"ده بيركب ببلاش"
يوم واحد يفصلنا عن الموعد النهائي لفترة السماح بتعديل عدادات التكاسي بعد قرار تخفيض أجور النقل العام في المملكة، فيما وصل عدد السيارات من الأسطول الأصفر التي عدلت عداداتها إلى 1600 من أصل 20 ألف سيارة، تؤكد مصادر بأن إدارة النقل في أمانة عمان الكبرى ستقوم بعديل أجرة "مدة الإنتظار للتاكسي"، في ذات الوقت يعتصم العشرات من سائقي خطوط السرفيس في مجمع رغدان احتجاجا على قرار تخفيض أجور النقل، سبق ذلك اعتصام لخط جسر الملك حسين وخط عمان العقبة الذي تم تعديل أجرته "استثناءا" عالسكيت.
كأي مواطن أدفع ما يقارب 23 % من دخلي الشهري على المواصلات العامة في الأردن، أركب التكسي والسرفيس والكوستر، أجدني مضطرا لتفادي الدخول في جدل واسع مع السائق بسبب عدم التزامه بالتسعيرة الجديدة، هذا الجدل الذي لا ينتهي ليس لجهل السائق ولا جهل الراكب.
جهلين مركبين يضاف إليهما جهل المسؤول الأردني بأبجديات عمله، وإلاّ كيف يمكن تفسير هذا التخبط في اتخاذ القرارات وعدم رد المسؤولين والتراشق في اللوم والإتهامات "تحت الهواء" فيما يتعلق بتعديل الأجور ووقت التعديل ومعادلته واستثناءات بعض الخطوط واعتصام أخرى، ومن يدير قطاع النقل في المملكة؟
هل نستطيع كمراقبين (في ظل تنازع وتداخل الصلاحيات) تحديد جهة واحدة لتحميلها المسؤولية في ظل وجود إدارة مشتركة للمرور والنقل في الأمانة وهيئة تنظيم قطاع النقل البري ووزارة النقل ومؤسسة المواصفات والمقاييس ؟
الأخيرة التي قال مديرها حيدر الزبن أن تعديل العدادات يجب أن يبثت بلصق "ليبل" خاص على العداد يمكن للمواطن من خلاله معرفة إذا ما كانت السيارة الي يركبها قد عدلت تسعيرتها أم لا، وأن هذا الملصق حتى اليوم لم يخرج من المطبعة، بعد 15 يوما على قرار التعديل.
وزارة النقل "الراس الكبير" في القطاع والتي تدعي في رؤيتها أنها تسعى لتعزيز قطاع نقل مواكب للتطور مستدام ومرن وجعل الأردن مركزاً محورياً للنقل بالإضافة إلى وضع سياسات لتطوير وإدامة قطاع النقل ومراقبة تنفيذها وتعزيز دور القطاع الخاص وتحفيزه على الاستثمار لزيادة كفاءة القطاع وتوفير خدمات نقل للمجتمع نوعية وآمنة وتحافظ على البيئة، آن لها أن تدرك أنها بتخبط القائمين عليها ومن يقع تحت مظلتها الآن وسابقا تجعل من الأردن مركزا محوريا للفوضى، وتجعل من المواطنين والمشغلين قنابل موقوته تسطف لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة صيفا وفي البرد القارس شتاءا بإنتظار قدرها المحتوم بالرفض التام لكل ما تقوم به من إجراءات "متعثرة ومتخلفة".
وإني لأستغرب حصول الوزارة على جائزة الملك عبد الله الثاني للتميز في الأداء الحكومي والشفافية لعام 2014 في ظل هذا الأداء الفاشل الذي يلسمه المواطن يوميا في شوارع المملكة.
لن نتوسع بالحديث عن أزمة الهجرة من المدن والقرى الأردنية إلى العاصمة عمان والتي أثبتتها احصاءات رسمية بسبب عدم وجود وسائل نقل سريعة وآمنة بين المحافظات كالقطارات وعدم توفر فرص العمل في تلك المناطق، ولن نتحدث عن الشركات الخاصة التي تسيطر على خطوط بعينها والتي لا نعلم كيف سقطت بالبراشوت على هذه الخطوط، عن خطط استراتيجية لا يبشر الواقع اليومي بتطبيق حرف منها أو تحسن الأحوال مستقبلا.
ما يعنيني اليوم كمستخدم للوسائط العامة للنقل في الأردن، أن اركب بهدوء للمكان الذي أريد وأدفع اجرة معقولة، وأترجل فرحا أنا والسائق والمشغل وأن يكون هناك موعد محدد للإنطلاق والوصول، وأن لا ازاحم في الممرات وفي الحافلات، أن لا أتأخر على محاضرتي أو عملي، لا أريد قطارات أو مترو أنفاق ولا أريد أن أركب ببلاش .. يكفي أن جميع مسؤولي قطاع النقل "سياراتهم حكومية وبيركبوا ببلاش".