طرق بطوابق في عمّان

الرابط المختصر

لا ادري لماذا تصر وزارة الأشغال العامة والإسكان على التدخل بشؤون البلديات، الا تكفي مشكلة الطرق النافذة التي شتت الجهود وبعثرت المسؤوليات، لتكرر هذا النهج بإقتراح الطريق المعلق داخل مدينة عمّان وعلى أحد أهم شوارعها والذي تعود ملكيته للأمانة والتي تدير ملف النقل والمرور وفقاً لقانونها، ولديها إلتزامات بحقوق تطوير مع المستثمرين يتوجب المحافظة عليها، ولديها خطط لمسارات الباص السريع والتي لا تمر بشارع الملك عبد الله الثاني (شارع المدينة الطبية) حسب الخرائط المنشورة. 

أليس من الأجدر أن تلتزم الحكومة بما جاء بمخطط عمّان الشمولي والقاضي بتنفيذ الطريق الدائري الغربي (عين الباشا-الكمالية-ماحص-ممر عمّان التنموي) والذي سيحول السير القادم من شمال المملكة الى جنوبها وبالعكس بعيداً عن الشوارع الشريانية والتي اعتمدتها الأمانة كمحاور للتكثيف العمراني على المحاور، فزادت الكثافة المرورية على هذه الشوارع ليأتي الإعلان عن طرح عطاء دراسات لعمل جسر بطول 15 كيلومترات يمر فوق شارع الملك عبد الله الثاني.  

حتى لو سلمنا بالمقترح الذي تحدث عنه دولة الرئيس الخصاونة، والذي ينسف كل خطط أمانة عمّان الواردة بمخططها الشمولي 2007 المصدق، أما كان من الأجدر عمل قطار معلق (مونوريل) كجزء من الطريق المعلق المقترح، لتجنب الهيكل الإنشائي الضخم الذي يتطلبة مثل هذا الجسر والذي سيكون عرضه 25 متر على الأقل ليستوعب مسارات الباص السريع وخطين بكل إتجاه، بالإضافة إلى شلرعين يضم كل منها مسربين، فهل فكر أصحاب الإقتراح اين ستكون الأعمدة الحاملة لهذا الجسر الضخم، والتي ستكون على الأغلب أمام العمارات الحديثة القائمة على طول هذا المحور. فهل دفع المطورين بدلات تطوير وزيادة بالنسبة المئوية والإرتفاعات ليقف هذا الجسر العملاق أمام منشآتهم الأنيقة. إن الزج بالمرور المتحرك بين شمال المملكة وجنوبها الى داخل العاصمة سيزيد الأزمات المرورية وسيضر بمنظر العمارات الحديثة الممتدة على طول شارع الملك عبد الله الثاني، وسيعطل الحياة فيها اثناء التنفيذ لسنوات، وسيدمر البنية التحتية والتي استثمرت فيها الأمانة وقد أينعت وحان قطافها. 

مشاكل فنية كثيرة ستواجه المشروع لأن العمل ضمن نسيج حضري Urban Fabric شبه مكتمل يختلف عن العمل بمناطق فارغة، علماً بأن تجاوز تقاطع محطة صويلح للسير القادم من عين الباشا بجسر علوي سيكون شبه مستحيل نظراً للميول التي يجب ان تحققها الطرق. إن الإنطلاق من محطة صويلح بإتجاهين الأول قائم ومزدحم جداً من خلال شارع الملكة رانيا (الجامعة الأردنية) والثاني المقترح بإتجاه شارع الملك عبد الله الثاني لم يكن بالحسبان، ودليلنا على ذلك أن تقاطع صويلح لم يتفرع منه طريق بإتجاه الجنوب. ولو إفترضنا أن المحطة المزدحمة ستستوعب عشرات ولربما مئات الباصات بالساعة الواحدة، فإنه من المتوقع أن لا تعمل المحطة بكفاءة، هذا إن لم تتوقف. 

لقد إعتمدت الحكومة على مبدأ التصميم- البناء- التشغيل-نقل الملكية DBOT للمناقصة المنشودة، وحساباتنا المستندة الى الأرقام المعلنة للتعرفة التي ستفرض على طريق ممر عمّان التنموي أن الإيراد المتوقع من المشروع Toll Road لن يكون مجدي للمستثمر إذا ما تم إستثناء باصات BRT منه لأنها أصلاً مدعومة من الأمانة. حيث سيتم إستيفاء قرش على الكيلومتر ، بمعنى 15 قرش بكل رحلة لأن طول الجسر 15 كيلومتر. ولو إفترضنا استعمل مليون سيارة يومياً لهذا الجسر، لبلغ الدخل المتأتي من ذلك (11) ألف دينار باليوم، اي ما يقارب أربعة ملايين دينار بالسنة. وإذا ما كلف هذا المشروع مليار دينار، فسيسدد ثمنه بعد سنوات طويلة جداً  لا أجروء على ذكرها. 

إن الجسر المقترح سيصب بالمرور من باصات وشاحنات وسيارات في شارع المطار المكتظ أصلاً. فهل ستعمم التجربة على جميع شوارع عمّان، وتصبح بطوابق.

ولطالما مارست النقد الحضري، فإني أقترح تنفيذ الطريق الدائري الغربي كما جاء بمخطط عمّان الشمولي، أو عمل نفق يبدأ من أسفل تقاطع صويلح على المنسوب 1000 الى المطار على المنسوب 716 بطول 35 كيلومتر يتفرع منه مستقبلاً أنفاق بإتجاه شارع وصفي التل وشارع مكة ومن الدوار الثامن حتى الأول. 

 

الصورة من جوجل إيرث لأول موقف باص خروجاً من محطة صويلح بعرض 30 متر والمماثلة للعرض المطلوب للجسر