رجا طلب يقرأ"الإنجيليون وترامب ونهاية الخرافة"

الرابط المختصر

في كتابه" الإنجيليون وترامب ونهاية الخرافة " يذهب رجا طلب لإستقراء الأيديولوجية الدينية التي تقف وراء الدعم الأمريكي غير المحدود لدولة الإحتلال الصهيوني، هنا يحاول رجا في كتابه الصادر حديثا في عمان التشبيك بين تلك الأيديولوجية المتمثلة بــ"الإنجيليون الجدد " أو"المسيحية الصهيونية " وبين السياسة الأمريكية التي ينتهجها كل زعماء البيت الأبيض سواء أكان زعيما ديمقراطيا او جمهوريا.

وحتى نقول ما على الكتاب وما له، فقد قرأته باعتباره تقريرا صحفيا مطولا "91 صفحة من القطع المتوسط "، ومن المؤكد ان عقلية الصحفي هي التي صاغت مضامين الكتاب، وهي ميزة تحسب له لا عليه، فقد قدم الصحفي رجا طلب مادته باسلوب صحفي عززت من سهولة القراءة أولا ومن تقديم المعلومات الوافرة للقاريء مبتعدا تماما عن البحث الأكاديمي وأساليبه المعقدة أحيانا.

لا يقف رجا طلب عند مصادر القوة التي تتمتع بها إسرائيل داخل أمريكا عامة وداخل البيت الأبيض خاصة بتوظيف العقيدة الدينية القائمة على تهيئة العالم لعودة المسيح عليه السلام، بل يذهب لإظهار ثنائية القوة المتمثلة بــ"المسيحية الصهيونية" وبـ "قوة المال "، وهي الثنائية التي صنعت بالنتيجة رؤساء أمريكان كانوا أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم "، وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب احد هؤلاء.

إن تحالف الديني والمالي هو الذي هيأ كل الظروف لإنشاء دولة الإحتلال الصهيوني على أراضي فلسطين حين بدأ المشروع الصهيوني يتوالد في بريطانيا لينتقل لاحقا إلى أمريكا، التي رعت ولا تزال ترعى دولة الإحتلال على حساب الفلسطينيين وعلى حساب الأمن والسلام في المنطقة والإقليم، وهذا ما يتتبعه رجا طلب.

يرى رجا طلب أن تحقيق الحلم الإسرائيلي بفلسطين لم يبدأ من مؤتمر بازل سنة 1897، أو حتى من بريطانيا ووعد بلفور، ببل يذهب الى ما هو أبعد من ذلك من خلال الدعم العقائدي غير المحدود المتمثل بحركة"الإنجيليين المسيحيين" المؤمنون بخرافة عودة المسيح ، وإعادة بناء الهيكل فوق الحرم القدسي، واعتقادهم الراسخ أن إعادة بناء "هيكل سليمان" هو الخطوة الأولى على طريق عودة عودة"المسيا" وبداية معركة هرمجدون، التي يسميها بجا طلب "عتمة الخرافة " والتي ستحدد حسب الخرافة او السردية التلمودية" مصير العالم ".

يتوقف رجا طلب عند شخصية الملياردير الصهيوني شيلدون أدلسون "توفي بتاريخ 11 يناير كانون ثاني 2021 ودفن تكريما له في جبل الزيتون " كنموذج لسلطة المال وتحالفها الداعم لسلطة السياسي المتطرف "نيتنياهو نموذجا" لبناء قوة التفوق الإسرائيلي ليس على الفلسطينيين فقط وإنما على المنطقة والإقليم، هنا يحاول رجا طلب إزاحة الكثير من غبش الأسرار التي تغلف أسرار الدعم الامريكي اللامتناهي لدولة الإحتلال قائلا( إن شيلدون أدلسون كان مؤمنا ايمانا كاملا بضرورة إنهاء الوجود الفلسطيني في فلسطين التاريخية لأنه يعتبره النقيض لصهيونيته وليهوديته ).

ويرى طلب في كتاابه أن أدلسون يعد أحد اكبر المتبرعين للحزب الجمهوري وساهم بشكل كبير في فوز دونالد ترامب وبسبب ما يملكه من قوة تأثير عليه فقد نجح ادلسون بتوجيه الرئيس ترامب بشأن سياساته المنحازة لإسرائيل خاصة في قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس واعتبارها العاصمة الأبدية لإسرائيل، وهو الوعد الذي تعهد به ترامب لأدلسون قبل أن يصبح رئيسا حاكما في البيت الأبيض.

في كتاب "الإنجيليون وترامب ونهاية الخرافة " يؤكد رجا طلب على أن الخرافة التوراتية هي التي تصوغ البرنامج السياسي لكل أحزاب دولة الإحتلال وسياساتها، وكأنه يريد القول إن إسرائيل ليست دولة علمانية بقدر ما هي دولة دينية متطرفة تؤمن بقتل البشر والحجر وتفريغ فلسطين من أهلها لقيام الدولة اليهودية الخاصة وهو الحلم الذي نادي به تيودور هرتزل في كتابه"الدولة اليهودية" وهو ما حققته إسرائيل حين أقر الكنيست قانون الدولة اليهودية.

كتاب طلب على صغر حجمه لم يذهب طويلا في استحضار المراجع والمصادر على النسق البحثي الأكاديمي، بقدر ما أراد تقديم وجبة صحفية غنية بالمعلومات والتحليل وبأسلوبه الكتابي الرشيق.

يؤمن رجا طلب بحتمية موت خرافة التوراة وأساطيرها، ويؤكد ضمنا بأن الصمود الفلسطيني فقط هو من سيحطم كل إفرازات خرافات التوراة، بما فيها خرافات ترامب ودعاوى الإنجيلية المتصهينة التي ترى في توسع وتفوق إسرائيل تهيئة لعودة المسيح"الميسا " ليحكم العالم باسم اسرائيل هذه المرة أيضا..

وللحقيقة فإن أسطورة الصمود الفلسطيني ستهزم حتما أسطورة التوراة وخرافاتها، وهذا ما يحاول رجا طلب قوله طيلة صفحات كتابه.