قانون جرائم أنظمة المعلومات ...يعاقب على النية !
بعد اتخاذ عدة إجراءات حكومية بدأت في عهد حكومة نادر الذهبي لتنظيم أو تقييد عمل المواقع الإلكترونية وتحديداً الإعلامية منها، أعلنت عدد من المواقع الإخبارية في مؤتمر صحافي عن برنامج تصعيدي إثر إقرار مجلس الوزراء لقانون جرائم أنظمة المعلومات بعد انسداد الحوار بين الأخير والمواقع لإخراج القانون بصورة مختلفة لا تمس عمل المواقع.
بعيداً عن اعتبار الحكومة للقانون تقدماً في انسياب المعلومات، وبين اعتبار المواقع للقانون ضربة للصحافة المستقبلية، يقرأ مراقبون إعلاميون القانون على اعتباره فضفاضاً ويحتمل الوجهين معتمداً في ذلك على النوايا.
المواقع الإلكترونية التي أصدرت بيانها أمس تخوفت من مواد عديدة في القانون لعل أبرزها المادة الثالثة عشر الفقرة ج والتي تنص بالحكم بمصادرة الأجهزة و الأدوات والوسائل وتوقيف أو تعطيل عمل أي نظام معلومات أو موقع الكتروني مستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها أو يشملها هذا القانون ومصادرة الأموال المتحصلة من تلك الجرائم والحكم بإزالة المخالفة على نفقة مرتكب الجريمة.
كما أعربت المواقع عن تخوفها من المادة الثامنة التي تجرم "كل من قام قصدا بإرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات ينطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص".
رئيس تحرير موقع المقال نت سامي الزبيدي حمل وجهة نظر معظم المواقع الإلكترونية والتي اعتبرت في القانون مساواة بين اللصوص والصحفيين، مدللا على ذلك بعدد من مواد القانون التي يرى فيها قضاء على الإعلام الإلكتروني بناء على "مزاجية الحكومة".
الحكومة سارعت في الرد على بيان المواقع الألمترونية على لسان ناطقها وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال علي العايد الذي حاول تبيان وجهة النظر الحكومية والتي تؤكد أن القانون خدمة للصحافة الإلكترونية.
وزاد العايد بأن القانون راعى ايضا عدم تجريم أي فعل إلا إذا ارتكب قصدا، وعدم معاقبة "حسني النية سواء مشغلو شبكات الاتصالات ومزودو الخدمات المرخصون، أو من يقومون بأعمال الصيانة أو من يمتلكون مواقع إلكترونية يمكن استغلالها من الآخرين، وغيرهم ممن لم يقوموا عمدا بارتكاب جريمة أو المساعدة والتحريض على ارتكابها، لضمان استمرار تشجيع استخدام وتطور الوسائل الإلكترونية وانتشارها".
الخبير والمحامي المختص بالجرائم الألكترونية يونس عرب اعتبر أن عبارات عديدة حملها القانون تترك الأمر خياريا بيد الحكومة لتجريم المواقع الإلكترونية وإنهاء عملها.
طبيعة النصوص التي جاء بها القانون قال حولها الكاتب والمحلل السياسي جميل النمري أنها تنطوي على اكثر من تفسير وأكثر من استخدام، ولكن النمري يضيف بأنه لا يمكن محاكمة الرفاعي على النوايا، فجميع بنود التجريم منطقية، ولا صلة لها بالعمل الصحافي، ويبقى نصّ المادّة الثامنة الوحيد الذي يثير التوجس ويجب التفاهم عليه.
الصحفي في العرب اليوم يحيى شقير يرى أن قرار الحكومة بحجب المواقع الالكترونية الإخبارية عن الموظفين بالتزامن مع إقرار قانون مؤقت لجرائم الانظمة الالكترونية يدلل على أن الحكومة تريد السيطرة على مضمون ما ينشر في هذه المواقع "فتجرِّم وتعاقب ما لا يتماشى مع سياستها".
ومن الناحية الدستورية، أشار شقير إلى صدور القانون المذكور كقانون مؤقت في غياب البرلمان رغم ان الدستور الأردني "في منتهى الوضوح بشأن تشريعات الضرورة التي لها صفة الاستعجال".
إعلان المواقع عن برنامج تصعيدي ووضع صورة رئيس الحكومة على صفحاتها الرئيسية كعدو للحريات يأتي في سياق تصاعد الاحتجاجات في مختلف القطاعات، ناهيك عن مقاطعة البعض الآخر للاستحقاق الديمقراطي، ما يهدد أو يؤشر إلى إحراج الحكومة على كافة المستويات وبطبيعة الحال بما يتعلق منها بالحريات.