طرح الرزاز لحل الدولة الواحدة.. مناورة أم موقف جديد للأردن؟
محمد العرسان
حالة من الجدل خلفتها تصريحات رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز لصحيفة الغارديان، الثلاثاء، والتي قال فيها إن "الأردن قد يوافق على إقامة "دولة واحدة" إسرائيلية فلسطينية (...) في حال قضت حكومة تل أبيب على مبدأ حل الدولتين بخطواتها الأحادية وضمت أراض فلسطينية إلى سيادتها".
نشب الجدل حول تصريحات الرزاز نظرا لمخالفته موقف الأردن الرسمي، الذي عبر عنه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مرارا من أن الحل العادل للقضية الفلسطينية هو "حل الدولتين".
ويتمسك الأردن بقرار حل الدولتين "كخيار عادل لحل القضية الفلسطينية من خلال قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود عام 1967".
وطالما أعلنت الخارجية الأردنية والموقف الرسمي الأردني برمته أن "حل الدولتين، يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وخصوصا حقه في الحرية والدولة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق المرجعيّات المعتمدة وقرارات الشرعيّة الدوليّة، وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم.
"تيار مستشرق"
نائب رئيس الوزراء الأسبق ممدوح العبادي، يرى أن تصريح رئيس الوزراء عمر الرزاز، يعكس توجه "تيار مستشرق" في الدولة الأردنية، يدعم حل الدولة الواحدة.
ويقول "، "هو تيار تربى لدى المؤسسات الدولية، مثل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، والبنك الدولي، هذا الموقف لا علاقة له بالموقف الأردني الملكي، أو الشعبي".
وتابع: "نحن في الأردن نؤمن بدولة واحدة فلسطينية، وليس دولة واحدة يرفع عليها علم الاحتلال، خطاب الدولة الرسمي تاريخيا هو حل الدولتين ضمن خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقيّة".
الرزاز قال للصحيفة البريطانية إن "الأردن قد ينظر إلى هذه الخطوة بشكل إيجابي لكن بشرط أن تكون الدولة التي سيتم إنشاؤها ديمقراطية وتضمن للشعب الفلسطيني حقوقه".
وأضاف: "تم إغلاق الباب أمام حل الدولتين، في حال ضمت تل أبيب أراضي فلسطينية عليه يمكننا بالتأكيد أن ندرس اقتراح دولة ديمقراطية واحدة "، "لكن لا أحد في تل أبيب يتحدث عن ذلك، ولا يمكننا تجميل ما يفعلونه. من يتحدث عن دولة واحدة؟ إنهم يتحدثون عن الفصل العنصري بكل معنى الكلمة".
ودعا رئيس الوزراء الأردني جمهور الاحتلال قائلا: "نعم، دعونا ننتقل إلى حل الدولتين، لكن لن يتم تنفيذه، لذلك دعونا نعمل معا من أجل حل الدولة الواحدة".
بدوره، يرى أمين عام الحزب الوطني الدستوري أحمد الشناق أن تصريحات الرزاز حول الدولة الواحدة الديمقراطية جاءت "بهدف إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي ونقل المعركة إلى الشرعية الدولية".
وأكد " أن "إسرائيل أمام خيارات: إما التعامل مع أنها دولة محتلة ويجب زوال الاحتلال، أو قيام الدولة الفلسطينية بحدود دولية، أو خيار الدولة الديمقراطية وعدم التعامل مع الفلسطينيين على أنها دولة فصل عنصري".
ونظرا لأن الخيارين الأخيرين مرفوضان، فالتمييز العنصري سيفرض على احتلال عقوبات دولية، وهذا هو الصدام الأردني الكبير مع "إسرائيل" من خلال الدبلوماسية", بحسب ما قاله الشناق.
وطرح خيار الدولة الواحدة من مسؤولين أردنيين سابقين، وكان وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر في حديث سابق لـ"عربي21" قد قال: "الأوان قد حان للبحث عن إطار جديد للقضية الفلسطينية الإطار القديم المبني على حل الدولتين سواء أعجبنا هذا الكلام أو لم يعجبنا انتهى".
وأضاف: "أصبح من الواضح أن إسرائيل تعمل بكل ما أوتيت من قوة لتثبيت حل الدولة الواحدة العنصرية. والحل في رأيي هو أن يطالب الفلسطينيون بحقوق متساوية. أما لا دولة ولا حقوق فهذا شيء غير مستدام. ولو لم يقبل الاحتلال بذلك فالديموغرافيا كفيلة بفرض نفسها، بحيث يصبح الفلسطينيون أغلبية داخل دولة الاحتلال في غضون 20 سنة".
مناورة غير واقعية
نيابيا، اعتبر مقرر لجنة فلسطين النيابية، أحمد الرقب، هذه التصريحات بـ"القنابل الدخانية، لاستهلاك الوقت والتغطية على مضي الاحتلال بالتمدد الجيوسياسي".
وقال الرقب "هذا الطرح سراب يصطدم بالواقع كون ما يُطرح (دولة ديمقراطية على أسس علمانية) بعيدة عن المرجعيات الأيدولوجية الدينية التي تمثل أهل بلاد الشام، كما أنها تصطدم بما يطرحه الاحتلال من يهودية الدولة والتمدد، والأخطر من ذلك هو اعتراف بدولة الكيان المحتل".
من جهتها، أعادت رئاسة الوزراء الأردنية نشر مقابلة رئيس الوزراء مع المجلة بصياغة محددة، وقالت إن الرزاز قال للصحيفة "أتحدى أن يوافق أي مسؤول إسرائيلي على حل الدولة الواحدة الديمقراطية".
وحسب البيان الذي وزعته رئاسة الوزراء، أعلن الرزاز في المقابلة: "أن أي حل آخر غير حل الدولتين سيدفع المنطقة والعالم إلى حالة من الفوضى".
وبينت أن رئيس الوزراء قال إن الأردن يتحدى أي مسؤول إسرائيلي أن يوافق على "حل الدولة الواحدة الديمقراطي" كحل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. في إشارة إلى أنّ حل الدولة الواحدة مرفوض أساسا لدى الإسرائيليين.