رخصة القيادة حق ويجب ان لا تكون أداة سياسية

داود كتاب

تعتبر رخصة القيادة في أي بلد وثيقة تسمح لحاملها بقيادة المركبة، وفي الكثير من الأحيان يتم استخدام رخصة القيادة والتي تشمل أيضا صورة كوثيقة للتعريف بحاملها في حال كان هناك حاجة للتأكد من هويته كصرف شيك أو التعامل مع جهة رسمية أو حتى في دول معينة للسفر الداخلي وغيره من الأمور الحياتية.

 

وتقدم الرخصة بعد اجتياز حاملها لفحوصات نظرية وعملية، وطبعا بعد التأكد من هوية طالبها من خلال وثائق ثبوتية أخرى.

 

ومن المتوقع أن تقوم دائرة السير من التأكد من كل تلك الأمور الثبوتية والقدرة على القيادة قبل إصدار الرخصة. ولكن دائرة السير الأردنية أعطت موضوع إصدار الرخصة بعداً سياسيا يشمل تمييزا واضحا بين طالبيها.

 

عند طلب رخصة قيادة يتم التمييز بين أبناء الأردنية والتي والدها من دولة معينة مقابل من هي أو هو ابن زوج الأردنية من فلسطين المحتلة. قبل عدة سنوات أعلنت حكومة عبد الله النسور أن أبناء الأردنيات يحصلون على مزايا مماثلة للأردنيين في عدة مجالات ومنها رخصة القيادة. إلا أنه بعد متابعة هذه العملية تبين أن ذلك غير صحيح على الأقل بالنسبة لأبناء الفلسطينيين. فبالإضافة إلى الموافقة الأمنية يتم طلب توفير ما يسمى بلم الشمل من أبناء الأردنيات، أي أن طالب رخصة القيادة من أبناء الآباء الفلسطينيين يجب إثبات أن له، أو لها، الحق في العودة والسكن في فلسطين.

 

ليس هذا فحسب ولكن آخر تعقيدات الدولة الأردنية لأبناء الأردنيات من والد فلسطيني هو ضرورة أن يثبت أنه معيل لوالدته حتى يتم إعطاؤه الموافقة من دائرة المتابعة والتفتيش للتقدم بطلب رخصة قيادة.

 

كل تلك الشروط تتم لفئة معينة في حين يتم تجاهل أي شروط تذكر لرعايا بعض الدول. فرغم أن على كل غير أردني يرغب بالحصول على رخصة القيادة أن يثبت إقامته في الأردن إلا أن هناك تساهلا في الشروط لبعض الرعاية دون غيرهم. فمثلا يتم اشتراط الحصول على موافقة أمنية لغالبية الرعايا الأجانب المقيمين في الأردن ما عدا دول الخليج العربي والتي تقدم لهم رخصة القيادة دون فرض هذا الشرط.

 

إن اهتمام الدولة الأردنية وحرصها في التدقيق قبل تقديم رخصة قيادة أمر مهمّ، ولكن أن يتحول التدقيق الى أداة سياسية تمييزية فهذا مناف للدستور والمواثيق الدولية التي وقع الأردن عليها، إضافة إلى أنه يشكل إهانة لنصف الأردنيين ممن هم من جنس غير ذكوري. فكل تلك التعقيدات تتم بسبب تمييز واضح حول جنس أحد الوالدين وهذا أيضا مناف للمادة السادسة من الدستور الأردني والتي ترفض التمييز بين الأردنيين وكلمة أردنيين تعني تشمل الذكور والإناث.

 

لقد حان الوقت للتوقف عن استخدام الوثائق الرسمية ومنها رخصة القيادة لتعقيد حياة المواطنين والتوقف عن التمييز بين فئة وأخرى ممن يحق لهم الحصول على رخصة قيادة حسب القوانين والتعليمات السارية.

 

لا شك أن كل من له أب أو أمّ فلسطينية لا يرغب بالهجرة وتفريغ فلسطين من أبنائها وبناتها، ولكن هناك أمورا تفرض على الإنسان ضرورة السكن المؤقت أو الدائم في الأردن، وعلى الدولة الأردنية تقديم نفس المميزات لأبناء الأردنيات كما يتم لأبناء الأردنيين. فهل يتم وضع شروط لأبناء الأردنيين ذوي الأمّ الفلسطينية، على سبيل المثال؟ ألا يشكل ذلك خطرا على الهجرة وتفريغ فلسطين من أبنائها؟!.

 

 

أضف تعليقك