بعد مقتل ثلاثة من عناصر الجيش الأميركي في هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة على الحدود السورية الأردنية، يستبعد خبراء سياسيون أن هذا الاستهداف قد يؤدي إلى توسيع دائرة الحرب في المنطقة، نظرا لعوامل سياسية تحول دون اتخاذ الولايات المتحدة خيارات عسكرية أو أمنية.
وبحسب بيانات وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، لم يكن هذا الهجوم الأول الذي يستهدف القوات الأمريكية، حيث تعرضت إلى ما يزيد عن 150 هجوما، منذ حرب غزة في العراق وسوريا.
وحمل الرئيس الولايات المتحدة جو بايدن مسؤولية الهجوم إلى فصائل مدعومة من إيران، وتوعّد بالردّ، وفيما تبنت فصائل عراقية مساء أمس عدة هجمات نفذتها في نفس المنطقة، نفت طهران صباح اليوم ضلوعها في هذا الهجوم.
وأدانت عدة دول هذا الهجوم، بينها الأردن، إذ أعرب وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي للحكومة مهند مبيضين عن تعازي الأردن للولايات المتحدة بضحايا الهجوم الذي نفذ بطائرة مسيرة، بينما يؤكد أن الهجوم الإرهابي لم يؤد إلى أي إصابات في صفوف القوات المسلحة.
يشير الخبير العسكري والمحلل السياسي الدكتور نضال أبو زيد إلى أن هذا الهجوم يستهدف القواعد الأمريكية، ومرتبط مع سلسلة من الاستهدافات على القواعد الامريكية، مثل الهجوم على القاعدة الامريكية في شمال العراق.
ويرى أبو زيد أن هذا الهجوم يعد ردا على التطورات في قطاع غزة، والدعم الأمريكي للاحتلال الاسرائيلي سواء كان عسكريا او سياسيا.
الكاتب والباحث في العلاقات الدولية منيزل النعيمي يعتبر هذا الهجوم يأتي نتيجة الدعم الأمريكي لإسرائيل في عدوانها على غزة، معتقدا أن إيران تسعى الى نقل الازمات السياسية إلى الداخل الأمريكي والإسرائيلي.
الأردن خارج الاستهداف
أكدت الحكومة مؤخرا أن الأردن سيستمر في مواجهة خطر الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن، وسيتصدى بكل حزم واقتدار لكل من يحاول الاعتداء على أمن الأردن.
كما أعلن الاردن أنه "يتعاون مع شركائه لتأمين الحدود، وطلب من الولايات المتحدة ودول صديقة أخرى تزويده الأنظمة العسكرية والمعدات اللازمة لزيادة القدرات على تأمين الحدود ومواجهة الأخطار عبرها".
ويوضح أبو زيد أن الجانب الأردني خارج دائرة الاستهداف، فمنذ البداية صرحت الحكومة أن التهديدات خارج حدودها، بهدف تجنب الانجراف نحو عمليات غير محسوبة في التعاون مع الجانب الأمريكي.
ويرى النعيمي أن الأردن يتطلع إلى عدم تعرضه للاستهداف، ويظهر ذلك من خلال مواقفه الواضحة، خاصة في مواجهة حلفاء المحور الغربي، ومؤخرا في مواجهة الحرب الإسرائيلية ضد غزة.
في إطار تحسين قدرات الدفاع عن الحدود، يرى أبو زيد أن القوات المسلحة الأردنية تدرك تماما التحديات التي تواجهها على الحدود الشمالية، وتعمل جاهدة على تطوير أساليبها وتجهيزاتها لمواكبة التطورات الأمنية والعسكرية والتصدي للتحديات والتهديدات المحتملة.
بيان لوكالة الأنباء " بترا"، حددت مهمة هذه القوات، قائلة إنها "تتعاون مع الأردن في مواجهة خطر الإرهاب وتأمين الحدود".
ووفقا للأرقام الرسمية من "البنتاغون " تشير إلى أن هناك 2900 جندي أميركي في قواعد عسكرية في الأردن.
توعد أمريكي
وتعليقا على توعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد هذا الهجوم، يوضح أبو زيد أن استراتيجية الرد الامريكية الحالية، تظهر أن الإدارة الحالية لا تتجه نحو توسيع نطاق الصراع في المنطقة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الامريكية المقررة نهاية العام الحالي، وفي ظل هذا التحضير، تتجنب الولايات المتحدة خيارات عسكرية أو امنية قد تضعف موقف الإدارة الحالية.
من المتوقع أن يكون الرد الأمريكي قويا و محسوبا في الوقت نفسه، مع التركيز على استخدام المعلومات الاستخبارية أو العمليات الاستهدافية، قد يكون الهدف من الرد توجيه ضربات محددة إلى المواقع التي تنتمي إليها المليشيات التي نفذت الهجوم على القاعدة، بحسب أبو زيد.
يرى النعيمي أن النظرة الإيرانية للأردن تركز على دورها الاستراتيجي، خاصة فيما يتعلق بموقعها الجغرافي في المنطقة، لتقاطع الهلال الشيعي مع العالم السني، حيث تسعى إيران من خلال وكلائها في المنطقة، إلى محاولة خلق وتحقيق مكاسب استراتيجية.
فيما يبين أبو زيد أن أطراف الصراع يبدو انهم متفقين ضمنيا على عدم التصعيد في المنطقة، لتجنب الانجراف نحو عمليات عسكرية تقليدية غير محسوبة نتائجها، كما يسعى الجانب الإيراني إلى استغلال التوترات الحاصلة في المنطقة لتحقيق مكاسب في ملفات المفاوضات النووية، وفيما يتعلق بأموال إيران المجمدة في البنوك الأمريكية والأوروبية.
تظهر الإحصائيات أن حوالي 2500 جندي أمريكي متواجدون في العراق، بالإضافة إلى 900 آخرين في سوريا، كجزء من مهمة تقديم المشورة والدعم للقوات المحلية، وفقا لتصريحات الولايات المتحدة.