سمعة مثل الليرة الذهب

سمعة مثل الليرة الذهب
الرابط المختصر

ليست قضية فصل الطالبين عضوي اتحاد طلبة الجامعة الأردنية ببعيدة عن موضوعنا اليوم، ما يهمني في قرار الفصل الصادر بحق الطالبين لمخالفتهم أنظمة الجامعة بحسب رئيس الجامعة أن القرار صدر دون حضور الطالبين لجنة التحقيق أو سماع أقوالهما، لعدم إشعارهم بها بالأسلوب المتعارف عليه من تعليق إعلان في ممرات الكلية.

 

والخبر المحذوف من موقع وكالة الأنباء الأردنية بترا والذي أكد فيه أمين عام اتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان أبو عرابي _ رئيس جامعة اليرموك سابقا _ خسارة الجامعات الأردنية لـ 3 آلاف باحث وأكاديمي خلال الأعوام الخمسة الماضية.

 

وإصدار عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الهاشمية قراراً منعت من خلاله الطلبة نشر أي خبر يتعلق بالجامعة الهاشمية على حسابهم الشخصي على مواقع التواصل الإجتماعي أو المواقع الإلكترونية. وتحذراتها طلبتها من القيام بما اسمته "تجاوزات"، حيث تنتظرهم عقوبات تصل حد الفصل النهائي من الجامعة.

 

أخبار مترابطة، لا تلقى إهتماما كبيرا في وسائل الإعلام المحلية، تتصدى لها بكل جدارة واقتدار الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة (ذبحتونا). ترابطها يكمن في عنصر أساسي في العملية التعليمة وهي الطالب.

 

هذا الطالب الجامعي الذي بات يكفر بكل أشكال الديمقراطية "الوهمية" التي يسوق لها في كل مرحلة انتخابية، فلا يسمح للطلبة بعد انتخاب مجلسهم الممثل بأن يصرفوا كامل مخصصات المجلس المقررة في ميزانية الجامعة، ولا تؤخذ الإدارات بقرارات واحتجاجات الطلبة على محمل الجد، لتصبح العملية الإنتخابية عادة سلبية في كثير من الأحيان لا أكثر ولا أقل.

 

ولا يخفى على أي طالب أو ولي أمر يهتم لسماع رأي ابنه أو ابنته في موضوع الحريات العامة والأكاديمية في الجامعات والتي كفلها الدستور ويتغنى بها الرؤساء في كل محافل الصور والمجاملات.

 

فهل يستطيع طالب اليوم الوقوف في وجه الأستاذ ليبين وجهة نظره وإن كانت المادة تشجع على النقاش وطرح جميع وجهات النظر؟ وهل تشجع الكليات المدرسين الجدد _ خريجوا الجامعات الأجنبية تحديدا _ على الخروج عن نص الدوسية واتباع اساليب حديثه في التعليم؟.

 

عدد كبير من الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعات أمريكية وأوروبية يواجهون بقوى شد عكسي طلابية وأكاديمية في حال خروجهم عن العرف المتخلف في التلقين مما يضطرهم للهجرة. وكم من مدرس لبث في مساق محتكرا إياه لسنوات دون تقديم أي بحث أو دراسة جديدة تؤكد تطوره العلمي والمهني في مجاله.

 

لا بيئة البحث العلمي ولا بيئة الحريات الأكاديمية تشجع على البقاء، فما الحل إذن !!

 

في بداية مشوراي الجامعي كحال أي طالب بعنفوانه يبدأ بالنقاش والبحث والمشاركة، لكنه سرعان ما يبدأ بالتباطؤ والخمول، فالزملاء ساخرون، والمدرسون يحترفون القمع، والخوف يسكن في خبايا النفس حتى يصل الأمر ببعض الطلبة لوضع رأسهم بين الرؤوس، إلاّ أن فئة قليلة من المدرسين والطلبة يأبون الخنوع لنظام تعليمي وعرف مجتمعي وأكاديمي سائد، فيواجهون بإنذارات وفصل وطرد من المحاضرات أو أختيار الهجرة.

 

 

التضيق من خلال إدارات الجامعات يأخذ اليوم شكلا آخر، فلم تكتف الإدارات بمنع الطلبة بفتح أفواههم بما يخالف أو يشارك المدرس في المحاضرة من أفكار، بل تطوّر الأمر إلى منعهم ومحاسبتهم على ما يدلون به من رأي عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

 

حدث ذلك معي عام 2009، حينما اتصل بي أحد المدرسين معاتبا بعد لقاء لمجموعة من الطلبة عبر برنامج في التلفزيون الأردني، وكان كل اتصاله استجوابا حول ما قلته في البرنامج، لتبين لاحقا أنه لم يشاهد اللقاء، وبنى فرضياته على "اسفين" دقه أحد الزملاء.

 

ومن خلال مدونتي الخاصة ذكرت رأيي بأسلوب شرح مدرس آخر لمساق، ولم افاجأ بإستدعائي لمكتبه لإستقبال عتابه بإبتسامة. وتحملت المسؤولية بحمل المساق حين ذاك.

 

على يقين أنا ومن اتبعني بأن المدرسين لا يتابعون ما ينشره الطلبة ولا الكادر الأمني الجامعي بمقدوره أن يتابع حسابات الطلبة الإلكترونية أو مدوناتهم في ظل التنامي التكنولوجي الذي يسبق فهمهم بسرعة الضوء، فمتى نتخلص من الجواسيس ؟ "زملائنا الذين أصبحوا برتب داخل الجامعات".

 

وبلغة إخراجية أخرى، ستجدون من الجمال والبلاغة تتنوعا قصصيا كبيرا في معاناة الإنسان (طالبا أو طالبة)، ولكنكم لن تجدوا الفرصة في تصوير بعض الأشكال القمعية، والجرأة على نشر التصورات والأفكار السائدة وبنية التناقض بالفكر الإنساني، بحجة الحفاظ على سمعة الجامعة، وأي سمعة تلك !!!