عميد معهد الإعلام: "الدراية الإعلامية" تحمي الأفراد من مخاطر المعلومات المضللة

الرابط المختصر

بعد 13 عاما على انعقاد مؤتمر الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية، لأول مرة يعقد في دولة عربية، حيث تستضيفه الأردن في ظل تحديات سياسية تواجه المنطقة.

ويجمع المؤتمر، الذي يمتد على مدار يومين ويتضمن 5 جلسات رئيسية أكثر من 30 متحدثا محليا وعربيا وعالميا، ويهدف إلى زيادة الوعي بالدراية الإعلامية والمعلوماتية، ولمناقشة أهمية الدراية الإعلامية والمعلوماتية في مواجهة التغيرات السريعة في إنشاء ونشر واستهلاك المعلومات ودور التعليم في تعزيز الوعي الإعلامي.

وتعرف "الدراية الإعلامية" بأنها قدرة الأفراد على تحليل وفهم المعلومات الواردة من مختلف وسائل الإعلام، مثل الأخبار والتلفاز والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتهدف إلى تعزيز مهارات التفكير النقدي لدى الجمهور، بما يساعدهم على تحليل المحتوى الإعلامي وتقييمه، ومعرفة دوافعه، والتمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة.

أما "التربية الإعلامية"، فهي عملية تعليمية تسعى إلى تزويد الأفراد، لا سيما الطلاب في المؤسسات التعليمية، بالمعرفة والمهارات اللازمة للتفاعل بفاعلية مع وسائل الإعلام. وتركز على فهم التأثيرات الاجتماعية والثقافية والنفسية للمحتوى الإعلامي، وتساعد الأفراد على إنشاء وتطوير محتوى خاص بهم، بالإضافة إلى تعزيز وعيهم بتأثير الإعلام على الأفراد والمجتمعات.

عميد معهد الإعلام الأردني الدكتورة ميرنا أبوزيد تقول في حديث لـ "عمان نت" إننا نعيش في عصر الإعلام والتواصل والمعلومات، حيث يقضي الفرد ما بين  16 إلى 17 ساعة يوميا على الإنترنت، ما يعنى أننا في حالة إغراق معلوماتي،  ومع ذلك فإن المحتوى المتوفر غالبا ما يكون غير مفيد او دقيق أو موثوق، مما أسهم في انتشار المعلومات المضللة وتزايد محاولات التلاعب واستهداف الجمهور للتأثير في ارائه.

لذلك، بحسب أبو زيد يسعى العالم اليوم الى البحث في سبل حماية الأفراد والمجتمعات من مخاطر المعلومات المضللة، وخطاب الكراهية، إضافة إلى الحد من اثار التحيز والتنميط المنتشر على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل تطور أدوات التوليد الرقمي والذكاء الاصطناعي التي قد تزيد من تعقيد هذه التحديات.


 

جهود الأردن 

أبرزت إحدى الجلسات خلال المؤتمر إنجازات الأردن في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية، حيث تحدث في الجلسة الوزارية وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي المحافظة عن الجهود المبذولة في الأردن لإدماج مفاهيم التربية الإعلامية فى المناهج الوطنية على مستوى المدارس والجامعات.

ويشير محافظة إلى أن  الأردن أول دولة عربية رائدة تتبنى خطة متكاملة رسمية في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية، ترتكز على إدخال مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية ونشرها عن طريق المؤسسات التعليمية والشبابية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني، مضيفا أنه في الوقت ذاته وفرت هذه البيئة فرصة جيدة للتعلم وتمكين الأجيال الناشئة من خلال استغلالها بشكل إيجابي، موضحا أنه لتحقيق هذه الغاية أُعدت كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية التي تعد أحد أهم المجالات الأساسية ضمن مهارات القرن الـ21.

ويؤكد  ضرورة الانتباه للاستخدام غير الحكيم لوسائل التواصل والإعلام الرقمي وما يتضمنه من نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، مما يستدعي حاجة ملحة لتعامل المجتمع مع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، مشيرا إلى أن الأردن خطأ منذ عام 2016 أولى خطواته نحو نشر الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وأصبحت مفاهيمها مطروقة وسط النخب ودوائر صنع القرار، مع بدء سلسلة من المشاريع التي نفذت في مناطق متعددة في المملكة.

وفي هذا الصدد،  قامت الوزارة بتدريب ما يقارب 3000 معلم ومعلمة في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية، مما زاد من إدراك المجتمع لأهمية هذا المجال، حيث تبنت الحكومة عام 2019 نشر الدراية الإعلامية والمعلوماتية في المدارس والجامعات ضمن قائمة أولوياتها، وأقرت من خلال مجلس الوزراء عام 2020 الخطة الوطنية لنشر الدراية الإعلامية والمعلوماتية، والتي شكلت خطوة متقدمة في هذا المجال.

وبناء على مسؤولية المركز الوطني للمناهج واستجابة للخطة التنفيذية الوطنية، أصدر المركز عام 2022 إطارا خاصا لإدماج كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج الأردنية، وتم اعتماد هذا الإطار بعد تحكيمه كمبادرة أولية، بهدف تضمين مفاهيم التربية الإعلامية في المناهج من مرحلة الروضة وحتى الثانوية العامة.


 

ما هي التحديات؟

توضح عميد معهد الإعلام الأردني، الدكتورة ميرنا أبوزيد أن هناك العديد من التحديات التي تواجه التعليم والتدريب في مجال التكنولوجيا، وأبرزها  التطور المستمر للتقنيات الحديثة، مشيرة إلى أن محاولات توعية المجتمع حول استخدامات تقنية معينة تتصادم احيانا مع ظهور تقنيات جديدة وأقوى، مما يستدعي جهودا متواصلة وعملا مستمرا للحفاظ على مستوى عال من الوعي لدى المستخدمين، وبما أن كل شخص متصل بالإنترنت ويستخدم الأدوات الرقمية يحتاج إلى مواكبة هذا التطور، يجب أن تكون الجهود الجماعية للفرق المعنية كبيرة ومنسقة لتعزيز هذا الوعي.

من ناحية أخرى، تشير أبو زيد إلى أن الجهود التوعوية تتركز غالبا في القطاع التعليمي، حيث يسهل الوصول إلى الطلاب ضمن المؤسسات التعليمية، إلا أن هناك شرائح كبيرة من المجتمع خارج إطار التعليم  الرسمي في  المدارس والجامعات، وهي بحاجة أيضا إلى التوعية .

كما أبرزت الدروس المستفادة من جائحة "كورونا"، حيث انتشرت معلومات مضللة عن أساليب الوقاية والعلاجات الوهمية، وخاصة بين كبار السن، معتبرة  أبو زيد أن هذا الأمر يشكل تحديا إضافيا يستدعي بذل جهود كبيرة للوصول إلى مختلف فئات المجتمع، كي لا يبقى أحد خارج نطاق الوعي والتثقيف.

وتؤكد أن للإعلام دورا كبيرا في نشر الوعي من خلال منصاته المتنوعة، نظرا لقدرة الإعلام على الوصول إلى جميع شرائح المجتمع، مما يعزز من انتشار المفاهيم التوعوية المطلوبة.


 

مخرجات المؤتمر

يسعى المؤتمر في الخطوة المقبلة إلى بناء شراكات وتحديد الأطر بين مختلف القطاعات المعنية، بهدف إنجاح هذه الشراكات وجعلها بشكل مؤسسي لضمان استمراريتها، لان المسيرة تتمثل في التعلم مدى الحياة.

كما سيتم إبراز "إعلان عمان" الذي من المتوقع أن يحدث تأثيرا كبيرا على المجتمع العربي والاعلام العالمي، حيث تتطلب هذه الجهود موارد هائلة واستثمارات لتحقيق أهدافها.

هذا وانطلقت، أعمال المؤتمر والتي تحمل بنوان الحدود الرقمية الجديدة للمعلومات والدراية الإعلامية والمعلوماتية من أجل المصلحة العامة، بتنظيم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو وبالشراكة مع وزارة الاتصال الحكومي.