خطر تزايد الشركات المتعثرة واستخدامها لقانون الإعسار

الرابط المختصر

 أثار ارتفاع عدد الشركات التي لجأت إلى  قانون الإعسار مخاوف خبراء اقتصاديين ومتخصصي حقوق العمال، مطالبين بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الاقتصاد الوطني وللحفاظ على آلاف الوظائف المهددة، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

هذا القلق جاء بعد إعلان دائرة الشركات، أن هناك 14 شركة محلية تعمل في مختلف قطاعات الاقتصاد لجأت إلى قانون الإعسار (إعسار فعلي)، بهدف إعادة هذه الشركات إلى المسار الصحيح وتمكينها من استئناف أعمالها، وكانت آخر هذه الشركات شركة تمتلك مجموعة من المراكز التجارية في قطاع التجزئة.

يهدف القانون رقم 21 والذي صدر في عام 2018 إلى مساعدة الشركات التي تواجه صعوبات مالية أو التي توشك على الإفلاس، وإعادة تأهيلها ومساعدتها في الخروج بأمان من الأزمات التي تعاني منها، مما يضمن استمرارية عملها.

ويعرف "الإعسار"،  بأنه توقف المدين أو عجزه عن سداد ديونه المستحقة بانتظام، أو عندما يتجاوز إجمالي الالتزامات المترتبة عليه إجمالي أمواله.

 

أسباب الإعسار

يرجع المحلل الاقتصادي والأكاديمي الدكتور قاسم الحموري، ذلك إلى ضعف الأداء الاقتصادي العام في الأردن خلال السنوات الماضية، حيث  تظهر الأرقام معدلات النمو الاقتصادي في المملكة بمستويات منخفضة تتراوح حول 2%، مشيرا إلى أن هذا المعدل غير كاف لتوليد فرص عمل بديلة، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للعديد من المؤسسات والاستثمارات.

يوضح الحموري أن ضعف النمو يظهر في ارتفاع معدلات البطالة ونسب الفقر، وتعثر الشركات وتصفيتها نتيجة تحقيق الخسائر بدلا من الأرباح.

معدلات البطالة وفق الإحصاءات الأخيرة تشير إلى نسبة 24% وأكثر من 50% بين الشباب، في حين وصلت المديونية مؤخرًا إلى 39.046 مليار دينار، وهو أعلى رقم في تاريخ الأردن.

وهنا يكمن الخطر، حيث تسهم هذه الشركات في الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي، يشكل تعطلها عن العمل خطرا كبيرا على الاقتصاد، بالإضافة إلى ذلك، يخشى المستثمرون من التعثر ويهربون إلى الدول المجاورة بحسب الحموري.

لمعالجة هذه المشكلة، يرى الحموري بأنه يجب إجراء دراسة لفهم أسباب تعثر هذه الشركات ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، سواء كانت تتعلق بقانون ضريبة الدخل أو كثرة المراقبين في النشاط الاقتصادي والقطاع الخاص، الأمر الذي دفعها إلى هذه المرحلة.

 

العمال في خطر

يواجه الأردن تحديات اقتصادية عديدة خلال السنوات الماضية، ومن بين هذه التحديات تأثيرات جائحة  كورونا وتداعياتها، التي أثرت على العديد من الشركات وتسببت في خسائر لها، ما دفع بعضها إلى تسريح العمال وإنهاء خدماتهم لتخفيف الأعباء الاقتصادية.

تقرير البنك الدولي الأخير أيضا أكد أن تصنيف الدخل في الأردن قد تراجع، مما أدى إلى زيادة مستوى الفقر في البلاد، حيث  يعيش حوالي 3.980 مليون أردني تحت خط الفقر، وهو يشكل نسبة 35٪ من الشعب الأردني، وفقا للعديد من الدراسات والأبحاث.

مع زيادة عدد الشركات المتعثرة، فإن ذلك سيشكل خطرا على العمال،  مع احتمالية تسريحهم والذي سينعكس على زيادة معدلات البطالة.

ويوضح المحامي صلاح الداود أن قانون الإعسار يشكل خطورة على العمال في حال تقدم وكيل الإعسار بإنهاء عقود العمل أو تعديلها، حيث إن التعويض الذي يستحقه العامل عند انتهاء عقده هو الحد الأدنى والمقدر بثلاثة أشهر مهما بلغت سنوات خدمته في الشركة.

ويمنح القانون الصلاحيات بتشكيل لجنة متخصصة لتحديد الأوضاع المالية والاقتصادية للشركة، وبناء عليها يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لإعادة تنظيم وهيكلة الشركة. 

وفيما يتعلق بالعمال، يشير الحموري إلى أن عدد العمال في هذه الشركات المتعثرة كبير، وكثير منهم لديهم أسر وعائلات يعولونها، من المتوقع أن يؤدي فقدان وظائفهم إلى مشاكل اجتماعية مثل زيادة معدلات البطالة وارتفاع حالات الجريمة وارتفاع معدلات الاكتئاب النفسي.

"على الرغم من تعمق المشاكل الاقتصادية في الأردن، إلا أن الحكومة لم تتحرك بشكل جاد لمعالجتها"، محملا الحموري الحكومة المسؤولية الكاملة عن ذلك، ويشدد على أهمية أن يعمل المواطن على تطوير مهاراته وتعليمه وتعزيزها لزيادة فرص العمل المتاحة أمامه.

حملة "صوت العمال" أصدرت بيانا مؤخرا  تحمل الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية مسؤولية هروب الاستثمارات وإفلاس العديد من المؤسسات نتيجة للسياسات المعتمدة على الاقتراض ورفع الضرائب وتحميل الرأسمال بالمحاباة، مع عدم التفكير في دعم الصناعة الوطنية التي توفر فرص عمل لمئات الآلاف من العمال.

 

لافارج نموذج

 

شركة مصانع الأسمنت الأردنية "لافارج" هي إحدى الشركات التي لجأت إلى قانون الإعسار، وتم صدور قرار قضائي يوافق على إشهار إعسار الشركة، مما يجعلها أول شركة تخضع لهذا القانون منذ نفاذه.

في عام 2001، أنهت الشركة خدمات حوالي 2400 موظف، على الرغم من التزام الإدارة بعدم إنهاء خدمات أي موظف وفقا لاتفاقية الشراء بين الحكومة والشركة، ولكن بعد ثلاث سنوات، تم إنهاء خدماتهم، وفقا لما ذكره العاملون في الشركة.

تم اتخاذ قرار اللجوء إلى هذا القانون بسبب تدهور الأوضاع المالية وتفاقمها بسبب جائحة كورونا، مما أثر على قدرة الشركة على سداد التزاماتها تجاه الموظفين والمتقاعدين.

قامت الشركة بفصل عدد من الموظفين ووقف خدمات التأمين الصحي للمتقاعدين قبل أن تلجأ إلى الإعسار، ويعتبر استخدام القانون خيارا يتيح إنهاء خدمات المزيد من الموظفين بتكاليف أقل، وفقا لتصريحات سابقة لعضو نقابة العاملين في البناء والمتقاعد في الشركة أحمد زايد.

 

 

أضف تعليقك