فلنحافظ على الدولة ونبتعد عن الفوضى!

لم أكن مع مجلس النواب في الطريقة التي فهم فيها استعادة هيبته وقام بتجميد عضوية نائب عبر عن مواقف سياسية كفلها الدستور. وبالفعل وجهت نقدًا قاسيًا لمجلس النواب على الطريقة التي خلق فيها أزمة غير ضرورية. ولكن وفي نفس الوقت لست مع السلوك الذي يمكن أن يعيدنا إلى عصر ما قبل الدولة أو يفضي إلى خلق حالة تكون فيه الهويات الفرعية في مواجهة مع الدولة التي ينبغي أن نحرص عليها. فثمة فرق كبير بين الحكومة التي يمكن توجيه النقد إليها والدولة كمكتسب تاريخي لنا علينا أن نعض عليها بالنواجذ.

في الأيام الأخيرة كنت قد اشتبكت مع الحالة وقدمت تأطيرا سياسيا لما ينبغي أن تكون عليه الإصلاحات دون أن أتبنى أي سلوك يتجاوز ركائز الاستقرار في الدولة. وانتقدت غياب الهوية الوطنية الجامعة كأساس لتبني السياسيات سواء عند الحكم أو عند المعارضة. للأسف تطورت الأمور بشكل غير متوقع، وبشكل لا يؤسس لخطاب إصلاحي شامل، وبدلا من الحديث عن خارطة طريق وطنية بتنا نلمس بداية مسارات مدمرة لا يستفيد منها أحد.

فخيار الغالبية الساحقة من الأردنيين ليس الفوضى، وليس شيطنة المكونات الأردنية أيضا. والمخرج من هذه الأزمة يستلزم الاستعجال في طرح موضوع الإصلاح، فالطبيعة تكره الفراغ.

وهنا علينا أن نُقر أن استقرار الأردن يستلزم الالتفاف حول مؤسسة العرش، والبدء بمسار آمن للإصلاحات التي تفضي إلى تمكين سياسي يتجاوز الهويات الفرعية التي أنتجب حالة من الاستعصاء السياسي المدمر. طبعا، لا بد من الإشارة إلى أن في جعبة الملك عبدالله أوراقا نقاشية تحتوي على مضامين كل الإصلاحات السياسية المطلوبة. وكل ما يتطلبه الأمر هو البدء بتحويل هذه الأوراق إلى تشريعات ضمن أجندات زمنية حتى نضمن مسارا تدرجيا آمنا في فترة زمنية محددة.

وهذه دعوة مني بأن نتوخى جميعا الحذر من الانزلاق إلى سيناريوهات خطرة، وأن نسمو فوق الخلافات الجانبية ونفكر جميعنا بالحفاظ على الدولة والانتماء للوطن الذي يتسع للجميع ونحترم تنوعه الذي ينبغي أن يكون مصدر قوتنا لا فرقتنا.

أضف تعليقك