جميل ان نرى ان معرض عمان الدولي للكتاب في مكان قريب ويمكن الوصول إليه دون مشقة رغم الازدحام المروري اليومي في عمان ، الا ان موقع المعرض في "مكة مول" مكن الكثير من فئات المجتمع من الوصول إليه والاقتراب من رائحة الكتب مرة اخرى ، وان يكون القارئ العادي وليس المتخصص على تماس واضح مع دور النشر الكثيرة المشاركة بالمعرض.
بل انني اكاد اجزم ان العديد من رواد المعرض من فئة الشباب، هذه هي التجربة الاولى لهم مع معارض الكتب، وهذه تجربة يجب ان لا تكون الاخيرة ، بل بداية طريق عشق طويلة لكل من الحرف والكلمة والورق والكتاب ، فرغم ما توفره وسائل التواصل من سهولة الوصول إلى كم هائل من الكتب إلا أن تجربة ملامسة الكتاب الورقي تبقى الاكثر اثارة والاطول عمرا ولا تنتهى بكبسة على الشاشة صغيرة صماء.
من اجل ان تكون تجربة زيارة معرض الكتاب للشباب والشيوخ أيضا تجربة مستمرة غير منقطعة يجب الابتعاد عن بعض المظاهر السلبية في هذا المعرض ، ملاحظاتنا في هذا السياق ليست توجيه نقدا بقدر ما نوجه الأنظار حتى نساهم في إنعاش صناعة الحرف والورق وأن نكسب مزيد من محبي الكتب لا أن نكون من المنفرين، فهذه الصناعة اي صناعة الكتب بحاجة لكل دعم .
أثناء تجوالنا في معرض الكتاب في مكة مول شاهدنا ما يلي :
إن الغالبية من الموجودين في أكشاك دور النشر مشغولين في اجهزتهم الخلوية أكثر من انشغالهم بمن يقف أمام هذه الكم الرائع من العناوين الجميلة والجذابة ، حالة عدم الاهتمام من قبل هؤلاء الأشخاص افقدت العناوين والكتب بريقها وفضل الكثيرون من الزوار الابتعاد عن هذه الأكشاك وهكذا خسرت الثقافة عاشقا جديد او مخلصا قديما .
كما لاحظنا قيام بعض المسؤولين في دور النشر بالتدخين داخل الأكشاك دون الاهتمام بالجمهور ودون مراعاة قانون منع التدخين بل إن رائحة الدخان طغت على رائحة الكتب الرائعة ، وهناك من قال معلقا وهو من المثقفين المعروفين ولكن غير المدخنين " يبدو ان بعض المثقفين لا زالوا يعتقدون أن سيجارة جزء من شخصية المثقف …
بعض الأكشاك كان القائمون عليها جالسين يتبادلون أطراف الحديث مع بعضهم البعض وكأنهم على ناصية الرصيف أو في مقهى قريب ، بدون النظر ولو مرة واحدة الى الجمهور القادم ، وقد يكون من هذا الجمهور من يأتي إلى معرض كتاب لأول مرة في حياته، وكان المفروض أو المطلوب والمرجو من كل من يقف خلف طاولة عرض الكتب أن يكون لبقا ويتبادل أطراف الحديث مع كل من يقف يعرض عليه بعض الكتب ، يشرحه عن سبب اختياره لها ، ويسأل عن اهتمامك القارئ، بالتأكيد لن يخرج أي إنسان من هناك بدون ان يحمل بيده على الاقل كتابا واحدا ( كما هو حال ذلك الشاب النشيط الذي كان يقف في احد الاكشاك ولحظة وقف أي شخص يهب يعرض مساعدته بل ان يقدم شرحا وافيا شافيا رائعا عن الكتاب والمؤلف الذي ينشرون له ، يشرح بطريقة تجبرك على اقتناء بعض من كتبه حتى لو كانت مخالفة لرؤيتك الفلسفية، ولكن هذا الشاب ضرب مثلا يحتذى به من قبل الاخوة والاخوات في دور النشر)ر
ملاحظة اخيرة اكشاك بعض دور النشر ومراكز الأبحاث المرموقة التي تعتبر اصدارتها قبلة كل باحث متخصص كانت خالية من الموظفين وكأنهم ليسوا بحاجة إلى يقدموا كتبهم القيمة للجمهور ، ولسان حالهم يقول للجمهور " شوف وروح " ، والبعض الآخر من الأكشاك الكبيرة والمهمة كان بها موظف ينطبق عليه المثل بالعامية " مش طايق حاله".
معرض الكتاب فرصة لا تعوض من اجل الكتاب والمؤلف والجمهور فارجو ان يتم استغلالها افضل استغلال وباجمل الصور فهذه المعارض مظهر حضاري لا مثيل له .