ضرب الزوجة والتراث الوهابي

 

 شئنا أم أبينا، استنكرنا أم اعتصمنا أم لطمنا على رؤوسنا، فإننا لا يمكننا أن نفصل جريمة اقتلاع أعين الأم أمام أطفالها في جرش عن الثقافة الجمعية السائدة في مجتمعاتنا المتخلفة والتي تجيز للزوج أن يعتدي بالضرب على زوجته، بل وتحلل ذلك وتبرره بالاستناد لنصوص مزورة وملفقة في التراث الوهابي...

ولذلك لم أجد ما أقوله حول هذه الجريمة البشعة أكثر مما قلته هنا قبل خمسة أشهر في رمضان الماضي:

____

أشعر بمزيج من القرف والخجل والغضب على هذه الأمة وعلى مجتمعاتها المريضة والمعقدة نفسياً والمكبوتة جنسياً عندما أقرأ كلام كاهن الأزهر وهو يفتي بجواز ضرب الزوجة "بشرط ألا يسبب لها الكسور في عظمها"!!

هذا الكاهن هو بمثابة بابا الفاتيكان لهذه الأمة المعطوبة، ومع ذلك لا يخجل أن يخرج على الناس في العشر الأواخر من رمضان ليتقيأ فتواه التي تجيز الاعتداء الجسدي على زوجات وأمهات وإخوات وبنات المسلمين، بشرط عدم التسبب لهن بعاهة ظاهرة للعيان...

لا يا شيخ، ما هذه الحنيّة والعطف والحنان والرحمة؟

أنت تعلم أيها المشعوذ الدجال أنك متى أن حللت الاعتداء عن طريق الضرب، فمن المستحيل أن تحاول وضع الضوابط له في فورة غضب الذكر الهائج....

فمن هو ذلك الرقيب الذي سيراقب عملية الاعتداء ويقيس مدى الأورام التي تسببت بها فتواك الشريرة أيها الأحمق؟

أضف إلى ذلك، هنالك عشرات المعاني في اللغة العربية لكلمة "اضربوهن" في سورة النساء، وذهب المفسرون المتنورون أنها تعني الهجران والابتعاد كما جاء في مواضع أخرى في القرآن نفسه، فلماذا تختارون التفسير الذي يظهر هذا الدين على أنه دين همجي يحلل الاعتداء على نصف المجتمع؟

وفي لغتنا العربية، فنحن نضرب الأمثال، ولا يعني ذلك أننا "نترفش في بطنها"، ونحن نحفظ أولادنا جدول الضرب، وهي معادلات حسابية وليست فنون كراتيه وكونغ فو، فلماذا تصرون على الوحشية والأذى يا أتفه وأسقط أمة أخرجت للناس؟

أنا سأقول لكم لماذا، فنحن نعيش اليوم في عصر فيضان المعلومات المتوفرة لكل طفل بكبسة زر على هاتف محمول، ولذلك عليكم أن تطلعوا وتتعرفوا بأنفسكم وبأنفسكن على ما يعتقده هؤلاء الناس عن المرأة أصلاً في كتبهم التي لا يسمحون لأحد بمخالفة ما جاء فيها...

فقد جاء في ما يسمى بصحيحي البخاري ومسلم، "أصدق كتابين وأصح صحيحين بعد القرآن" كما يزعم الوهابيون، أن رسول الله قال (والعياذ بالله أن يصدر عن نبي الرحمة والخلق العظيم مثل هذا الكلام):

"لا يقطع الصلاة إلا ثلاث: الحمار والمرأة والكلب الأسود"

وأنه قال أيضاً:

"إن أقل ساكني الجنة النساء"

وأنه قال أيضاً:

"أكثر أهل النار النساء: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان"

وأنه قال أيضاً:

"يا معشر النساء، تصدَّقن فإني رأيتكم أكثر أهل النار"

وأنه قال أيضاً:

"ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء"

وأنه قال أيضاً:

"المرأة خُلِقت من ضلع أعوج، فإن أقمتها كسرتها، فدارها تعش بها"

وأنه قال أيضاً:

"إذا دعا الرجل امرأته لفراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"

وأنه قال أيضاً:

"النساء سفهاء إلا التي أطاعت زوجها"

وأنه قال أيضاً:

"لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة"

أما أحاديث أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد والطبراني والألباني، فهذه الكتب "الصحيحة" أيضاً تزعم أن رسول الله قال في حق المرأة:

"النساء ناقصات عقل ودين"

وأنه قال أيضاً:

"المرأة تأتي على صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله، فإن معه مثل الذي معها"

وأنه قال أيضاً:

"المرأة عورة فإن خرجت استشرفها الشيطان"

وأنه قال أيضاً:

"لا يُسأل الرجل فيما ضرب من أهله"

وأنه قال أيضاً:

"علّقوا السوط حتى يراه أهل البيت فإنه أدب لهم"

وأنه قال أيضاً:

"مثل المرأة الصالحة بين النساء مثل الغراب الأعصم بين مئة غراب"

وهنالك المزيد المزيد من شاكلة هذه الأحاديث التي يؤمن بصحتها شيخ الأزهر، ولكنني سأكتفي بهذا القدر لكيلا أطيل عليكم...

أنا شخصياً لا أصدق أن رسول الله الذي أتى لتحرير الإنسان ذكراً وأنثى، والذي تجرأ أن يعطي للمرأة نصف حق الرجل في الميراث، بعد أن كانت لا ترث شيئاً – لا بل ولم تحصل على هذا الحق في أوروبا نفسها إلا بعد 1300 سنة في القرن التاسع عشر – لا أصدق أنه يمكن أن يتفوه بمثل هذه الإهانات الموجهة للنساء في المجتمع بهذه العمومية الفجّة لا سمح الله...

نعم، أنا لا أؤمن بصحة هذه الأحاديث وغيرها من الروايات التي اختلقها وافتراها أعداء النبي الهاشمي الذين لم يتواروا عن ذبح ذريته من بعد وفاته والاعتداء على أهل بيته في موكب السبايا إلى دمشق…

 

فالنساء اللواتي تشتمهن وتعايرهن هذه الأحاديث الملفقة كانت منهن زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، والتي أحبها سيدنا محمد وأحبته ولم يتزوج غيرها في حياتها، ومنهن أيضاً بناته من زوجته خديجة وهُن زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء، واللواتي لم يحظين من والدهن إلا بفائض المحبة والحنان والعاطفة الطيبة، فسيدنا محمد لم يكن يوماً فظاً غليظ القلب كما يصر أن يصوّره لنا الوهابيون في كتبهم وفي أحاديثهم، وهو لم يعتدي على امرأة في حياته، لا بضربٍ مبرح أو غير مبرح...

هؤلاء الرواة الذين يروّجون أن رسول الرحمة والخلق العظيم لم يكن له شغل يشغله سوى أن يجلس مع أصحابه لِيَسُبَّ النساء ويهينهن ويشرح كيفية ضربهن وتأديبهن، هُم أصلاً أشخاص من الواضح أنهم يحتقرون المرأة في الأساس ولا يرونها إلا كخادمة خُلِقَت لخدمتهم وإشباعهم في الفراش...

ولذلك لا نستغرب أن تستمر مجتمعاتنا الذكورية المتخلفة في التعلق بهذا الفقه المتعفن وبهذه الأحاديث المزورة لكي تحافظ على سطوتها وقمعها واستعبادها للمرأة، فكل من يوافق على رأي شيخ الأزهر ولا ينتفض غضباً ويبصق على لحيته بعد هذه الفتوى، هو إما رجل في بيته نساء ينوي تأديبهن عن طريق الضرب ويريد أن يبرر لنفسه قلة شرفه ومروءته، أو هي امرأة متدينة مصابة بمتلازمة ستوكهولم التي تجعلها تدافع عن جلادها ومعذبها ومغتصب كرامتها...

فضحتمونا وأخزيتمونا بين الأمم، الله يفضحكم ويخزيكم بإذن العليّ القدير!!



 

أضف تعليقك