سلسلة قرارات رفع الأسعار بما فيها "المياه" تثير استياء مواطنين
أثار قرار التوجه الحكومي برفع أسعار المياه، عبر العديد من المواطنين عن استيائهم من هذه الخطوة، نتيجة للتأثيرات السلبية التي ستطال حياتهم وقدرتهم على توفير احتياجاتهم الاساسية، خاصة وأن هذا القرار ليس الوحيد الذي اتخذته الحكومة حيث قامت بتنفيذ سلسلة من القرارات التي تهدف إلى رفع أسعار العديد من السلع الأساسية خلال الفترة الماضية، مثل الكهرباء و المحروقات، وبعض السلع الغذائية، بتبريرات مختلفة، الأمر الذي بات يترتب على هذه السياسات الحكومية تحميل المواطنين أعباء مالية إضافية تثقل كاهلهم.
وتأتي هذه الزيادة في أسعار المياه بعدما أعلنت الحكومة نيتها برفع تعرفة المياه للاستهلاك المنزلي بنسبة تقريبية تبلغ حوالي 4.6% ، نظرا لارتفاع مديونية قطاع المياه سنويا، مشيرة إلى أن هذه الزيادة لن تطال الشريحة الأولى من الاستهلاك والتي لا تتجاوز نسبتها 30% من المواطنين.
وتقدر الوزارة مديونية قطاع المياه ترتفع سنويا بواقع 200 مليون دينار (280 مليون دولار) سنويا، مشيرة الى أن فاتورة الطاقة على المياه تصل إلى 160 مليون دينار سنوياً (225 مليون دولار).
ارتفاعات متتالية تثقل المواطن
"راتب المواطن المسكين هو الشيء الوحيد الذي بقي دون تغيير"، يقول أحمد خليل، معتبرا أن الارتفاعات المتتالية خلال الفترة الماضية أصبحت عبء كبيرا على المواطنين، معتقدا أن جميع قرارات الحكومة تتجه نحو زيادة الأسعار، بدء من المياه والبنزين والكهرباء، وصولا إلى المواد الغذائية.
يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في سياستها الاقتصادية، حيث أصبح المواطن غير قادر على تحمل تلك الزيادات الجديدة وأصبح غير قادر على تحمل تكاليف المعيشة الراهنة.
أما فتحي أحمد يصف هذا التوجه بغير المنطقي، متسائلا حول كيفية اتخاذ الحكومة لمثل هذه القرارات ، في وقت يعاني المواطن من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، مشددا على ضرورة أن تقدم الحكومة بدائل فعالية وخدمات مقابل هذه الزيادات خاصة فيما يتعلق بتوفير حصة المواطنين من المياه على الأقل.
ويعتبر سيف الدين أن قرار رفع الأسعار وتعديل تعرفة المياه قرار خاطيء في هذا الوقت، بالاضافة إلى تحويل فاتورة المياه من ربع سنوية إلى شهرية، يزيد من أعباء المواطنين ويجعلهم يواجهون مزيدا من الفواتير الشهرية، مثل الكهرباء، وأقساط المدارس وفواتير الإنترنت، والهواتف الخلوية، وإيجار المنزل، مما يزيد من الضغوطات الاقتصادية على المواطنين.
فتحي سمارة يشدد على أن رفع الأسعار بنسبة معينة لا يهم المواطن، ولكن ما يهمه هو كيف ستؤثر هذه الزيادات على دخله المحدود وقدرته على تلبية احتياجاته الأساسية.
بينما زيد الدهامشة يقول إنه مستعد لتحمل التكاليف الاضافية، لضمان تغطية تكاليف تشغيل وصيانة شبكات المياه، لان الحكومة تشير إلى أن نسبة فاقد المياه تصل إلى 50%، معتبرا ان ذلك ضروريا كون الأردن يعد من بين أفقر دول العالم في ما يتعلق بالمياه.
الحكومة ترفع الأسعار بدلا من معالجة التحديات
المحلل الاقتصادي والأكاديمي الدكتور قاسم الحموري في حديث لـ "عمان نت"، يرى أن الثقة بين المواطن والحكومة أصبحت معدومة، مشيرا إلى أن تبرير الحكومة لرفع اسعار المياه بسبب العجز والخسائر الكبيرة في تقديم الخدمة غير مقنع، حيث يؤثر سلبا على المواطنين.
ويشير الحموري إلى أن المواطن يتوقع من الحكومة إيجاد بدائل أخرى بدلا من رفع الأسعار، مثل معالجة فاقد المياه، والاعتماد على الطاقة الكهربائية، موضحا الى انه يمكن التفاوض مع صندوق استثمار الضمان لتوفير المياه بالكهرباء بتكلفة منخفضة ، مما يخفف من ضغط رفع الأسعار على المواطنين ويوفر لشركة المياه.
تواجه المملكة أزمة كبيرة فيما يتعلق بنقص المياه ومشاكل في مصادرها، بحسب الحموري الذي يرى بأنه يجب على الحكومة إيجاد حلول لمعالجة هذه المشكلة، خصوصا مع اقتراب نسبة هدر المياه من 50%، مشددا على ضرورة أن تتعامل الحكومة مع المشكلة الحقيقية بدلا من الاعتماد على رفع الأسعار.
ويقترح أن تستخدم الحكومة الزيادة في الأسعار لمدة خمس سنوات لتمويل استبدال الشبكات المهترئة ومعالجة الفاقد المائي، بعد ذلك، يمكن أن تعمل الحكومة على تخفيض أسعار المياه كجزء من الحلول.
واقع المياه في المملكة
وفقا لمخرجات البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، قدمت وزارة المياه والري مقترحا لتعديل تعرفة المياه وتقديم شرائح مختلفة للمستهلكين، وهذا المقترح سيتم عرضه لاحقا أمام مجلس الوزراء للمصادقة عليه.
فيما يتعلق بالوضع المائي في الاردن، يؤكد وزير المياه والري على نقص كميات المياه المتاحة للاستخدامات كافة، ورغم ارتفاع نسبة تخزين السدود الرئيسية إلى مستوى مقداره 30% في العام الحالي، الا ان المخزون الكلي للسدود يبلغ حوالي 84 مليون و596 ألف متر مكعب من أصل 280 مليون متر مكعب.
وتتوقع وزارة المياه أن تنخفض حصة الفرد السنوية من المياه العذبة المتجددة من 61 متر مكعب إلى 35 متر مكعب بحلول عام 2040، في حال استمرار مصادر المياه كما هي، علما أن متوسط حصة الفرد من المياه على مستوى العالم حوالي 9 آلاف متر مكعب سنويا عام 2019.
وتشير البيانات أن الأردن، يعتبر ثاني أفقر دولة مائياً في العالم، من ناحية الموارد المائية، ويستهلك كميات مياه أكثر من تلك المتاحة من المصادر المتجددة، ولا تتجاوز حصة الفرد من المياه 90 متراً مكعباً سنویاً، علماً، ويعتبر خط الفقر المائي للفرد عالميا محدد بـ 500 متر مكعب سنویا.