قلق اجتماعي بعد تكرار حوادث قتل النساء

منذ الإعلان عن مقتل الطالبة الجامعية إيمان ارشيد بخمسة رصاصات من قبل الفاعل الذي لا يزال مجهولا، برزت حالة من القلق الاجتماعي بشكل واضح عبر شبكات التواصل الاجتماعي من خلال انتشار تساؤلات تتمحور حول العوامل التي تدفع إلى ارتكاب الجريمة، وما المتغيرات الاجتماعية التي طرأت كي تتفاقم هذه الإشكالية.

لم تكن هذه الحادثة الأولى التي هزت المجتمع الأردني وإنما تكررت الاعتداءات والجرائم على مدار السنوات الماضية، بدء بقتل الطالبة الجامعية نور العوضات عام 2017، الى الشاب الذي قطع رأس والدته في طبربور في ذات العام، مرورا بالشابة أحلام التي قتلها والدها عام 2020، وصولا الى مقتل الطالبة إيمان الأسبوع الماضي.

التقرير السنوي الصادر عن مديرية الأمن العام بين أن معدل ارتكاب الجريمة في المملكة خلال العام الماضي، بلغ 19 جريمة لكل 10 آلاف نسمة.

أستاذة علم الجريمة الدكتورة خولة الحسن تؤكد أن قضايا العنف المجتمعي باشكاله، تعود الى عدة عناصر، من أبرزها غياب الحماية المجتمعية، الأمر الذي يسهل حدوث الجريمة، موضحة أن الجاني يمر بالعديد من المراحل والمتغيرات والظروف التي قد تؤثر عليه، مما تدفعه إلى ارتكاب الجريمة.

وتوضح الحسن أن السلوكيات في المجتمع هي مكتسبة، في حال عدم وجود رادع قوي، يمنع الأشخاص من ارتكاب الجرائم، مشيرة إلى أهمية تغليظ العقوبات وتنفيذها ضد الجاني بشكل سريع. 

كما أن ما يحدث من متغيرات في المجتمع، يخلق نوع من عدم الرضى والتأقلم لدى البعض، مما يؤدي الى تفكك المجتمع وعدم تماسكه، الأمر الذي يضعف القدرة على ضبط الأفعال الجرمية، بحسب الحسن.

الكاتب ماهر أبو طير في مقال له يشير إلى أن "هذه الجرائم التي تقع في الأردن، كل فترة، تقع في دول ثانية، وقد وقع مثلها وربما أبشع في فترات سابقة، دون أن نذكر هذه الجرائم بالتفاصيل، لكن الكل يتذكر جرائم بشعة مرت علينا.

"الا أنه لا جهود تبذل من أجل وقف الانهيار الاجتماعي في المجتمع، فهذا البلد تغير بسرعة هائلة، خلال السنين الماضية، ولم يقف أحد عند هذه التغيرات، والكل يتحدث فقط على التنمية السياسية والتحديث الاقتصادي، لكن الكتلة الأخطر في هذا المشهد، أي الكتلة الاجتماعية، متروكة لتغيرات خطيرة جدا، في بلد لم يعد يعرف نفسه كما كان يعرفه.

 

إضراب نسائي احتجاجا على العنف ضد النساء

قضية قتل النساء والفتيات في المجتمع، دفعت عدد من الناشطين خاصة بعد مقتل الطالبة ايمان، إلى تنظيم إضراب نسائي عبر صفحة متخصصة على الفيسبوك، للتعبير عن مستوى العنف غير العادي على حد تعبيرهم.

المستشارة القانونية في جمعية تضامن النساء المحامية إنعام العشا تصف حادثة مقتل طالبة الجامعة الأخيرة بالبشعة، وهي مؤشر  خطير لتنامي أشكال العنف الممارس ضد المرأة.

 وتؤكد العشا أن هذه الحادثة تبين بأن البرامج التوعوية ليست كفيلة للحد من هذه الإشكالية، وإنما أصبح هناك ضرورة لبحث مدى تفعيل وقدرة التشريعات والقوانين لردع العنف المجتمعي.

وفي مقال لمؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن نضال منصور يكتب فيه أن حالات العنف التي تحدث في المجتمع "تؤشر إلى مخزون الغضب، والعنف داخل أسوار المجتمع، وتدلل مجددا على استسهال العنف ضد النساء".

كانت قد اعلنت ادارة حماية الاسرة والاحداث عن إنشاء مرصد وطني لجرائم العنف ضد النساء والفتيات في الاردن، ورحبت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، بهذا التوجه الذي يهدف الى وضع استراتيجية فعالة للحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالانتحار.

ووفقا لرصد " تضامن" لوسائل الإعلام المختلفة خلال العام الماضي سجل الأردن وقوع 15 جريمة قتل أسرية ذهب ضحيتها 16 أنثى.

وأظهر التقرير الإحصائي الجنائي لعام 2020 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية وقوع 90 جريمة قتل عمد وقصد إلى جانب 9 جرائم ضرب مفضي إلى الموت، وأن عدد الجناة في جرائم القتل العمد والقصد بلغ 201 شخصاً من بينهم 7 نساء شكلن ما نسبته 3.5% من مجموع الجناة، فيما بلغ عدد المجني عليهم في هذه الجرائم 99 شخصاً من بينهم 22 امرأة بنسبة 22.2% من مجموع المجني عليهم. وهي شكاوى جرائم قد تتغير أوصافها القانونية عند إحالتها إلى القضاء.

 

أضف تعليقك