عن فاتن أمل حربي و"التريند"

جدل كبير صاحب مسلسل "فاتن أمل حربي" وهو امر متوقع حيث يتناول المسلسل قانون الأحوال الشخصية المصري وما يتضمنه من معالجات لقضايا الطلاق والحضانة والنفقة والمسكن وغيرها.

باختصار يحكي المسلسل قصة أم لطفلتين تحاول الانفصال عن زوجها بعد أن عانت ما عانته من كافة أشكال العنف الجسدي واللفظي والنفسي.

 تصطدم "فاتن" بعد الطلاق بواقع مرير يعيقها عن تحقيق حلمها بالعيش بسلام مع ابنتيها نتيجة "ثغرات" في قانون الأحوال الشخصية استغلها الطليق لترفع قضية ضد القانون أمام المحكمة الدستورية.

تجد فاتن نفسها بعد مطالبتها بتغيير القانون محط اهتمام وسائل التواصل الاجتماعي لتتحول الى "تريند"، وإن كنت لن أخوض في تفاصيل المسلسل الذي كتب عنه الإعلام وحلله باستفاضة بين مؤيد  ومعارض، لكنني سأتناول تحديدا ما تضمنته إحدى الحلقات من تسليط الضوء لكيفية تعامل وسائل الإعلام مع قضايا الرأي العام المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان عامة والنساء خاصة وكيف أصبح الإعلام تابعا لوسائل التواصل الاجتماعي في الجري خلف "التريند".

في الحلقة 13 تقوم صحفية شابة بتصوير فاتن عند خروجها من المحكمة، يجد مدير التحرير في الفيديو وسيلة لرفع مشاهدات موقعه الالكتروني داعيا الصحفيين للتقليل من الكتابة او ما سماه "الرغي" والتركيز على الصورة والفيديو.

يقترح مدير التحرير عنوانا "لن تصدق بالفيديو شاهد ماذا فعلت السيدات بفاتن في المحكمة".

يعترض أحد الصحفيين تحت التدريب على العنوان باعتباره يعطي انطباعا خاطئا عن ما جرى فعليا في المحكمة، ليكون رد مدير التحرير الطلب من صحفي أخر تدريب الشاب وتعليمه ماذا يعني الـ"تريند".

يعكس هذا المشهد واقعًا اليمًا لوسائل إعلام باتت تلهث خلف حصد المزيد من المتابعات مع صعود مصطلحات "الترافيك" و"التريند"، تدفع هذه التبعية في عديد من الأحيان لتقديم محتوى فارغ ليس ذي فائدة للجمهور وفي حالات اخرى كما في حالة "فاتن" فإن الضرر يكون أكبر عبر تشويه الواقع للوصول الى مزيد من المتابعات والمشاهدات.

يجادل البعض على أفول نجم وسائل الإعلام المهنية في زمن الرقمنة ووسائل التواصل الاجتماعي خصوصا مع سرعة الوصول الى المعلومة وظهور أفراد استحوذوا على شريحة كبيرة من المتابعين وهم ما بات يطلق عليهم تسمية "المؤثرين".

تبقى هذه المقاربة، وإن كانت رائجة، غير منطقية فالفارق كبير بين أن يكون لك متابعين وأن تكون مؤثرًا أو قائدًا للرأي.

المؤثر هو من يصنع التغيير الإيجابي في المجتمع وقائد الرأي من يسهم في زرع القناعات لدى الناس تجاه قضية معينة، وهذا هو الدور الذي يفترض أن تقوم به وسائل الإعلام المهنية ذات المصداقية فصناعة المحتوى ليست بعدد المتابعين ولا بالترافيك صناعة المحتوى هي صناعة التغيير وبناء الأفكار.

نعم للأفراد الفاعلين على مواقع التواصل الاجتماعي المعروفين باسم "المؤثرين" دور في تقديم محتوى مسلي أو حتى توجيه الجمهور نحو شراء سلعة معينة، وهذا ليس بأي حال من الأحوال مجال للمقارنة مع الإعلام الرصين الهادف لكشف الفجوات والانتهاكات وإحقاق العدالة والتغيير نحو الأفضل.

أضف تعليقك