مع إقرار الحكومة لنظام مجلس الأمن الغذائي للتعامل مع التحديات المختلفة التي يواجهها هذا الملف ومعالجتها، يرى خبراء في الأمن الغذائي أن دعم هذه الخطوة يتطلب تعاونا فعالا بين كافة الجهات المعنية، لتجاوز الصعوبات المحتملة والحد من المخاوف المتعلقة بعدم توفر الأمن الغذائي، نظرا للعديد من المؤشرات التي تبين الحاجة للتعامل مع هذا الأمر بجدية.
من بين أبرز التحديات التي تواجه المملكة، تعطل سلاسل الإمداد العالمية نتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وقد تسبب ذلك في ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية وزيادة الطلب على الغذاء.
كما ساهمت الأنماط الاستهلاكية غير الرشيدة وعدم مشاركة القطاع الخاص والمرأة بشكل كامل في النشاطات الاقتصادية أدى من تفاقم تحديات الأسر وتزايدت الحاجة إلى تدابير الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى تراجع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب جائحة كورونا.
تحتل المملكة المرتبة 49 عالميا والسابعة عربيا في مؤشر الأمن الغذائي، وهو مؤشر يعكس أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي لتلبية احتياجاتها الغذائية.
وبحسب تقديرات رسمية، تعتمد المملكة بنسبة كبيرة تصل إلى 80٪ على واردات الأغذية لتلبية احتياجاتها، خاصة فيما يتعلق بالقمح، نظرا لعدم وجود إنتاج محلي كاف باستثناء بعض المواد مثل الخضروات والفواكه والدواجن والألبان وبيض المائدة.
935 ألف طن سنويا هدر غذائي
يؤكد المستشار الدولي في استراتيجية الأمن الغذائي، الدكتور مطيع الشبلي، في حديث ل "عمان نت"، على أهمية التركيز على تحقيق الأمن الغذائي لمواجهة التحديات الحالية نتيجة العديد من العوامل.
ويشدد الشبلي على أن تعزيز التعاون والتشاركية بين كافة الجهات المعنية يعد أمرا ضروريا، من خلال تشكيل فريق عمل متكامل يتعامل بفاعلية مع الموارد المتاحة ويعمل على تغيير نمط استهلاك المواطنين بطرق تساهم في تحقيق الأمن الغذائي.
تبين التقديرات الرسمية إلى أنه يتم هدر ما يقدر بحوالي 93 كجم من الغذاء للفرد سنويا في الأردن، في حين يبلغ المتوسط العالمي حوالي 121 كجم.
ووصل إجمالي الهدر الغذائي في الأردن إلى حوالي 935 ألف طن سنويا، مقارنة بنحو 931 مليون طن على المستوى العالمي.
ويشير الشبلي إلى أهمية الاعتماد على خطة استراتيجية شاملة للأمن الغذائي، وتكثيف التوعية والجهود المشتركة، ما يمكن المملكة المضي قدما في مجابهة التحديات وتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز استقرارها الاقتصادي والاجتماعي.
وتسعى الحكومة إلى تعزيز الأمن الغذائي من خلال استراتيجية وطنية حديثة تم تطويرها مؤخرا، تتضمن جعل الأردن مركزا إقليميا للتخزين وتوفير الخدمات واللوجستيات وتعزيز الإنتاج الزراعي وتصنيع الأغذية وتحسين أنظمة الري واستخدام البيوت الزراعية وتبادل المعرفة والتقنيات وتقديم خدمات الطوارئ لدول الإقليم.
تعزيز الأمن الغذائي
وفي هذا السياق، صرح وزير الصناعة والتجارة يوسف الشمالي بأن الحكومة ملتزمة بتعزيز الأمن الغذائي، حيث توفر مخزونا استراتيجيا من القمح يكفي لمدة 16 شهرا، وتتابع بانتظام مستوعبات الحبوب ومؤسسة الغذاء والدواء، وتعمل على زيادة سعة المستوعبات من 300 ألف طن إلى 400 ألف طن، حيث تم تخصيص مليون دينار لتوسيعها.
كما تهدف رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة العام الماضي للسنوات العشر المقبلة إلى تعزيز الأمن الغذائي في جميع المجالات.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الزراعة عن إطلاق أول نظام لإدارة معلومات الأمن الغذائي في الأردن بالتعاون مع منظمات مختصة مثل برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة ومنظمة فاو، يهدف هذا النظام إلى بناء قاعدة بيانات وطنية تعكس واقع الأمن الغذائي في البلاد وتدعم الخطط المستقبلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويشير وزير الزراعة، خالد الحنيفات، إلى أن الأردن حقق تقدما ملحوظا في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، حيث ارتفعت مرتبته من المركز 62 في عام 2020 إلى المركز 47 في عام 2022.
ويهدف النظام، الذي يأتي في إطار الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي (2022-2030)، إلى تعزيز القدرات الوطنية لمراقبة تقدم الأهداف المتعلقة بالأمن الغذائي والتنمية المستدامة في الأردن.
وسيقوم هذا النظام برصد وتحليل حالة الأمن الغذائي في البلاد باستخدام مؤشرات محلية وعالمية، وسيوفر تقارير تحليلية وتنبيهات مبكرة للجهات المعنية، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات استباقية لمواجهة التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي في الأردن.