عقدان من تولي الملك سلطاته..تحديات كبيرة..واستراتيجية بقاء‎

الرابط المختصر

 تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية، بالذكرى العشرين لجلوس الملك عبد الله الثاني، على العرش وتوليه الحكم في 7 شباط\فبراير 1999 بعد وفاة والده الملك الحسين، عقدان شهدا تحديات إقليمية وداخلية، استطاعت المملكة الانحناء أمام عدد منها واتباع استراتيجية البقاء أمام عدد آخر.





خلف الملك الشاب والده الحسين، الذي أدار البلاد لأكثر من أربعين عاما، الأمر الذي اعتبره أمين عام حزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني، جميل النمري، أول تحد واجهة الملك عبدالله الثاني وهو "سد الفراغ الذي خلفه الملك الراحل الذي مكن الأردن بموقعه الجيواستراتيجي من تجاوز الكثير من الأزمات بحنكة".





وواجه العاهل الأردني تحديات اقليمية في مسيرة حكمه للبلاد، لخصها النمري في حديث لـ"عربي21"، بـ"احتلال العراق وتداعياته على الأردن، ثم ثورات الربيع العربي، والحرب في سوريا، وتمكن الأردن من عبور هذه التحديات بأقل الخسائر قياسا مع ما شهدناه في الوطن العربي، ليأتي التحدي الأكبر إقليميا وهو الملف الفلسطيني وتراجع فرض السلام، وتعاقب حكومات متطرفة على إسرائيل".





وقال النمري: "حافظ على الأردن على موقف وطني ثابت في الملف الفلسطيني، وحمل الملك بكفاءة الملف الفلسطيني والقدس إلى المحافل الدولية، ومازال هذا التحدي قائما، وله سيكون له ابعاد سياسية واقتصادية، وامنية على الأردن الذي اظهر موقفا متميزا بخصوص صفقة القرن وتغلب على الضغوط التي تعرض لها، في وقت بدأنا نشهد فيه موت سريري صفقة القرن غير الواقعية ولا تلبي الحقوق، وكونها صنعت على أيدي هواة منحازون الى الاحتلال".







استراتيجية بقاء



وحملت السنوات الماضية، ملفات صعبة لنظام الحكم في الأردن، من أبرزها التحدي الاقتصادي الداخلي الذي مازال حاضرا، وانخراط الأردنيين في موجة الربيع العربي التي انحنى امامها النظام وامتص ارتداداتها، الى جانب تحديات خارجية، عصفت بتحالفات الأردن الإقليمية، ومستقبل القضية الفلسطينية.





الوزير الأسبق، صبري ربيحات، رآى في حديث لـ"عربي21" أن "تحديات اقتصادية، وأمنية، وإصلاحات سياسية، واجهت المنطقة العربية بشكل عام والأردن بشكل خاص، ونجح الأردن نسبيا في الحفاظ على استقراره، لكن دون تحقيق إنجازات مهمة في تلك الجوانب، لأسباب داخلية وخارجية، من أبرزها تغير منظومة الحلفاء التقليدية التي كان الأردن يعمل ضمنها، وكان مطلوبا من الأردن العمل على أدوار يكافأ عليها بالقطعة".

 

وأضاف: "بمعنى أنه لم يكن للأردن حلفاء استراتيجيون يقيم معهم شراكة دائمة، أو تنفيذ برامج ذات تأثير ومردود، وكانت استراتيجية الأردن استراتيجية بقاء".



وقال ربيحات: إن "ما حدث في الملف الفلسطيني، مزعج وخلط كل تحالفات المملكة، سواء مع الولايات المتحدة او اسرائيل التي بحثت عن حلفاء جدد دون وساطة الأردن".







ومازالت المملكة تواجه أكبر هواجسها من بطالة مرتفعة، وجيوش من المتعطلين المحبطين، ونمو اقتصادي متواضع، إذ يعاني من ارتفاع كبير في معدلات البطالة وصلت الى 18.6% الى جانب ارتفاع التضخم الاقتصادي، بنسبة 3.7% نتيجة فرض ضرائب على سلع اساسية، ابرزها المحروقات، وارتفاع مديونية المملكة في نهاية تموز/ يوليو 2018 حوالي  39 مليار دولار أو ما نسبته 96.4% من الناتج المحلي.





وزادت الأوضاع الاقتصادية سوءا بعد أن توغلت الحكومات الأردنية في برامج "التصحيح الاقتصادي" التي وضعها صندوق النقد الدولي منذ 1989  بعد أزمة اقتصادية خانقة، وشكل هذا البرنامج جوهر السياسات الاقتصادية للحكومات الأردنية المتعاقبة، التي طبقت شروط الصندوق للحصول على قروض ميسرة، وقامت الحكومات طيلة هذه السنوات برفع أسعار ورسوم سلع أساسية، وفرضت عددا كبيرا من الضرائب، وخصصت مؤسسات في القطاع العام، الأمر الذي اعتبره الأردنيون "سياسة جباية وإفقار".





وأشار ربيحات إلى أن "التحدي الاقتصادي شكل تهديدات جذرية، للنظام في الأردن ولهوية الحكم"، معتبرا "أن الأردن استطاع الانحناء أمام الربيع العربي باستخدام استراتيجية الأمن الناعم، وساعد الأردن كذلك فشل الأنظمة العربية التي وقعت بها ثورات بخلق أنظمة بديلة، مما جعل الأردن أكثر حكمة في تعامله مع الربيع العربي".





تحديات داخلية



وشكلت العشائر الأردنية تاريخيا داعما للنظام والدولة الأردنية، إلا أن ظروفا اقتصادية ترافقت مع تهميش لبعض القيادات العشائرية لصالح شخصيات "ليبرالية"، جعلت افرادا من العشائر ينتقلون من مربع الولاء الى مربع المعارضة، للمطالبة بـ"إعادة أموال القطاع العام التي خصخصت ومحاربة الفاسدين".







وقال الناشط في حراك ذيبان، محمد السنيد لـ"عربي21" إن "أبرز التحديات التي واجهت الملك خلال العقدين الماضيين، هي وجود بطانة غير قادرة على إدارة الدولة، ونفذت هذه البطانة التي تتبع لليبرالية برنامج الخصخصة وبيع مقدرات البلاد مثل شركات الكهرباء،والفوسفات، والميناء، والمياه، والاتصالات، والتي رفعت بدورها الأسعار والخدمات على المواطن".



وحسب السنيد، "خلقت هذه الطبقة الليبرالية فجوة كبيرة غير مسبوقة بين النظام والشعب الأردني؛ بسبب رفع الأسعار والضرائب، ولجوء الحكومات التي يعينها الملك الى جيوب الأردنيين لتعويض خسائر تلك الشركات، وتعويض الدعم المالي الذي كانت تلك الشركات توفره لخزينة الدولة".



وتخشى السلطات الأردنية من تكرار ما عرف بـ"احتجاجات الرابع" التي أطاحت العام الماضي، بحكومة رئيس الوزراء السابق هاني الملقي، اذ ما يزال عشرات الاردنيين يعتصمون مساء كل خميس منذ عام  في محيط رئاسة الحكومة، للمطالبة بتغيير النهج الاقتصادي واجراء إصلاحات سياسية، إلى جانب محاربة الفساد.