صراعات الحبل والاتهام والوهم في رابطة الكتاب
كتب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين المحامي أكرم الزعبي في صفحته الخاصة على الفيس بوك أمس الاثنين" بعض التجمعّات عبارة عن (دكاكين) قديمة بضاعتها عبارات مستهلكة مثل (خائن، عميل، مخرّب)، أصحاب هذه الدكاكين يتجاهلون انصراف الناس عنها، ويتناسون أنّ البعض قادر على فتح دفاترهم المهترئة وفضح ما فيها ".
هذه العبارة بدت وكأنها قذيفة مدفعية ثقيلة وجهها الزعبي لثلاث تيارات انتخابية في رابطة الكتاب الأردنيين وهي التيار القومي، والتيار الديمقراطي وتيار القدس، الذين قدموا امس الاثنين مذكرة رفضوا فيها مشروع التعديلات التي اقترحها الزعبي وهيئته الادارية على النظام الداخلي للرابطة.
تلك التعديلات اثارت في الايام القليلة الماضية ردات فعل باتجاهين، أولهما رافض لها، وثانيهما مؤيد لها ، كما بقي أصحاب الموقف الوسط الذي يرى في بعضها مطلب جيد، ويرى في بعضها الاخر تزود لا ضرورة له.
تلك الأزمة الصامتة في بيت المثقفين الأردنيين بقيت خارج اهتمام الجمهور ووسائل الاعلام، فلا أحد في الحقيقة يهتم ن كان ثمة بيت للمثقفين الأردنيين تتناوشه الصراعات من كل حدب وصوب ، وبين دكاكين تأتلف وتختلف بموجب مسطرة المصالح التي تمثل أس التخاصم بين أضلاع المثلث الصراعي الذي أصبح صراعا بلا معنى منذ سنوات تضقت بعجرها وبجرها.
وللإنصاف ان توصيف الزعبي لتلك التيارات بــ " الدكاكين " لا يستقيم ، فهذه"الدكاكين " تضم مثقفين ومبدعين، بل إن الزعبي نفسه وصل لرئاسة الرابطة عبر أحد هذه "الدكاكين " قبل أن تنقلب تلك "الدكان " وزبائنها على بعضهم البعض، لخلافات بينهم أجهلها تماما ولا رغبة عندي للبحث عنها.
مساء السبت الماضي تداعت التيارات الانتخابية الثلاثة لاجتماع عاجل ــ قلما تجتمع ــ لمناقشة تلك التعديلات وتوحيد موقف لمواجهتهاـ وتقرر توجيه مذكرة بالملاحظات والمطالب تم عرضها على الهيئة الادارية في اجتماعها أمس وتقرر تأجيل عقد الاجتماع ، والتمهل لشهر ايلول المقبل لتلقي ملاحظات ومقترحات الهيئة العامة على التعديلات المقترحة ، وتشكيل لجنة من القانونيين والخبراء لإعادة دراسة مجمل المقترحات وإعادة صياغتها قبل عرضها على الهيئة العامة في شهر تشرين الاول اكتوبر المقبل.
ردة الفعل الرافضة للتعديلات شملت العديد من المواد لعل في مقدمتها المادة 3 الخاصة بتعريف الرابطة، إذ تقول المادة في النظام الحالي الدارج إنها" مؤسسة ثقافية معرفية .."، فأضافت التعديلات لها جملة " مؤسسة وطنية أردنية ثقافية ..الخ"، واستمرت التعديلات المقترحة باضافة كلمة "الوطنية " في كل موضع يستوجب الاشارة اليها دون إلغاء أو تجاهل لباقي النصوص والمفردات ذوات الدلالات السياسية والثقافية.
بعد قراءتي المتأنية لمشروع التعديلات المقترحة أرى أن القضية لا تحتاج لكل هذا الصخب، فمعظمها تعديلات لا تلغي الجوهر العام للنظام الداخلي ، وإن كان بعضها يحتاج للمزيد من الدراسة والتقييم خاصة في قضية الفصل من عضوية الرابطة فقد بدت التعديلات المقترحة أكثر توسعا مما يجب، وكذلك "الوطنية "، وهذا ما ستتكفل بتهذيبه اللجنة التي ستنبثق وشيكا.
لست بصدد مناقشة تلك التعديلات هنا، لكن يلزمني التأكيد أن صراعات المثقفين دوما تكون أكثر شراسة حين يتحول الصراع من "صراع عقول " الى "صراع عجول "، عندها فقط تتكسر الأقلام، وتحترق الصحف، ويصبح "الحبل" و"الاتهام " والوهم " أسياد العقل..