من المنتظر أن تلتئم الهيئة العامة لنقابة الصحفيين في اجتماع غير عادي يوم الجمعة المقبل لإنتخاب مجلس نقابي جديد ترشح له 35 مرشحا ومرشحة بين التنافس على الرئاسة والنيابة والعضوية.
الفارق في هذه الانتخابات أن نصف المرشحين لديهم تجارب سابقة لتجربة الترشح ( 18 مرشحا ) والنصف الآخر (17 مرشحا) يخوضون هذه التجربة للمرة الأولى في حياتهم النقابية، ومن بين مجموع المرشحين فان (9 ) منهم أعضاء في المجلس الحالي، مما يؤشر تماما إلى أن تجربتهم في البيت النقابي الحالي كانت مجدية لدرجة أنها منحتهم الفرصة لإعادة الترشح لإستكمال برامجهم النهضوية والإصلاحية التي نعمت النقابة بها طيلة الدورة الحالية وانعكست على الهيئة العامة "سحابا غدقا"، ولم نرى فيها"عوجا ولا أمتا".
ومن المؤكد أن غالبية المرشحين يتمنون لو تلتئم الهيئة العامة بنصابها القانوني صباح يوم الجمعة، لكن تجميع هذه الهيئة العامة الشهيرة بالكسل وإدارة الظهر، وعدم الإهتمام ببيتها النقابي قد تتكاتف لتفشل هذا الإجتماع غير العادي وبالتالي تطيل في عمر المجلس الحالي لنصف سنة أخرى لتعود للإجتماع في شهر نيسان من العام المقبل.
وبالرغم من أن خفوت صوت وحركة المرشحين لإستقطاب المؤيدين والأنصار حتى هذه اللحظة فان المزاج العام يشي بأن اجتماع الهيئة العامة لن يلتئم صباح يوم الجمعة المقبل ولربما هذا ما يعزز حالة السكون الإنتخابي الذي لم نتعوده في أية مواسم انتخابية سابقة، لكونه من الصعب تحشيد نحو 538 عضوا يمثلون النصف زائد واحد ممن يحق لهم المشاركة في الإقتراع.
وأيا تكن الإحتمالات فان انتخابات الصحفيين لا تزال تطبخ نيئة فلا برامج يرفعها المرشحون، ولا أحد في الحقيقة يطالبهم بها، ولا أحد يسأل، فتراخي الهيئة العامة واللامبالاة المزمنة التي حولتها مع كرور الأيام إلى حالة من الإستعصاء المرضي سمح لمجالس النقابة المتتالية الإنشغال بملفاة منتقاة"التأمين الصحي، العضوية" دون النظر إلى ملفات وقضايا أخرى لا تقل أهمية عن ملفاتها المكررة التي يشوبها الكثير من المشكلات التي أغرقت النقابة فيها على نحو "التأمين الصحي" الذي تعتوره مشكلات جوهرية عديدة يحتاج حلها لعمليات جراحية صعبة، ولقرارات نقابية جريئة لتصويب المسارات والمآلات.
اليوم والمجتمع الصحفي يواجه كل مشكلاته بسياسة إدارة الظهر، واللامبالاة، وعدم الإهتمام، فإنه سيعود في اليوم التالي لممارسة سيرته الأولى التي انفطر عليها، وساء أجريت الإنتخابات يوم الجمعة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، أو تم ترحيلها للشهر المقبل أو لشهر نيسان من العام المقبل فان مجمل سلوكياتنا لن تتغير، وسنبقى نعيش حالة النكران التي نتقنها.
المجلس النقابي الحالي أظنه أنجز أشياء ايجابية، لكنه وقع في أغاليط ونكسات لا يمكن نكرانها أو الاستهانة بها، لعل أقلها عدم انتظام اجتماعاته، وانقسامه على نفسه، وانشغاله بتبريد مشكلاته الداخلية، وتفكيك تحالفاته الباطنية التي تتغير وتتبدل إنسجاما مع تقلبات الطقس النقابي أحيانا، والمصلحي أحيانا أخرى.
ومن الملاحظ أن غالبية المرشحين للمواقع الثلاثة( الرئيس ونائبه، والعضوية ) لا يملكون رؤية واضحة يمكننا مناقشتهم في تفاصيلها، كما أنهم في معظمهم يترشحون لأنهم يريدون الترشح فقط، وكأن القضية بالنسبة لهم هي الوصول الى عضوية المجلس، وبعد ذلك يمكن الحديث فيما يستجد من مهمات قابلة هي الأخرى للنسف والتعطيل، والتأجيل.
ان نقابة الصحفيين بحاجة الى مجلس جريء يضع الأمور في نصابها بدون تريث او تراخي، وينتهج سياسة الشفافية فكل ما كنا نسمعه سابقا من المرشحين كان مجرد سحابة سوداء من الأكاذيب والخداع، والطموحات الزائفة، والوعود المضللة، شهدنا ذلك عبر سنوات عديدة مضت، وأظننا سنشهد مثلها في قادمات الأيام ما دامت المشكلات على حالها، وما دامت الهيئة العامة تحتاج لمن يستنهضها من سباتها ويحثها على العمل والالتفات إلى مستقبلها.
لنذهب يوم الجمعة لتأمين النصاب، لكننا بالتأكيد لن نعرف من سنختار من بين كل هذا الزحام من المرشحين، وفي هذه الفردانية الطاغية لم يقل لنا أحد منهم ماذا تعني الشجاعة والإستقلالية والمبادرة بالنسبة له.
أظنني كغيري تائه، لكنني ما زلت أملك حرية الإختيار.