رئيس الوزراء: الدولة قوية بإنفاذ القانون على الجميع
الرزاز: الدولة الأردنيّة لا تختزل بشخص ولا بنقابة ولا بحزب، بل هي منظومة مؤسّسات راسخة يحكمها الدستور.
الرزاز يؤكد التزام الحكومة بحماية عمال المياومة والقطاعات الأكثر تضرراَ، وصرف علاوة موظفي القطاع العام اعتبارا من بداية العام المقبل.
عمان 26 تموز - أكد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أنّ الدولة قوية بإنفاذ القانون على الجميع، مشيرا إلى أهمية تذلّيل العقبات، واغتنام الفرص، لرسم معالم مستقبل أبنائنا وأحفادنا في مجتمع قوي يمارس حقوقه وواجباته ضمن التشريعات.
وشدد رئيس الوزراء على أن الدولة الأردنيّة لا تختزل بشخص، ولا بنقابة، ولا بحزب، بل هي منظومة مؤسّسات راسخة على مدى قرن من الزمن، يحكمها الدستور الأردني الذي يشمل مؤسّسة العرش الهاشمي، والسلطات الثلاث: التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة.
وأشار الرزاز خلال كلمته الأسبوعية اليوم الأحد، إلى اقتراب الدولة من الاحتفال بمئويتها الثانية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وتدشينها لمئة عام من البناء المتراكم في دولة القانون والمؤسّسات، ودولة الإنتاج والاقتصاد الوطني المنيع، ودولة التكافل والأسرة الواحدة المتراحمة المتحابّة المتعاونة على الخير.
وأكد في هذا الصدد أن ما حققته الدولة من إنجازات خلال مئويتها الأولى جاء بفضل قيادة هاشميّة فذّة، وبأيدٍ وسواعد أردنيّة، متمثّلة بمؤسّسات دستوريّة عريقة، وجيش عربي مصطفوي يحمي حدودنا، وأجهزة أمنية تحفظ الأمن والأمان، وكوادر من القطاع العام تحمي المال العام وتقدم الخدمات الأساسية، إضافة إلى مساهمة فاعلة من القطاع الخاص الذي يُشغل الأيدي العاملة.
وحول التعامل مع جائحة كورونا، أكد الرزاز أن الدولة اثبتت قدرتها على مواجهة الاثار الصحية للوباء من خلال التعاون والتراحم والتكافل بروح الأسرة الواحدة التي تُعنى بالفرد الأكثر تضرّراً، وليس بروح مناعة القطيع وشريعة الغاب التي تقول أنّ البقاء للأقوى، مؤكدا التزام الحكومة بحماية عمال المياومة والقطاعات الأكثر تضرراَ، وصرف علاوة موظفي القطاع العام اعتبارا من بداية العام المقبل.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد على استمرار الحكومة في حماية المال العام ومكافحة الفساد بكل أشكاله، مشيرا إلى أن من يحمي المال العام هو الموظّف العام والمسؤول والمواطن الصالح، وصاحب العمل الملتزم، والجهات الرقابيّة، ومجلس الأمّة بشقّيه الأعيان والنوّاب.
وتاليا نص كلمة رئيس الوزراء:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي وإخواني المواطنين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقترب يوماً بعد يوم من اليوم التاريخي، الذي سيدشّن المئويّة الثانية للدولة الأردنيّة، والذي سنحتفل به جميعاً - بإذن الله- ، تحت ظلّ الراية الهاشميّة، بقيادة سيّدي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني - حفظه الله-.
سندشّن مئة عام من البناء المتراكم في دولة القانون والمؤسّسات، وفي دولة الإنتاج والاقتصاد الوطني المنيع، ودولة التكافل والأسرة الواحدة المتراحمة المتحابّة المتعاونة على الخير.
كلّ ذلك ما كان ليتمّ لولا أن حبانا الله بقيادة هاشميّة حكيمة، تستمدّ شرعيّتها من آل بيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ومن مبادئ الثورة العربيّة الكبرى، التي آمنت بالوحدة والتحرّر من الاستعمار، وأيضا من مئة عام من الإنجاز بقيم تنبذ العنف، وترسّخ مبادئ التسامح والحوار، وتجسّد مقولة: "الإنسان أغلى ما نملك".
ما تحقّق حتّى اليوم من إنجازات، تحقّق بقيادة هاشميّة فذّة، وبأيد وسواعد وعقول أردنيّة، متمثّلة بمؤسّسات دستوريّة عريقة، وبجيش عربيّ مصطفويّ يحمي حدودنا، واصلاً الليل بالنهار، وأجهزة أمنيّة تحفظ الأمن والأمان، الذي هو أساس استقرارنا الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وكوادر قطاع عام تحمي المال العام، وتقدّم خدمات الصحّة والتعليم والعدل والبنية التحتيّة؛ مؤمنة أنّ الخدمة شرف، وخدمة المواطن هي خدمة وطن.
ما تحقّق اليوم، تحقّق أيضاً بمساهمة قطاع خاصّ وطنيّ منتج وملتزم، مشغِّل للأيدي الأردنيّة والطاقات المبدعة المتميّزة لشبابنا، وتحقق أيضاً بمؤسّسات مجتمع مدنيّ من أحزاب ونقابات وجمعيّات غير ربحيّة، رسّخت مبدأ المواطنة الفاعلة، التي لطالما حثّنا عليها جلالة سيّدنا، في أوراقه النقاشيّة.
مع اقتراب مئويّتنا الثانية، نسأل أنفسنا السؤال التالي: هل وصلنا إلى ما نصبو إليه؟ الجواب: بالطبع لا، فرغم ما حقّقناه من إنجازات على مدى قرن من الزمن إلّا أنّ حدود طموحنا هي السماء، وتطوير منظومة مؤسّساتنا السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وانعكاسها على الحياة العامّة والخاصّة، مشاركةً وازدهاراً، وهي طموح مشروع لكلّ أردني.
ويبقى السؤال الآخر: إذا كان طموحنا كأردن أكبر بكثير ممّا حقّقناه، فكيف نمضي قُدُماً؟
الجواب من شقّين: الشقّ الأوّل: هو أن نستخلص الدروس والعبر من تجاربنا وتجارب الآخرين. والشقّ الثاني: كيف نرسم معاً، كدولة، الطريق نحو المستقبل.
في الشقّ الأوّل: فلقد علّمتنا التجارب أنّ الدولة الأردنيّة قويّة بمؤسّساتها التي أثبتت على مدى عقود قدرتها على مواجهة أزمات خارجيّة وداخليّة خرجت منها أكثر صلابة ومنعة. ولقد علّمتنا هذه التجارب أنّ الإنسان الأردني هو الغاية والوسيلة، وأنّ البناء التراكميّ، وليس الهدم، هو الطريق للتغيير نحو حياة أفضل ومنعة أكثر صلابة.
وفي معركتنا الحاليّة مع جائحة كورونا، أثبتنا أنّنا معاً قادرون على الكثير في مواجهة الآثار الصحيّة للجائحة، إذا تعاونّا وتراحمنا وتكافلنا بروح الأسرة الواحدة، التي تُعنى بالفرد الأكثر تضرّراً، وليس بروح مناعة القطيع وشريعة الغاب التي تقول أنّ البقاء للأقوى واللهم نفسي.
وها نحن نقبل على معالجة الآثار الاقتصاديّة التي عانى منها المواطن الأردني، كما يعاني كلّ العالم، وبنفس القيم: فنشكر ونثني على صاحب العمل الذي صبر في هذه المرحلة ولم يسرّح عمالته، والعامل في القطاع الخاصّ الذي قبل باقتطاع نسبة من راتبه على المدى القصير ليساهم باستمرار العمل وليحفظ أمانه الوظيفي على المدى المتوسّط والطويل، والمؤجّر الذي سامح المستأجر بأجرة العقار في فترة كان فيها العمل معطّلاً، والموظّف العام الذي تفهّم، بالرغم من ظروفه المعيشيّة الصعبة، قرار تأجيل العلاوة المقرّرة إلى بداية عام 2021كلّ هؤلاء يستحقّون منّا الثناء والتقدير.
ونلتزم معا بحماية عمال المياومة والقطاعات الأكثر تضرراَ، وصرف علاوة موظفي القطاع العام جميعاً من بداية العام القادم .. هذه دولتنا .. وهذه قيمنا .
وفي المقابل، فإنّ تجارب العالم من حولنا تشير إلى أنّ دولة الفرد الحاكم الواحد الأوحد، ودولة الحزب الأوحد، ودول الاستبداد التي لا تحكمها دساتير ولا تشريعات، بل أيديولوجيّات وأهواء وأمزجة وخطاب كراهية، وإقصاء الآخر، فكلّ هذه التجارب لم تجلب إلّا الخراب تحت شعارات برّاقة مدغدغة للعواطف، ولكن خالية من المضمون.
نحمد الله أنّ الدولة الأردنيّة لا تختزل بشخص، ولا بنقابة، ولا بحزب. الدولة الأردنيّة هي منظومة مؤسّسات راسخة على مدى قرن من الزمن، يحكمها الدستور الأردني الذي يشمل مؤسّسة العرش الهاشمي، والسلطات الثلاث: التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة، ويحدّد الحقوق والواجبات، والأسس للاتفاق والاختلاف، والوصول إلى توافقات بعيداً عن الاستقواء على الدولة، والتطاول على القانون، والممارسات التي تصادر حقوق الآخرين وحريّاتهم.
في الشقّ الثاني حول المستقبل: ندرك أنّ طريقنا إلى ما نصبو إليه ليس مفروشاً بالورود، ولن نصل إلى مبتغانا بين ليلة وضحاها؛ ولكنّنا سنمضي إن شاء الله، بقيادة جلالة سيّدنا - حفظه الله - بالجدّ والمثابرة وبالالتزام بمنظومة القيم التي أوصلتنا إلى هنا، وبدولة القانون والمؤسّسات، نحو مستقبل زاهر، نحدّده معاً من خلال مؤسّساتنا الدستوريّة، وبمشاركة فاعلة من مواطنينا وممثليهم؛ بحيث يطرحوا قضاياهم المطلبيّة، وآراءهم ، وتقييمهم لأداء الحكومة، ويجمعنا معاً في كلّ ذلك الدستور والقانون، والتفافنا حول قيادتنا الهاشميّة.
هذا تماماً ما ميّزنا عن غيرنا وجعلنا واحة استقرار؛ صحيّاً وأمنيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً، وبشهادة القاصي والداني.
كما تعلمون اخواتي واخواني معركتنا في هذه الأيّام هي حماية المال العام ومكافحة الفساد بكل أشكاله، وتقديم الخدمة التي تليق بمواطننا الأردني كما يوجّهنا به دوما جلالة الملك حفظه الله.
من يحمي المال العام هو الموظّف العام والمسؤول والمواطن الصالح، وصاحب العمل الملتزم، والجهات الرقابيّة، ومجلس الأمّة بشقّيه الأعيان والنوّاب.
ومن يقدّم الخدمة التي تليق هو أيضاً الموظّف العامّ، والمسؤول المساءل عن أدائه، والمواطن صاحب الحقّ في تلقّي الخدمة الذي يزوّدنا بالتغذية الراجعة.
فلنمضِ معاً، تحت الراية الهاشميّة المظفّرة، نذلّل العقبات، ونغتنم الفرص، ونرسم معالم مستقبل أبنائنا وأحفادنا في دولة قوية بقوانينها وانفاذها على الجميع، ومجتمع قوي بممارسته لحقوقه وواجباته ضمن القانون بعون الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--(بترا)