ضغوطات شعبية عالمية.. ما دورها في إيقاف الحرب على غزة؟
بعد مرور نحو شهر من مواصلة قوات الاحتلال في حربها على قطاع غزة، يرى خبراء سياسيون وعسكريون بأن هناك تغيرات في الموقف الأمريكي تجاه الأحداث في القطاع، نتيجة الضغوطات الشعبية والاحتجاجات المستمرة في مختلف أنحاء العالم، بالاضافة إلى تغيير الموقف العالمي وتصاعد الانتقادات والجرائم التي تقوم بها إسرائيل ضد سكان غزة، معتقدين بأن هذا الضغط يجعل اسرائيل تعيد التقييم لخططها العسكرية.
ففي تصرحات للرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن دعمه لإقامة هدنة إنسانية في غزة، وتشير تقارير إلى استعداد إسرائيل لقبول هدنة إنسانية لساعات قليلة، مما يعد تراجعا عن فورة الحرب الإسرائيلية التي كانت مندفعة بدعم أمريكي دون شروط.
على جانب آخر، زار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة السبت الماضي، والتي شملت إسرائيل والأردن، فعلى الرغم من دعمه السابق لإسرائيل خلال الشهر الماضي، إلا أن القمة السباعية أفضت إلى دعوة لوقف الحرب على غزة وفرض هدنة إنسانية لاستدامة وصول المساعدات إلى القطاع وضمان عدم إعاقة عمل المنظمات الإنسانية الدولية.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور أيمن البراسنة يشير إلى أن الاجتماع التنسيقي العربي جاء لتوحيد الموقف العربي تجاه الحرب الاسرائيلية في غزة، خاصة مع وجود انقسام في الأراء العربية تجاه الأحداث.
ويوضح البراسنه بأنه مع تصاعد الأحداث وتصاعد هجمات إسرائيل، كان من الضروري التحرك بسرعة للضغط على الإدارة الأمريكية والإسرائيلية من أجل وقف الحرب ووقف إطلاق النار على الفور والبحث عن هدنة إنسانية، بالإضافة إلى تأمين وصول المساعدات إلى غزة.
أما حول احتمالية تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في هذا السياق السياسي الصعب، يشير البراسنة إلى أن أي تسوية سياسية أو حديث عن حلول سياسية، كحل الدولتين، يعتمد حاليا على تغير الموقف الأمريكي من دعمه الواضح لإسرائيل في هذا الصراع.
بناء على هذه المتغيرات، يمكن أن تدفع إسرائيل نحو إعادة التقييم لخططها العسكرية والتفكير في وقف التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات كوسيلة لوقف الحرب الجائرة على غزة، وذلك وفقا لتقدير البراسنة.
اسرائيل تواجه اخفاقات
واعتصم أهالي محتجزين لدى كتائب القسام في قطاع غزة، السبت أمام منزل عائلة رئيس وزير حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جنوب حيفا.
كما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، أنه تم إجراء استطلاع لآراء المواطنين الإسرائيليين في أداء بنيامين نتنياهو حتى الان، حيث ظهرت 76% منهم يرغبون في رحيل نتنياهو، مما يشير الى تراجع شعبيته.
فيما يعتبر البراسنه أن هذا التراجع سيكون له تأثير ملحوظ على الرأي العام الدولي، فقد شهدنا آلاف المتظاهرين في العواصم الأوروبية وحتى من جانب بعض اليهود مطالبين بوقف العدوان على غزة. وتوجد تغيرات أيضا في موقف الولايات المتحدة نتيجة هذه الضغوط الشعبية وحملات المقاطعة، هذه الضغوطات أثرت بشكل كبير على موقف إسرائيل من الجرائم التي ترتكب ضد سكان قطاع غزة.
من جانبه يوضح الخبير العسكري المختص بالشؤون الإسرائيلية ضيف الله الدبوبي أن اسرائيل تواجه سلسلة من الاخفاقات منذ السابع من أكتوبر حتى الآن، تمثلت بتقويض نظريات كانت تعتمدها إسرائيل، مثل نظرية "الجيش الذي لا يهزم" ونظرية "الحدود التي لا يتجاوز". كما أثرت هذه الإخفاقات على سلطات الاستخبارات الإسرائيلية، التي كانت واحدة من أقوى الأجهزة الاستخبارية في العالم.
يشير الدبوبي إلى أن كل هذا أصبح واضحا للقيادة العسكرية وللناس على أن إسرائيل ليست القوة التي كانوا يعتقدونها، وبناء على هذا، قامت القيادة الإسرائيلية بتكليف القوات المسلحة بمهمة رئيسية، وهي تدمير حركة المقاومة الإسلامية حماس وإخراجها من الساحة وسحب الأسلحة من يديها، وتتضمن هذه المهمة أيضا تحرير الرهائن الذين يتم احتجازهم لدى حماس.
ويستبعد الخبير العسكري الدبوبي نظرا لتمكن رجال المقاومة، ورفض المواطنين للتهجير وترك منازلهم، وهذا ما دفع الجيش ببدء عمليات الدخول البري، منذ اليوم الاول اسرائيل ستقوم بعمليات تقدم بطيئة جدا على نظرية زحف السلحفاة ، نظرا لوجود مقاومة شديدة في الميدان ويستطيع رجل المقاومة أن يخرج من خندقه ويدمر دبابة .
إلا أن الدبوبي يستبعد سيناريو تنفيذ هذه الخطة، نظرا لقوة المقاومة ورفض المدنيين للتهجير وترك منازلهم، وهذا ما دفع الجيش إلى بدء عمليات الدخول البري، منذ اليوم الأول للحرب، تقدمت إسرائيل ببطء باتجاه ما كان يعرف بنظرية "زحف السلحفاة"، بسبب المقاومة الشديدة في الميدان، حيث يمكن لمقاتل المقاومة الخروج من مواقعها وتدمير الدبابات.
هذا وأعلنت القوات المسلحة الأمريكية يوم السبت وصول حاملة الطائرات "يو إس إس أيزنهاور"، المكونة من وسائل دفاع متقدمة مثل الصواريخ الموجهة ومدمرات صواريخ موجهة، إلى منطقة الشرق الأوسط.
هذا يأتي في إطار تعزيز وجود الولايات المتحدة في المنطقة، للتصدي للتصاعد الإقليمي للصراع، حيث يوضح الدبوبي أن هذه القيادة هي المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط، بهدف منع توسع دائرة الصراع إلى مناطق إقليمية أخرى ومنع تورط إيران ومصر والأردن في الصراع.