ظروف عمل "قاسية" تفرضها الموجة الحارة على عمّال المياومة

يواجه العمّال الذين تتطلب طبيعة عملهم الوقوف تحت أشعة الشمس، والتعرّض لأجواء الرطوبة فترة طويلة، تحديات عديدة تُشكل خطرًا على حياتهم وصحتهم ومهنتهم، يعاني من تأثيراتها عمّال المياومة بدرجة لا تقل عن معاناة تعطّل أعمالهم خلال أزمة فيروس (كورونا المستجد).

تحذيرات متكررة من خطر التعرض المباشر للشمس، وجهتها دائرة الأرصاد الجوية إلى المواطنين، في ظل استمرار المملكة تحت تأثير الموجة الحارة، بدوره بيّن موقع طقس العرب أن درجات الحرارة سجلت 41 درجة مئوية في العاصمة، ومن المتوقع أن تصل في ساعات الظهيرة إلى 42، بحسب موقع طقس العرب، مشيرًا إلى أن الموجة الحارة تبلغ ذروتها اليوم الأحد وغدًا الإثنين.

الأمر الذي دعا "المرصد العمّالي" إلى البحث عن تبعات هذه الأجواء على حياة وصحة العاملين، وتأثيرها المباشر على ظروف عملهم وجودته.

يواجه العامل (محمود)، الذي يعمل في قطاع الإنشاءات، ظروفًا قاسية تتلخص بصعوبة العمل جرّاء الارتفاع الملموس على درجات الحرارة هذا العام، حيث اضطر للبحث عن مهنة ثانية في قطاع آخر، رغم أن مردودها أقل، عازيًا تخليه عن مهنته الأولى لـ"عدم احتماله العمل تحت درجات الحرارة العالية في حين يصرّ صاحب العمل على ذلك".

من جانبه، قال (فارس) عامل البناء: "نحن مجبرون على مواصلة عملنا، حتى لو كان تحت هذه الشمس الملتهبة، لأننا ببساطة نعمل لحسابنا الخاص، فاليوم الذي لا نعمل فيه نحمل همّه، لدينا أسر مسؤوليتها تقع على كاهلنا، لذا نحن لا نرفض أي عمل يسند إلينا حتى لو امتدت ساعات العمل لأكثر من 10 ساعات".

(محمد)، صاحب شركة انشاءات يؤكد أن الأمر يصبح أصعب خاصًة في فصل الصيف،عامًا بعد عام، حيث تقلّ فرصة إيجاد عمّال يتقبلون فكرة العمل في الأجواء الحارة، ويزداد الأمر تعقيدًا في إلزامية تسليم مشروعه في وقت محدد ما يضطره لتشغيل عمّال يقبلون بالعمل ساعات طويلة يوميًا يتخللها ساعة غداء، قائلًا إنه يدفع أجرًا يوميًا لكل عامل بحسب طبيعة عمله يتراوح ما بين 15 و20 دينارًا.

وبالانتقال إلى قطاع آخر، يشارك قطاع الإنشاءات في معاناة العمل تحت أشعة الشمس الحارّة، تقول (زهور)، أحد العاملات في مزارع الغور: "كل فتيات الغور يعملنّ في المزارع تحت الشمس في الصيف والبرد في الشتاء، دون مراعاة من صاحب العمل الذي يقف أحيانًا فوق رؤوسنا يستعجل العمل دون رحمة"، أما (سِهام) فتقول: "نتعب في الشمس الحارقة، ونشكي لكنهم لا يسمعونا، أصابتني ضربة شمس مرتين، بقيت أسبوعين وأنا مريضة، تعالجت منها وعدت للعمل، كل العمل يؤثر علينا، على ظهورنا وأجسامنا، واليوم الذي لا أعمل فيه لا آخذ عليه أجرًا".

في هذا الشأن يصف رئيس النقابة العامة للعاملين في القطاع الزراعي (مثقال الزيناتي) الوضع بـ"القاسي والصعب، وفيه ضرر كبير على العمال" مشيرًا إلى أن ما نسبته 80 بالمئة من العاملين في القطاع  الزراعي من النساء، وأن غالبية العاملين في القطاع من العمّالة الأردنية، في إشارة واضحة إلى انخفاض العمّالة الوافدة.

ويؤكد (الزيناتي) أن النقابة لم تشهد هذه الأيام حالات وفاة أو أضرار خطرة على العاملين موعزًا ذلك إلى إجراءات السلامة التي فُرضت على العمال بمباشرة العمل هذه الأيام من الرابعة صباحًا إلى العاشرة صباحًا، ومن الخامسة بعد العصر إلى العاشرة مساءً، حيث تقتصر الأعمال حاليًا على الريّ. 

ونظرًا لضعف حركة التسويق وعدم وجود سقوف سعريّة مناسبة بيّن (الزيناتي) عجز الكثير من المزارعين عن دفع الإيجار للعاملين، مشددًا أن النقابة ترفض التأخير أو تفسيره وتبريره من قبل أصحاب المزارع.

تحديات ظروف العمل نتيجة تغير المناخ خاصة في قطاعي الإنشاءات والزراعة ، كانت جوهر تقرير منظمة العمل الدولية نشرته العام الماضي توقع "أن تؤدي زيادة الإجهاد الحراري الناتج عن الاحترار العالمي إلى خسائر عالمية في الإنتاجية تعادل 80 مليون وظيفة بدوام كامل في العام 2030".

وأشار التقرير إلى ارتفاع درجات الحرارة في العالم بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن، وأنه في العام 2030 سيضيع 2.2% من إجمالي ساعات العمل في جميع أنحاء العالم بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وهذا يعادل خسائر اقتصادية عالمية قدرها 2.4 مليار دولار أميركي.

ويعتمد التقرير، الذي حمل عنوان "العمل على كوكب أكثر دفئا: تأثير الإجهاد الحراري على إنتاجية العمل والعمل اللائق"، على بيانات مناخية وفيزيولوجية وبيانات التوظيف، ويقدم تقديرات لخسائر الإنتاجية الحالية والمتوقعة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.

ويعني الإجهاد الحراري وصول درجة الحرارة إلى مستوى يتجاوز ما يمكن أن يتحمله الجسم دون التعرض لتدهور نفسي، وهذا يحدث عادة عند درجات حرارة تتخطى 35 درجة مئوية، في مناخ عالي الرطوبة.

أضف تعليقك