ذيول المبادرات … خصوصاً المالية منها

مبادرة جميلة تلك التي أطلقت خلال هذا الأسبوع والتي تدور حول وإسقاط أو تأجيل حقوق أصحاب الدين عن الناس، من باب التكافل والتعاضد الاجتماعي. 

المبادرة #سامح ، بعضها غلف برداء ديني، وبعضها برداء وطني، فيما اغلبها استعراضي تطارد ذيولها !

⚫ هذه  المبادرة شهدتها كثيراً دول الخليج خصوصاً الإمارات العربية المتحدة، تحت عنوان سامح في عام التسامح، شارك فيها مؤسسات الدولة هناك، والأفراد على حد سواء ! لكن الذي أطلق المبادرة كانت جهة حكومية، أي أن المبادرة تخضع للرقابة الحكومية، لا للأفراد ! 

الكثير بادر وأعلن عن تنازله عن حقه الشخصي لوجه الله والوطن والملك.

في الحقيقة لا أدري ما علاقة الله والوطن والملك، بفعل فردي ايجابي ينتجه الإنسان. 

استطيع الاعلان عن اسقاط جميع الديون المترتبة على الناس، لكن من يملك القدرة على مسألتي، أو التأكد من صحة ما أقول ؟ وهل هناك رقيب على بعيداً عن رقابتي الذاتية لنفسي، مثلاً هل تكترثون لرقابة الله لكم، ماذا لو كنتم لا تكترثون ؟ هل تسألون لو راقب الملك افعالكم؟ ماذا عن الوطن ؟

أن تسامح بديونك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هذا حق شخصي لك تشكر عليه، لكن هذا لا يمنحك الحق بذكر أسماء الناس الخاضعة رغماً عنها تحت نيران الديون، سيما وأن المال في فلسفته لله وانت لا مال لك !

⚫ من زاوية اخرى، المبادرة كما قلنا جميلة، وفيها بعض من الصدق والحقيقة، لكن هل هي مرتبطة بفعل قانوني، يراقبها، ويسقط مطالب الناس فعلياً عن الناس، أم تراها كما عروض “ الجمعة السوداء “ التي يبدع فيها التجار باستغلال المواطنين من خلال عروض وهمية، تخضع لسياسة الجشع التي تسبق خطى التجار !  

اعلانات الفيسبوك وتويتر، كما الكلام العابر، لا مربط عليه، لا يخضع للمحاسبة، وهو وسيلة للاستهلاك أو الاستهبال والاستهتار بالآخرين، بل هو وسيلة لتعميق جراح الدولة بشكل مباشر وغير مباشر. 

 وهنا مكمن الخطورة، إذا كان التجار والمواطنين قادرون على إسقاط الحقوق عن الناس، فهذا يعني أن السوق الأردني بألف خير، وأن التجار يربحون، وأن المبالغ التي تم التنازل عنها لا تشكل فارقاً أمام حقيقة المرابح التي يجنونها. 

⚫ اضافة لذلك، هل إسقاط الحقوق، عن الناس يشمل المساجين الذين يقبعون خلف قضبان السجون على مبالغ تكاد لا تذكر، وهل تشمل المبادرة إسقاط ديون صندوق المرأة ساهم بشكل خطير جداً في هز أركان الأسر الأردنية. هل تساهم البنوك في هذه المبادرات، وماذا عن  المؤسسات المالية ؟

في الحقيقة لا أحد يكترث لما يطرح، لأن الدولة غائبة عن المتابعة، والمبادرات التي باتت تشبه مشاريع الحكومة الأردنية وانجازاتها، لا يثق بها الناس، ربما لكونها لا تخضع للرقابة، والمساءلة، بقدر ما تستهلك قدراً ساذجاً من العبث والتهريج، لكن على حساب مشاعر وحاجة المواطنين ! 

اتمنى من القائمين على المبادرات - خصوصاً - المالية منها، ان يفكروا ملياً في إنتاج مبادرات لزراعة الأراضي مثلاً، تنظيف مداخل بيوتاتهم، لتزيين الشوارع، لتدفئة الأسر الكريمة، لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة،   هل فكر أحد منكم في يوم من الايام المبادرة بايجاد الية لدعم قواتنا المسلحة والاجهزة الامنية، هل فكرتم دعم المدارس، أو تقديم فعاليات توعوية في المؤسسات التعليمية، هل بادرت بزيارة أختك التي حرمتها من الميراث، وهل بادرت باعادة علاقتك مع جيرانك، وهل بادرت باعادة منسوب الصدق الى ذاتك المغلفة بــ“ رولات “ الكذب والنفاق، قبل أن تتصدر مجتمعياً، الأولى أن تعيد اكتشاف ذاتك، وذلك اضعف الايمان. 

اخيراً: اتمنى على اجهزة الدولة أن تتابع هذه الفئات بالأسماء، لأن ما نراه من مبادرات، لا يدعو للاطمئنان، بل للاشمئزاز. 

هذه السطور ليست تعميماً، لكنها على الأغلب.

أضف تعليقك