(طوابير الجوعى) تنتقل من الدول الاشتراكية الى الرأسمالية في رمضان

الرابط المختصر

يبدو ان توزيع الحصص الغذائية على الفقراء قد انتقل من الدول الاشتراكية الى الرأسمالية في شهر رمضان، فلا تستغرب مشهد "طوابير الجوعى" التي تنتشر قبل الإفطار أمام الخيام والتكيات المنتشرة في أنحاء متفرقة من المملكة.إطعام الفقراء كخطوة تعتبر مبادرة جيدة بحد ذاتها على الرغم من ان العديد من هذه الخيم وجدت للترويج لمأكولات مطعم ما أو شركة اتصالات كبيرة، لكن البعض يرى في هذه الخيم و جموع الناس المتجمهرين حولها مؤشر على تدهور الوضع الاقتصادي للمواطن الذي بدأ يتعود على مشهد الطوابير والتي كان أولها " طوابير صرف دعم المحروقات".

المحلل الصحفي فهد الخيطان يرى ان هذه الطوابير تزداد كل سنة ويقول " هذا مؤشر على تفاقم مشكلة الفقر في الأردن فمظهر المئات يصطفون على مداخل التكيات وموائد الرحمن في عمان تحديدا تزداد من سنة إلى سنة وهذا يؤشر على أمرين أولا أن الفقراء في المدن هم بأعداد كبيرة لكن لا نلاحظهم إلا في هذه المناسبات. ثانيا ربما هي تعبير عن مشكلة الاغتراب في مدنية بدأت تكبر بسرعة مثل عمان هناك آلاف من حالات الاغتراب سواء من الأردنيين أو غير أردنيين لا يستطيعون بسبب ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية من الوفاء بالالتزامات الشهر ولذلك يجدون في هذه التكيات والموائد وسيلة مناسبة للحصول على وجبة الإفطار ".

وبحسب الخيطان فأن ظاهرة الطوابير كانت فقط ترتبط باقتصاديات الدول الموجهة أي باقتصاديات الدول الاشتراكية سابقا والشيوعية لكن الحاصل الآن " ان الحصص الغذائية للمواطنين أصبحت تنتقل إلى الدول الفقيرة التي اعتمدت النظام الرأسمالي للأسف، و بالنسبة للأردن أصبحت الثروة تتركز بشكل كبير بيد نسبة لا تزيد عن 8 % من السكان فيما تقريبا 90 % من الشعب هم من بين المتوسط والفقير ومع استمرار سياسات الخصصة وسياسيات رفع الدعم وخروج الدولة من الاقتصاد يزداد الضغط على الفئات المتوسطة التي تنتقل تدريجيا إلى الفئات الفقيرة ، وهذه الطوابير في قضايا المحروقات أو طوابير موائد الرحمن ومظاهر أخرى كثيرة هي كلها مؤشرات أن دائرة الفقر تتسع في البلاد بمعنى انه لم يعد مجرد جيوب الفقر هنا وهناك أنما هو ظاهرة عامة تتسع تدريجيا ".

وجزء لا بأس به من "طوابير الجوعى" يصطف على أبواب تكية أم علي التي تقدم الحصص الغذائية بالإضافة الى التبرعات العينية، وحسب المشرفين على التكية يتجاوز عدد مرتادوها الـ 100 شخص، وتقول عبلة الطباخي رئيسة قسم البحث الاجتماعي في تكية أم علي " يتجاوز عدد القادمين إلينا في تكية أم علي 100 شخص وفي بعض الأيام يكون لدينا زيادة ما بين 30 إلى 35 عن العدد المقدر، يتم إدخال أي عدد من الأشخاص دون تحديد عدد معين حتى لو وصل العدد إلى 300 شخص نحن قادرين على تامين احتياجاتهم حيث نحاول أن نلبي كافة احتياجاتهم بالقدر المستطاع، على الرغم من عدد المسجلين لدينا تحت خط الفقر أكثر 770 ألف مواطن ".

الحكومة تقول ان معدلات الفقر بانخفاض، وهذا يعاكس الواقع الملموس، فالمؤشرات عديدة تدل على تدهور الوضع الاقتصادي للمواطن في حال إذا اعتبرنا ان هذه المؤشرات تدلل على ارتفاع وانخفاض معدلات الفقر ومن ابرز هذه المؤشرات انخفاض القوة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار وأجور النقل ومشاهد الطوابير على أبواب التكيات، فهل يصدق المواطن الأردني أرقام الحكومة الرسمية التي تقر بانخفاض معدلات الفقر أم يصدق وضعه المعاش؟

الخيطان يقول ان المشكلة في أسلوب قياس زيادة الفقر فالحكومة تعتمد معيار مختلفة ولكن في تقديره هي غير دقيقة "الفقر في الأردن يزداد وإذا كنا أكثر دقة نقول أن تحديات ظروف الحياة تدفع الفئات الاجتماعية كبيرة إلى مراتب أدنى في السلم الاجتماعي، بمعنى انه ربما لا يصل الناس إلى حد الفقر المتعارف علية بتعريف البنك الدولي ، لكن كثير من الفئات المحسوبة على الطبقة الوسطى تخسر مكانتها الاجتماعية بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والتضخم وتنتقل إلى شريحة اجتماعية أدنى ولذلك إذا رجعنا مستوى متوسط دخل الفرد في الأردن عموما هو بحدود اقل من ألفين دولار بقليل إذا ما قارنا مع الارتفاع المتكرر للأسعار، وانخفاض قيمة القوة الشرائية لدينار ببساطة نستطيع أن نصل إلى استنتاج بان الفقر في الأردن بازدياد ، وان لم تكن ملامحه التقليدية ظاهرة دائما في كل المناسبات وبرايء أنا الفقر دائما بازدياد ".

يبدو ان الحكومة لا تشتم رائحة الفقر، فأرقامها تشير الانخفاض في مستوى الفقر لكن الشارع الأردني لم يلمس أي تحسن ولا يزال يعيش الفقر في حياته اليومية، فما هذا العدد الكبير أمام التكيات إلا مؤشرا على ذلك . فهل نصدق طوابير الجوعى أم أرقام الحكومة؟

أضف تعليقك