خطيئة "العزة " في خطاب الدفاع عن" الخضرا "

 

حشر د. مهند العزة مقالته" خطأ وفاء الخضراء وخطيئتها " بعدد لا يستهان به من الاتهامات والتوصيفات لمن انتقدوا ما قالته السيدة وفاء الخضراء عن" الأضحية"، وبدا د. العزة في مقالته التي نشرت في عدد من المواقع الإلكترونية وكأنه يتجاوز "مسطرة الإتهامية" إلى تحريض الدولة على ناقدي الخضرا.

 

ولست هنا بصدد المجادلة والمجايلة في تقييم ما إذا كانت مقالة د. مهند تحمل خطاب كراهية أم لا؟ فهذه كلماته نفسها تكشف المستور، تماما كما كشفت لغة ناقدي الخضرا المستور والثاوي في خطابهم التحريضي.

هنا وقع د. العزة في المحظور تماما، فبدلا من أن يتلفع خطابه الدفاعي عن د. الخضرا بالتوازن والموضوعية والإنصاف وبعقلنة الجدل حول القصة ــ وهذا ما كنت آمله منه ــ، ذهب لاستعارة ذات الخطاب للناقدين الغاضبين وتوظيفه في مقالته، وكأنه هو الآخر يحمل ذات الأسلحة في معركة يغيب العقل عنها تماما، فلا نرى منها غير ما نرى ونسمع.

وصف د. العزة منتقدي ما قالته د. الخضرا بأبشع وأشنع الأوصاف والتوصيفات والأحكام، فهم في رأيه"جماعة الإرهاب الفكري، و مجموعات الإرهاب الفكري على وسائل التواصل الاجتماعي " و" عزفهم النشاز " ووصفهم بالغوغائية "ردّة الفعل الغوغائية "،و" مكيافيليّون لا يعبأون بنظافة أو قذارة الوسيلة طالما رأوا فيها سبيلاً قد يحقق غايتهم "، و" شلّة الماسوخيين "، و" المكارثيّين الاستئصاليّين وللناقمين "،و" الظلاميّين المتفاخرين بحرق مكتبة كسرى ".

وفي الوقت الذي يعتبر ما قاله ناقدي الخضرا بأنه"اغتيال للشخصية "، فإنه ذهب بعيدا في اتهام بعضهم بأنهم "جماعة الأخوان المسلمين والتيارات الفكرية المتطرّفة "، ليخلص الى خطاب تحريضي مبطن قال فيه انه"موقف مسبق ومطلق ناقم ورافض لكل ما يصدر عن النظام والدولة "، مشيرا بذلك الى عضوية السيدة الخضرا في اللجنة الملكية للتحديث..الخ.

ما اقتبسته أعلاه هو مما ورد في مقالة د. العزة نصا، ولست هنا بصدد تقديم تقييم وإصدار الأحكام على هذه لنصوص التي حشرها في مقالته التي بدت لي وكأنه أملاها على عجل وتحت تأثير ردة فعل عصبية كانت تستهدف فقط الإنتصار للسيدة الخضرا، وهو بالتأكيد حق مشروع، لكنه ليس من المقبول أن تكون هذه المناصرة بتلك اللغة الإتهامية والتحريضية وبما حوته من أوصاف لا تليق بصاحبها الذي نجل ونحترم، وبالنتيجة فإن من انتقد الخضرا ليسوا من الغوغاء، وليسوا من المازوخيين، او الميكيافيليين، وليسوا من القوى الظلامية، وليسوا أيضا من الإخوان المسلمين، وليسوا من رافضي الدولة او المتمردين عليها..الخ.

وإذا كان د. العزة اعتبر ما قاله ناقدوا الخضرا إرهابا فكريا، فماذا يمكن تسمية ما قاله د. العزة نفسه في مقالته، وما اقتبسته منها سابقا يشي بالواقع ويدعم الوقائع.

لقد لاحظت ان من يتصدون لمناصرة السيدة الخضرا استخدموا خطابا اتهاميا وتحريضيا مباشرا ضد ناقديها، وهو ذات الخطاب الاتهامي الذي استخدمه الناقدون، وإن كان خطاب "المدافعة " لدى د. العزة قطع شوطا أبعد مما قطعته الخطابات الدفاعية والإتهامية الأخرى.

قالت السيدة الخضرا ما قالته اجتهادا منها في فهم النص الديني، وهذا حقها، ومن حق الجميع الإختلاف معها او موافقتها، أما أن يذهب الطرفان لكيل الاتهامات والتحريض على الآخر فهذا أمر لا يستقيم وحرية الرأي والتعبير، وأنا أتفهم تماما الوازع الديني الذي دفع المئات لانتقاد مقولة الخضرا، لكنني لا أفهم كيف يمكن لأحد منا رميها باتهامات شخصية لا تليق بالناقد والمنقود، كما لا أفهم كيف للمدافعين عن مقولتها رمي الآخرين باتهامات أوسع من أن تحتملها أخلاقيات الخلاف والإختلاف في الرأي والمواقف.

من المؤكد أن السيد د. العزة تجاوز هو الآخر الأصول في الرد والدفاع، وحاز قصب السبق في الإتهامية الجارفة والتوصيفية العاصفة بحق مخالفي السيدة الخضرا وناقديها، وهذه قصة تكشف وبالضرورة عن مستوى الثقافة المجتمعية التي نعيشها، فجميع الأطراف هنا ــ وأنا منهم بالطبع ـ لا نتقن الصراع بالعقل، بقدر ايماننا بلغة الخنق والحبل..

وتلك ازمتنا.. 

لقراءة مقال مهند العزة إضغط هنا 

 

أضف تعليقك