهود المبذول من قبل المعلمات في الفريق الوطني "تطوعياً".
أما عن النجاح الذي حققته وحجم المنجز لتحصيل حقوق المعلمات، فتبين الشواهين أنّ الحملة تمثلت كحالة في إحدى دراسات جامعة "هارفرد" الأميركية كمجموعة بارزة وناجحة تطالب في الحقوق.