عاملات منازل يتعرضن لظروف عمل صعبة وسط قصور في نظامهن الخاص

الرابط المختصر

لم تكن تعلم اللاجئة السورية مها وهو اسم مستعار، بأن لجوئها إلى الأردن سيدفعها الى أن تكون عاملة منزل إلى جانب العديد من الأردنيات العاملات في هذه المهنة، لتوفير أبسط احتياجاتهن الأساسية، في وقت لا يحصلن فيه على أبسط حقوقهن في العمل.

وتقول الثلاثينية مها وهي عاملة منزل في حديث لـ "عمان نت" بأنها تمكنت من الحصول على هذه المهنة عن طريق شركة خاصة لتوظيف عاملات المنازل،  حيث يقع على عاتق الشركة  توفير عمل للعاملات بنظام العمل اليومي ضمن ساعات معينة، إلى أصحاب المنازل التي تحتاج إلى عاملة نظافة.

مع تراجع فرص العمل، وجدت مها وظيفة لها كعاملة نظافة، كونها المعيلة الوحيدة لأسرتها المكونة من ثلاثة أفراد، دون إدراكها ما ستواجهه من نقصان في حقوقها، ومع ذلك  تضطر للعمل لأكثر من 8 ساعات يوميا، بلا راحة أو يوم إجازة، في ظل ظروف عمل صعبة، وما يدفعها لمواصلة ذلك تردي أوضاعها الاقتصادية، رغم العديد من التجاوزات على حقوقها.

ولا يختلف حال الأردنية أم ورد عن مها، التي تعاني هي الأخرى  من تحديات عديدة، لعل أبرزها حصولها على أجر أقل مما تستحق، ودون حصولها على إجازة عمل، غير أنها لا تتلقى أي تقدير كاف من قبل أصحاب المنازل، في وقت لا توفر  شركة التنظيف التي تعمل لديها أي نوع من الحماية في حال تعرضت الى أي انتهاكات من قبل أصحاب المنازل.

 

انتشرت خلال الفترة الماضية العديد من الشركات الخاصة التي تقوم على توفير فرص عمل لعاملات المنازل، من خلال اتفاق مسبق مع العاملة على قيمة الأجر والذي يصل ما بين 25 إلى 30 دينارا خلال 6 ساعات عمل يومية، على أن تحصل الشركة على أكثر من النصف المبلغ الذي تتقاضاه العاملة، مما تضطر العاملات العمل لساعات أطول دون اجازة، بحسب تجربة أم ورد.

هذه الانتهاكات ذكرها تقرير أخير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" بحق عاملات المنازل  لعل أبرزها عدم دفع الأجور، وظروف عمل غير آمنة، وساعات عمل طويلة،  ومصادرة وثائق، والاعتداء اللفظي والبدني والجنسي، مطالبا الجهات المعنية بضرورة معالجة هذه الاختلالات.

يسمح القانون للسوريين العمل بمهنة النظافة فهي من الخيارات المتاحة أمامهم في سوق العمل، كما أن هذا القطاع من القطاعات التي تمثلها النقابة العاملة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة بموجب قرار التصنيف المهني الذي صدر مؤخرا عن وزير العمل، الأمر الذي منح العاملات في القطاع مظلة نقابية تمثلهن وتدافع عن حقوقهن وتسعى لتوفير بيئة عمل آمنة ولائقة، وفق ما كفلته التشريعات النافذة.

رئيس النقابة خالد أبو مرجوب، يشدد على ضرورة تطوير منظومة التفتيش على العمل، كي تستجيب لطبيعة المخالفات في قطاع العمالة المنزلية والشكاوى الواردة من عاملات المنازل.

ويوضح أبو مرجوب بأن هناك ضعف في توعية عاملة المنزل بأهمية ممارسة حقها النقابي، لحمايتها من الانتهاكات التي قد تتعرض لها، معتبرا أن طبيعة هذه المهنة تفرض على العاملة عدم تحصيلها لحقها، خاصة وأنها تواجه هذه الانتهاكات داخل منازل مغلقة، و تحتاج إلى موافقات رسمية للتعامل معها.

تقديرات النقابة تشير إلى أن هناك الآلاف في المملكة يمتهنون العمالة المنزلية، بينما 95  %  من العمالة القادمة من الخارج، خاصة الدول الآسيوية، وبعض الدول الأفريقية، مما حرصت الحكومة على سن قوانين لحماية حق العاملات في هذا القطاع من حيث الحصول على إجازة، منها الإجازة المرضية،  والحق في عدد ساعات عمل محددة، بثمانية ساعات، والاشتراك في الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى منحهم الحق في السفر.

 

وكانت الحكومة قد أصدرت نظاما يسمى بنظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم عام 2009، والذي يخضع لأحكام نظام تنظيم المكاتب العاملة في استقدام غير الأردنيين العاملين في المنازل، و يتعلق بالمهام المنزلية كأعمال التنظيف والطبخ وكي الملابس وإعداد الطعام ورعاية أفراد الأسرة وشراء احتياجات المنزل ومرافقة المرضى وذوي الإعاقة والبستنة وما في حكم أي منها.

إلا أن المتخصصة بالقضايا العمالية والاتجار بالبشر من مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان المحامية أسماء عميرة تؤكد أن هذا النظام لم ينص على كافة الحقوق للعاملات، ولم تصدر اي تعليمات بموجبه حتى اللحظة.

وتوضح عميرة أن قانون العمل لا يميز بين العاملة الاردنية وغير الأردنية، معتبرة أن هذا النظام سيخلق تميزا واضحا بالحقوق ما بين العاملات من جنسيات مختلفة.

كما أن هناك مذكرات تفاهم قد صادق عليها الاردن، تنص على ضرورة انتساب عاملات المنازل الى الضمان الاجتماعي، الا ان هذه النصوص القانونية غير مطبقة على أرض الواقع بحسب عميرة.

 

من جانبه، يؤكد مدير مديرية العاملين في المنازل في وزارة العمل فايز الجبور  ان الوزارة لديها أنظمة وقوانين خاصة تكفل الحماية القانونية لكافة عاملات المنازل .

ويشير الجبور إلى أنه في حال ورد للوزارة  أي شكوى من قبل العاملات تتعرض لأي انتهاك في أي من حقوقها عن طريق المنصة المتخصصة لحماية عاملات المنازل، يقوم قسم التفتيش في وزارة العمل بالتواصل مع صاحب المنزل أو الشركة المشغلة، لاتخاذ الإجراءات المناسبة.

كما يحق للعاملة وفق نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها، الحصول على  كافة حقوقها التي كفلها النظام، والمتمثل بدفع الأجر، أن يكون لها غرفة مستقلة مناسبة ومهيأة، والاتصال بأسرتها في أي وقت وأن يتم منحها يوم اجازة اسبوعية، بحسب الجبور.

أما فيما يتعلق بالشركات المرخصة قانونيا التي تعمل على تشغيل العمالة المنزلية، يؤكد الجبور أن على تلك الشركة الالتزام بالأنظمة والقوانين، من حيث شمول العاملات تحت مظلة الضمان الاجتماعي، وحصولهن على الحد الأدنى للأجور والإجازات، وغير ذلك تكون مخالفة وتتخذ الإجراءات القانونية وفق القانون.

 

هذا ودعت هيومن رايتس ووتش ومركز تمكين للمساعدة القانونية في تقرير مشترك  لهما، الى ضرورة تطبيق تدابير الحماية القانونية المكفولة لعاملات المنازل الوافدات والمعمول بها على مدار السنوات الثلاث الماضية. وقالت المنظمتان إن القوانين والأنظمة الجديدة الصادرة منذ عام 2008 تمنح عاملات المنازل الحق في ساعات عمل محددة وأيام عطلة أسبوعية، وتجرّم الإتجار بالبشر، إلا أن التطبيق ما زال مهملا.

 

أضف تعليقك