دعوات للمشاركة الحزبية للشباب يقابلها الخوف والتقييد
تتجنب الطالبة رهام كغيرها من الطلبة المشاركة في أي من النشاطات السياسية داخل الجامعة خوفا من الملاحقة الأمنية، أو يتم تهديدها بالفصل من قبل إدارة الجامعة، على حد قولها.
وتضيف إلى أن العمل الحزبي في مجتمعنا لا يزال ضعيفا، ويرهب الطلبة، نتيجة تسليط القوة الأمنية عليهم، مما أدى إلى عزوف العديد من الشباب عن المشاركة في العمل السياسي.
فيما يستذكر الثلاثيني خليل بأنه في بداية انضمامه إلى أحد الأحزاب، تسبب ذلك بخسارة وظيفته التي كان يعتاش منها، نظرا للتضيق الأمني عليه، هذا الأمر دفع صاحب العمل إلى إنهاء خدماته خوفا على مصلحته.
لم تثني هذه الحادثة من مواصلة خليل للعمل الحزبي ويقول" واصلت انشطتي الحزبية لإيماني بأن الأحزاب هي الأداة الوحيدة التي تمكننا من الدفاع عن الوطن ومحاسبة الفاسدين، بالاضافة إلى الدفاع عن حقوق الطلبة والفقراء، عن طريق ما يتم طرحه من برامج داخل هذه الأحزاب.
رغم أن نتائج دراسة أجراها مركز الأمة للأبحاث العام الماضي تشير إلى تراجع تأثير التحدي الأمني إلى 3%، إلا أن ارتفاع مستوى تحدي القبول الشعبي، والذي وصل إلى 19 % تتداخل مع التحديات الأمنية، إذ ان من أهم الأسباب وراء العزوف الشعبي عن الانضمام للأحزاب هو الخوف من فقدان الوظائف، أو الحرمان من الحصول على وظائف يطمح إليها المواطنون، وهذا كله مرتبط بالجانب الأمني.
أسباب عزوف الشباب عن العمل الحزبي
ما بين الخوف والرغبة من الانتساب إلى الأحزاب، هناك دعوات ملكية تشدد على ضرورة انخراط الشباب في العمل الحزبي، كان آخرها لقاء الملك عبدالله الثاني برئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة مؤكدا على أهمية دور الشباب كمحرك رئيس لعملية التحديث، مع ضرورة أن تكون هناك استراتيجية واضحة لكسر حاجز الخوف أو التردد عند الشباب، لضمان مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية والحزبية.
عضو حزب الوحدة الشعبية الشاب مالك أبو الهيجاء يصف هذه الدعوات بالأمر الإيجابي، إلا أنه في ذات الوقت يستبعد بأن تكون هذه الرسالة موجه للداخل الأردني لتشجيع الشباب في العمل السياسي، بقدر ما هي رسالة تهدف إلى استقطاب المزيد من التمويل الخارجي.
ويشير أبو الهيجاء إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الشباب وتحد من ممارسة عملهم الحزبي، هي الاعتقالات السياسية والملاحقات الأمنية، وعدم وجود نية حقيقة لانخراط الشباب بشكل فعلي الأحزاب في ظل وجود قانون الجرائم الإلكترونية الذي يتم استخدامه كوسيلة لملاحقة أصحاب الرأي.
أما فيما يخص الجامعات يوضح أبو الهيجاء بأن نظام ممارسة الأنشطة الحزبية داخل الجامعات، لا يزال يمارس ضد الطلبة لمنحه صلاحيات لعميد شؤون الطلبة بتحديد المكان والزمان لاقامة الأنشطة الحزبية داخل الجامعات، مما يعرقل أنشطة الطلبة.
نتائج دراسة أجراها مركز الأمة للأبحاث العام الماضي، تشير الى أن 19 % من الأحزاب أجابت أن أهم التحديات التي تواجه الأحزاب في تصويب أوضاعها هو انخفاض القبول الشعبي، أما التحدي المادي بنسبة 16%، ثم التحدي التنظيمي والإجرائي بنسب متساوية وصلت 14 % لكل منهما، يليه عدم كفاية الوقت المحدد لتصويب الأوضاع بنسبة 11% ، ثم إقبال الشباب على الانتساب للحزب بنسبة 10%، يليه إقبال المرأة على الانتساب للحزب بنسبة 8 %.
أنظمة نافذة تتعارض مع دعوات انخراط الشباب في الأحزاب
ساهمت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بإقرار جملة من التشريعات تتعلق بقانون الأحزاب السياسية بعد إقراره من البرلمان وصدوره في الجريدة الرسمية في شهر أيار الماضي، والذي تضمن نصوصا قانونية تدفع نحو تعزيز المشاركة السياسية، وتمكين الشباب .
تنص المادة 4 من القانون، أنه يمنع التعرض لأي أردني، أو مساءلته، أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية أو القانونية، من أي جهة رسمية أو غير رسمية، بسبب انتمائه أو انتماء أي من أقاربه الحزبي، كما يمنع التعرض لطلبة مؤسسات التعليم العالي بسبب الانتماء والنشاط الحزبي والسياسي.
كما يعطي القانون الحق لكل من وقع عليه تعرضا بسبب انتمائه الحزبي بأن يلجأ إلى المحاكم المختصة لرفع الاعتداء عنه، مع المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به.
كما نصت المادة 20 من ذات القانون يحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب ممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أيّ تضييق أو مساس بحقوقهم، على أن يصدر نظام خاص ينظم هذه الأنشطة.
أستاذ القانون الدستوري الدكتور ليث نصراوين يشير إلى أنه من النقاط الايجابية في قانون الأحزاب ذات الصلة بتمكين الشباب، أنه قد اشترط في الحزب السياسي أن يضم في عضويته ما نسبته 20 % من فئة الشباب والنسبة ذاتها من السيدات، وبما يتوافق مع الحكم المستحدث في قانون الانتخاب، بأن يكون المترشح الثالث في القائمة الحزبية الوطنية امرأة، والمترشح الخامس من فئة الشباب.
إلا ان نصراوين يعتبر أن تطبيق هذه القوانين السياسية الخاصة بتمكين الشباب يواجه جملة من التحديات التشريعية، أبرزها وجود قوانين وأنظمة وطنية نافذة تتعارض معها، ومع توجهات الدولة نحو إطلاق العمل السياسي وتشجيع طلبة الجامعات على خوض النشاط الحزبي.
ومن هذه الانظمة بحسب نصراوين نظام البعثات الدراسية في الجامعات وكليات المجتمع الأردنية لأبناء ضباط وأفراد القوات المسلحة الاردنية، والذي تنص المادة 18 منه التي تقرر حالات معينة إنهاء بعثة طالب المكرمة، والتي من أهمها إذا انتمى إلى أي حزب أو قام بأي نشاط سياسي لا يتفق ومصلحة المملكة وسياستها العليا.
في تصريحات لرئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة يؤكد أننا في الأردن نفخر بما أنجزنا وما تم الوصول اليه من تطوير في الحياة السياسية رغم الظروف المحيطة بنا، مبيناً أن هذا التطور والتقدم في مسيرة الإصلاح السياسي هو نهج دائم لرؤية الدولة الأردنية في التحديث السياسي.
وبين المعايطة خلال لقائه بالملك عبدالله بانه ركز على استهداف الشباب في التوعية، بصفتهم كمحرك رئيس لعملية التحديث، وان الملك قد شدد على أهمية أن تكون هنالك استراتيجية واضحة لكسر حاجز الخوف أو التردد عند الشباب، لضمان مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية والحزبية، مؤكدا على ضرورة التنسيق مع الجامعات لهذه الغاية.
هذا وتوقع 55 % من الأحزاب الـ58، أنها قادرة على "تصويب أوضاعها" وفق قانون الأحزاب الجديد، الذي حدد مهلة تنتهي في 15 أيار المقبل، لاستكمال الشروط التي تم وضعها، بحسب دراسة أجراها مركز الأمة للأبحاث.
وتوصلت الدراسة أيضاً إلى أن 28 % من الأحزاب تتجه نحو الاندماج مع أحزاب أخرى، وتتجه 3 في % نحو الحل، بينما لم يكن 14% منها واثقا من مآلات الأمور لديها.