يشعر أحمد، الثلاثيني، بالملل خلال فصل الصيف ويتطلع لفصل الشتاء الذي يمنحه الحماسة والطاقة الإيجابية التي يفتقدها خلال فصل الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، وشدة الازدحامات، خاصة في أوقات النهار، على حد تعبيره.
بينما تنتظر سلمى، 27 عاما، مرور فصل الشتاء بفارغ الصبر للتخلص من حالتها النفسية والعودة إلى نشاطها الطبيعي الذي تمارسه سابقا خلال فصل الربيع والصيف.
ويحاول الكثيرون التخلص من حالات الاكتئاب الموسمي، كل على طريقته الخاصة، حيث تحرص ليلى، البالغة من العمر أربعين عاما، على تخفيف حالة الكآبة التي تصيبها خلال انتقال الفصول بالمشاركة في أنشطة وفعاليات مفيدة والامور التي تجلب لها السعادة، مما يساعدها على التحسن النفسي والاستفادة من فصول السنة بشكل إيجابي."
هذه المشاعر يتم تشخيصها عادة من قبل أطباء نفسيين باسم الاكتئاب الموسمي، وهو نوع شائع من الأمراض النفسية التي تنتج عن تغيرات في الطقس والأجواء، يمكن أن يتسبب هذا الاكتئاب في اضطرابات مزاجية لدى البعض، وله العديد من الأعراض والعلامات المميزة.
علميا، يعتبر الإكتئاب الموسمي نوعا من الإكتئاب المرتبط بالتغيرات المناخية، مما يجعله يحدث بشكل متكرر في فصول معينة من السنة، خاصة بفصل الخريف والشتاء، ولذلك يسمى بالموسمي.
يتميز هذا الاضطراب بمزاج سيء يتمثل في الحزن أو الشعور بالتعاسة وعدم الاستمتاع بالأشياء، ويصاحبه بعض التغيرات الجسدية والنفسية.
وتشير التقارير العالمية إلى أن حوالي 10 إلى 20% من سكان العالم يعانون من الاكتئاب الموسمي، في حين أن الأرقام المسجلة في وزارة الصحة تشير إلى أن نحو 15% من الأردنيين يعانون من الاكتئاب، و12% منهم يعانون من القلق.
يوضح رئيس جمعية الأطباء النفسيين، الدكتور علاء فروخ، أن الاكتئاب الموسمي هو نوع من الاكتئاب يتغير بمرور الفصول السنوية، ويبدأ عادة في بداية فصل الشتاء ويخف في فصل الربيع، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى قلة ساعات الضوء الطبيعي الناجمة عن قصر فترات النهار في فصل الشتاء، واصفا اياه بالحالة المؤقتة ويمكن السيطرة عليه.
Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · هل تعانون من الاكتئاب الموسمي الذي يحدث بسبب تغير الفصول؟
ويعاني المصابون بهذا النوع من الاكتئاب من العديد من الأعراض، مثل الشعور بالحزن والاكتئاب طوال اليوم، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية والترفيهية، واضطرابات في النوم، وتغيرات في الشهية والوزن.
كما يلاحظ المصابون بالاكتئاب الموسمي انخفاضا في الرغبة بممارسة الأنشطة المفضلة لديهم والخروج من المنزل والتواصل الاجتماعي.
ويشدد الدكتور فروخ على ضرورة استشارة الطبيب المختص في حالة ظهور أعراض غير طبيعية وشديدة لدى المريض، حيث يمكن تقديم العلاج المناسب، بما في ذلك الأدوية، لتحسين جودة حياته ومكافحة الأعراض.
العلاج بالضوء
لا تزال أسباب الكآبة الموسمية محل دراسات علمية، لكن ما توصل إليه الباحثون، يفيد بأن السبب الرئيسي يرجع إلى قلة الضوء، ما يؤثر على الساعة البيولوجية الداخلية التي تنظم العديد من وظائف الجسم، من خلال دورات مثل اليقظة والنوم، وإنتاج بعض الهرمونات السيروتونين والميلاتونين.
توضح المسؤولة عن وحدة اضطرابات المزاج في المستشفى الجامعي بجنيف "عندما تعاني من اكتئاب موسمي، فإنك تكون غير قادر على التكيف مع نقص الضوء، ولا يعود الميلاتونين يتلف في الصباح كما ينبغي. وتراكم هذا الهرمون في الجسم يسبب فرط النوم".
أظهرت دراسة نشرت في "Bone Reports" أن دول الشرق الأوسط تعاني من أعلى معدلات نقص فيتامين د، وخاصة في الإناث، بسبب عوامل مثل التغطية الكاملة للجسم وعدم التعرض لضوء الشمس لفترات طويلة، وهو ما يزداد في الشتاء.
لذلك، ينصح الأطباء بجلوس الشخص أمام صندوق ضوئي شديد السطوع يوميا لمدة تتراوح من 30 إلى 45 دقيقة، في الساعة الأولى بعد الاستيقاظ من النوم، مع فتح العينين دون النظر إلى الضوء مباشرة.
يعتقد الباحثون أن هذا الضوء يساعد في تغيير كيميائي في الدماغ يعزز المزاج ويساعد على علاج الأعراض الأخرى للاضطراب العاطفي الموسمي.