سياسي : الأردن ينتقل إلى ترجمة مواقفه لإجراءات فعلية بوقف "اتفاقية الطاقة"

الرابط المختصر

قرار الأردن بعدم توقيع اتفاقية الطاقة مقابل المياه مع الجانب الإسرائيلي، لاقى تأييدا واسعا من قبل الشارع الأردني على كافة الأصعدة الرسمية والشعبية، في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وانتهاكه للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسط تأكيدات خبراء بوجود بدائل ممكنة لتلبية احتياجات المملكة من المياه دون اللجوء إلى التعاون مع الاحتلال. 

منذ  بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع تصاعدت المطالبات من قبل العديد من الجهات بضرورة البحث عن بدائل وتجنب ربط احتياجات المملكة من المياه والطاقة ببرم اتفاقيات مع الاحتلال.

حين وقع  الأردن وإسرائيل والإمارات خلال أعمال مؤتمر المناخ "كوب 27"  بمدينة شرم الشيخ المصرية، عام 2021 مذكرة تفاهم تنص على "تسريع إنجاز دراسات الجدوى" المتعلقة بمشروع "الماء مقابل الكهرباء"، أثارت هذه الخطوة غضب الشارع الأردني حيث نظم عدد من الناشطين اعتصاما احتجاجيا أمام وزارة المياه تعبيرا عن رفضهم لهذه الاتفاقية.

ويعتمد مشروع تبادل الطاقة "الماء مقابل الكهرباء" على إنشاء محطة توليد للكهرباء من الألواح الشمسية في الأردن بتمويل من الإمارات، بهدف تلبية جزء من احتياجات إسرائيل من الكهرباء. 

يشمل المشروع أيضا إنشاء محطات لتحلية مياه البحر في شمال إسرائيل لتزويد المملكة بالمياه النقية، ووفقا لإعلان النوايا، ستحصل عمان على 200 مليون متر مكعب  من المياه المحلاة، بينما ستحصل إسرائيل على 1.2 جيجا وات من الكهرباء النظيفة، على أن يبدأ المشروع في عام  2026.

 

علاقات غير مستقرة بالأساس 

المحلل السياسي الدكتور حسن الدعجة يشير إلى أن الأردن قد واجه العديد من الازمات السياسية مع اسرائيل في الماضي ولن يتاثر بتلك القضايا، معتبرا ان العلاقات السياسية بين البلدين كانت بالأساس غير مستقرة ومتوترة منذ تولي الحكومة الحالية المتطرفة في اسرائيل، معتقدا أن هذه الخطوة إشارة إلى تأزم أكبر في العلاقات السياسية والاقتصادية بين الأردن وإسرائيل.

وتدرج الاردن بالخطاب السياسي مع الاحتلال، وذلك من خلال تمسكه بعدة مواقف سابقة منها التأكيد على وقف إطلاق النار في غزة، وسحب السفير الأردني من تل أبيب، والطلب بعدم عودة السفير الإسرائيلي إلى الاردن، ومن ثم انتقل الى ترجمة هذه المواقف الى إجراءات فعلية، من خلال قرار وقف توقيع الاتفاقية، مما يشير الى ان الاردن دولة مستقلة وذات سيادة لديها خيارات سياسية يمكن أن تشمل وقف التعاون والاستثمار والعلاقات الاقتصادية، وربما حتى اعادة النظر في معاهدة السلام كما يرى الدعجة.

في تصريحات للملك عبدالله الثاني خلال اتصال هاتفي مع قائد قوة المستشفى الميداني العسكري العقيد ثائر الخطيب، الأحد، يؤكد "أن الاعتداء على الكوادر الطبية في المستشفى جريمة بشعة، لافتا إلى أنه سيتم اتخاذ كل الإجراءات المناسبة للتعامل مع هذا الهجوم".

وفي السياق، رجحت مصادر مطلعة لـ "عمان نت" أن "الأردن يتجه لإلغاء اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل أو تجميدها وربط عودتها بوقف اطلاق النار في غزة".

تأتي هذه الترجيحات في وقت مازالت اللجنة القانونية في مجلس النواب تراجع جميع الاتفاقيات مع الاحتلال بعد توصية من رئيس المجلس أحمد الصفدي ردا على المجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة.

 

الخيارات البديلة

ويؤكد الدعجة أن للأردن العديد من البدائل والخيارات الكبيرة، حيث يمكنه اللجوء إلى مصادر طاقة ومياه بديلة، واستغلال التمويل العربي أو صناديق الاستثمار السيادية والاستفادة من الاستثمارات الوطنية ، بدلا من هذه الاتفاقيات التي فقدت فائدتها بسبب التصعيد والإرهاب الاسرائيلي.

ومن تلك الخيارات البديلة، يشير الخبير في الشؤون المائية الدكتور دريد محاسنة، إلى أن الخيار الوحيد أمام الأردن للضغط على الجانب الاسرائيلي لوقف المجازر في القطاع هو التحول الى بدائل مائية، مؤكدا ان الاردن لم يعد يثق في تسليم مقدراته مثل المياه ، الى الاحتلال، خاصة بعد قطع امدادات المياه  عن سكان القطاع. 

ويشير محاسنة الى وجود العديد من البدائل، مثل الناقل الوطني، كنقل المياه بعد تحليتها من العقبة الى عمان، والتسرع في حفر الآبار والبحث عن المياه العميقة، بالاضافة الى الاعتماد على تحلية مياه البحر الأحمر لتزويد الأردن بالمياه النقية.

ويشدد على أهمية التقليل من هدر المياه والفاقد الذي يصل الى حوالي 50%،  بالاضافة الى الحد من سرقة المياه، مشيرا الى ضرورة تنظيم استهلاك المياه في القطاع الزراعي الذي يصل نسبته الى حوالي 60%، مقترحا توجيه جزء من هذه المياه إلى الشرب، ويجب العمل على التقليل من هذه رغم محاولات وزارة المياه ضمن إجراءاتها المتبعة.

وزيادة الإمدادات المائية من مشروع الديسي، والنظر في استراتيجية العودة إلى سوريا لضمان حصة الأردن من نهر اليرموك وتعزيز مخزون المياه في السدود، وذلك باستمرار الحصة المخصصة للأردن والتي تصل إلى 400 مليون متر مكعب سنويا، أي حوالي ثلث حاجة الأردن من المياه.

ومن البدائل أيضا، يشدد على ضرورة تحول وزارة المياه إلى استخدام الطاقة النظيفة لتقليل التكلفة وفتح المجال للبحث عن مصادر مياه جديدة، ويدعو إلى فتح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في حفر الآبار العميقة وتحلية المياه، مع التركيز على استغلال الموارد المحلية والعربية. 

وبعد هذه الخطوة، يطمح الشارع الأردني الى المزيد من الخطوات من خلال مطالبة الحكومة بوقف اتفاقيات اخرى مثل اتفاقية الغاز، ومعاهدة وادي عربة، اتفاقية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، بهدف الوصول إلى الاستقلالية بموارد الطاقة واستكشاف بدائل وطنية  دون اللجوء الى الاحتلال الاسرائيلي.