عمّال الزراعة بلا حمايات خلال الشتاء

الرابط المختصر

غالبا ما يكون العمل في قطاع الزراعة موسميا، أي أنه خلال أشهر الشتاء يتأثر العاملون والعاملات في القطاع سلبا ويبقى الآلاف منهم دون عمل، وبخاصة خلال موجات الصقيع التي تأتي على المحاصيل الشتوية.

 

يقول مزارعون، في حديثهم لـ"المرصد العمّالي"، إن الشتاء صعب للغاية وما يتقاضونه خلاله يذهب للتدفئة، فيضطرون لضغط نفقاتهم، وأحيانا اللجوء للاستدانة لشراء الحاجات اليومية لحين حلول الموسم الجديد والعودة للعمل، ويشيرون إلى أنهم ينتظرون دعم وزارة الزراعة، رغم قلته. 

 

ويُقدّر خبراء أن عمل 80 بالمئة من العاملين في القطاع يتوقف خلال أشهر الشتاء، ما يعني أن 20 بالمئة فقط يعملون، ويشدد الخبراء على ضرورة تفعيل "نظام عمال الزراعة" الصادر في أيار 2021، الذي يضمن حصولهم على حمايات اجتماعية من شأنها تخفيف معاناتهم.

 

من جانب آخر، يؤكد لورنس المجالي، الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة، أن هناك فِرقا ميدانية تعمل على حصر الخسائر التي لحقت بالأراضي الزراعية خلال موجة الصقيع الماضية وأن العمل ما زال مستمرا لتحديد حجم الخسائر من أجل تعويض المزارعين وفق قانون صندوق المخاطر الزراعية.

 

العمل في فصل الشتاء 

يعمل "أبو خالد" في مزارع في الأغوار الشمالية منذ طفولته، "ورثت العمل بالزراعة من والدي وجدي وما زلت محافظاً على العمل في الـدونمات العشر التي لدي منذ وقت طويل"، ويرى أن المسؤولين لا يدركون أن القطاع الزراعي من دعائم الاقتصاد في الأردن.

 

ويوضح أبو خالد أنه لا يستطيع العمل خلال الشتاء "أغلب المنتجات في البيّارة محاصيل شتوية كالحمضيات؛ ما يعني العمل تحت المطر، ناهيك عن التكاليف المرتفعة مقابل الأسعار المتدنية للربح المتأتي من المحصول.

 

 ويلفت، في حديثه لـ"المرصد العمّالي"، إلى أنه "كل مرة بفصل الشتاء تضرب موجات الصقيع المحصول، نعتاش أسرتي وأنا من هذه البيّارة ولا يوجد مصدر دخل آخر" ناهيك عن عبء التدفئة خلال الشتاء، فمنذ بداية "المربعانية" لغاية هذا اليوم، بلغت تكلفة الكاز 70 ديناراً.

 

ويشير إلى أن موظفين من وزارة الزراعة جاءوا الأسبوع الماضي، ليطّلعوا على الخسائر التي لحقته. ويقول: "رغم أنّي لا أثق في تعويض وزارة الزراعة بسبب تجربة سابقة عندما حرق الاحتلال المحاصيل وكان هناك وعود بالتعويض ولم أحصل عليه، إلا أنّي سأنتظر ما ستقدمه الوزارة".

 

ويعتقد أن "تشكيل جمعيات تعاونية زراعية لتصدير المنتجات الزراعية وتخفيض تكاليف الإنتاج وإعفاء المزارعين من ديون مؤسسة الإقراض الزراعي، كلها حلول من شأنها تحسين أوضاع المزارعين".

 

أما يسرى السميرات، التي تعمل منذ أكثر من 7 سنوات في الزراعة، فتقول لـ"المرصد العمّالي"، إن العمل خلال أشهر الشتاء صعب، "أعمل ما يقارب عشرة أيام في الشهر، والأجر الذي أحصل عليه يذهب للتدفئة".

 

وتشير إلى أنها المعيلة الوحيدة لوالدتها، "أرى أن ظروفي أفضل من ظروف بعض العمّال ممن لديهم أطفال وأسرهم كبيرة ولديهم مصاريف يومية مضاعفة، فكيف لهؤلاء أن يستطيعوا العيش؟"

 

وتوضّح أن عمّال الزراعة تتراكم عليهم الديون للمحلات التجارية خلال الشتاء على أمل تحسن الوضع خلال الصيف وسداد الديون، "إذا اشتغلنا أكلنا وإذا ما اشتغلنا ما فيه أكل إلا بالدّين".

 

نظام عمال الزراعة "الموقوف" 

مثقال الزيناتي، منسق النقابة المستقلة للعاملين والعاملات في قطاع الزراعة، يقول إن العمل يقلّ أمام عمّال الزراعة خلال فصل الشتاء، "ما يُقارب 80 بالمئة من العمّال يتأثرون خلال أشهر الشتاء، و20 بالمئة فقط يعملون".

 

ويوضح أن بعض العمّال يتأثرون بصورة حادة عندما تتلف موجات الصقيع المحاصيل، ناهيك عن أن 70 بالمئة من الأراضي الزراعية تصبح "بورا" خلال الشتاء.. "بعض العمّال يعتمدون على جمع الأعشاب البرية؛ كالعكوب والخبيزة المتواجدة في البرية، وبيعها لسد حاجاتهم اليومية".

 

ويشير إلى أن النقابة وبالتعاون مع بعض الجمعيات، تقدم دعماً لمشاريع إنتاجية صغيرة تعود بالفائدة على عاملات الزراعة؛ كمشاريع تربية الثروة الحيوانية وتدوير النفايات، وصناعة المعجنات والحلويات.

 

ويؤكد حمادة أبو نجمة، الخبير في قضايا العمل والعمال، أن عمّال الزراعة تقل فرص عملهم خلال أشهر الشتاء، وبخاصة في موجات الصقيع، "نسب عالية من المحاصيل التي يعمل بها العمّال تتلف، ما يبقيهم دون عمل إلا إذا أعادوا زراعة الأراضي، وهذا الأمر يتطلب وقتا وجهدا وتكاليف كبيرة". 

 

ويشدد الزيناتي وأبو نجمة على أهمية تفعيل نظام عمّال الزراعة الذي أوقف العمل ببعض نصوصه حتى عام 2023، والذي من شأنه أن يوفر الحمايات الاجتماعية للعمّال ويخفف من معاناتهم.

 

ووفقاً للمادة "12" من نظام عمّال الزراعة فإن صاحب العمل "يلتزم بإشراك عمّال الزراعة لديه بالتأمينات المشمولة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي".

 

الوزارة تعد بدعم المزارعين

لورنس المجالي، الناطق باسم وزارة الزراعة، يقول لـ"المرصد العمّالي"، إن الفِرق الميدانية تعمل على حصر الخسائر التي لحقت بمواقع الإنتاج الزراعية خلال موجة الصقيع الأخيرة، وأن العمل ما يزال مستمراً لتحديد حجم الخسائر، وتعويض المزارعين وفقاً لقانون صندوق المخاطر الزراعية.

 

ويوضح أن الوزارة تعمل على حصر الخسائر معتمدة على معايير وتقديرات خاصة بالصندوق. 

 

ويؤكد أن الظروف الجوية لا يمكن إلغاؤها، وهي خارجة عن الإرادة، ولكن يمكن التخفيف من آثارها؛ "الوزارة مستمرة في دعم المزارعين والوقوف إلى جانبهم، من خلال التواصل معهم وتوعيتهم لتقليل المخاطر الواقعة على المحاصيل الزراعية". 

 

ووفقاً لقانون صندوق المخاطر الزراعية فإن المخاطر التي تصيب الممتلكات والمنتجات الزراعية تشمل، "الأخطار الطبيعية كالجفاف والثلوج والأمطار الغزيرة والبرد والعواصف والسيول والصقيع، كما تشمل أيضاً الآفات المرضية والحشرية والوبائية التي قد تصيب النبات والحيوان بشكل وبائي".