خبراء يطالبون بتعديل السياسات الاقتصادية لمواجهة تفاقم نسبة النساء المعيلات للأسرة

الرابط المختصر

تواجه الأرملة أم علي تحديات كبيرة في حياتها بعد وفاة زوجها قبل ثلاث سنوات، حيث تضطر هذه الأم الشابة إلى ابتكار طرق لكسب لقمة العيش وتأمين احتياجات أسرتها المكونة من ثلاثة أفراد، أكبرهم يبلغ 15 عاما.

واجهت الظروف الاقتصادية الصعبة وتحملت مسؤولية توفير احتياجات أبنائها الأساسية، بالإضافة إلى تكاليف المعيشة الأخرى مثل الإيجار وفواتير الخدمات الأساسية.

بدأت أم علي في مجال صناعة المعجنات والحلويات، حيث تتمتع بمهارة الطبخ والحلويات، وقررت أن تستغل هذه المهارة وتبيع منتجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعيها.

على الرغم من أن دخلها المحدود يتراوح ما بين 15 إلى 40 دينارا يوميا خلال المواسم الذروة والمناسبات، إلا أنه يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية لأسرتها  على حد قول أم علي، التي تؤكد بأن الأمور ليست سهلة، ولكنها على الأقل تجد مصدرا مستداما للدخل يساعدها في تجنب الديون والتبعات المالية السلبية الأخرى.

الحقيقة المؤلمة هي أن هناك العديد من النساء في الأردن يعشن ظروفا مماثلة، وفقا لأرقام دائرة الإحصاءات العامة في عام 2020، يرأس 17.5% من النساء في المملكة أسرهن، و75% منهن يعتبرن أرامل، في حين يعتبر 11% منهن مطلقات.

وتشير الإحصاءات أيضا إلى أن هناك 2.242 مليون أسرة في الأردن، ومن بينها 392.3 ألف أسرة ترأسها نساء.

عادة ما تكون الأسر التي يرأسها النساء خاضعة لظروف صعبة، حيث غالبا ما تكون هذه الأسر ليس لديها معيل ذكر بسبب الطلاق أو الانفصال أو الهجرة أو عدم الزواج أو الوفاة، ومنهم غير قادر على العمل ولكن لا يساهمون في دخل الأسرة بسبب البطالة أو المرض أو الإعاقة أو التقدم في السن أو الإدمان على الكحول أو أسباب أخرى.

مع كل هذه التحديات والظروف الصعبة، تستمر أم علي ونساء أخريات في الأردن في مواجهة الحياة بقوة وإبداع، حيث يعكس عزيمتهن وقدرتهن على التكيف القدرة الرائعة للنساء على تحقيق الاستقلالية وتوفير حياة كريمة لأنفسهن ولعائلاتهن.

 

نسبة النساء اللواتي يعلن أسرهن مقلقة

 

تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني في تقرير سابق إلى أن نسبة النساء اللاتي يرأسن أسرهن في الأردن وغير نشطات اقتصاديا تبلغ 94.7%، هؤلاء النساء يواجهن صعوبات في تأمين الاحتياجات الأساسية لعائلاتهن والحفاظ على حياتهن وصحتهن ومستقبلهن ومستقبل أطفالهن في ظل الظروف الاقتصادية الهشة والمجتمعات التي ترتبط فيها مكانة المرأة بحضور الزوج ودوره في المجتمع.

وفقا لتقرير الجمعية، تتحمل النساء اللاتي يرأسن الأسر مسؤوليات تتعلق بتربية الأطفال وتأمين الاحتياجات المالية والمصروفات الحياتية والمعيشية، هؤلاء النساء بحاجة ماسة إلى دعم المجتمع، نظرا لضعف تعليمهن وعدم قدرتهن على العمل.

تؤكد نائب رئيسة جمعية معهد تضامن النساء النائب السابق الأستاذة الاكاديمية الدكتورة أدب السعود  في حديث لـ "عمان نت"،  إلى أن نسبة النساء اللاتي يعلن أسرا في الأردن ليست قليلة وتعتبر مثيرة للقلق، عندما تكون المرأة هي الرب الأسرة، يعني ذلك أنه لا يوجد رجل في الأسرة، وبالتالي تتحمل المرأة مسؤولية كبيرة في تأمين احتياجات عائلتها.

وتوضح السعود أن هؤلاء النساء يواجهن تحديات كبيرة نظرا لتدهور الأوضاع الاقتصادية في الأردن وارتفاع تكاليف المعيشة في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى ما  يعاني منه المجتمع أيضا من ارتفاع معدلات البطالة بين النساء والرجال، وزيادة معدلات الفقر في المملكة.

تصنف دائرة الإحصاءات العامة الأسر الأردنية إلى خمس فئات بناء على إنفاقها، تشكل الفئة الأولى 8.8% من الأسر الأردنية وتنفق أقل من 416 دينارًا شهريا، والفئة الثانية تشكل 40.2% وتنفق بين 416 و833 دينارا شهريا.

أما الفئة الثالثة تشكل 26.2% وتنفق بين 833 و1250 دينارًا شهريا، تنفق 12.4% من الأسر بين 1250 و1666 دينارا شهريا، بينما تنفق 12.5% من الأسر أكثر من 1666 دينارا شهريا.

وترى السعود أن المرأة التي تعيل أسرتها تضطر احيانا  اللجوء إلى صندوق المعونة الوطنية للحصول على معونة مالية شهرية، وقد تلجأ أيضا إلى التمويل من أجل إقامة مشروع إنتاجي، ولكن قد يتسبب ذلك في أن تكون مديونة إذا لم تتمكن من سداد الأقساط الشهرية.

تعتبر الحكومة مسؤولة عن توفير فرص عمل لهؤلاء السيدات وفقا للدستور، مؤكدة السعود أن هذه الفئة يجب أن تحظى بالأولوية، حيث تؤثر إيجابا على اقتصاد البلاد، وهذا يتطلب وضع ميزانية لدعمهن وتمكينهن من الخروج من وضعية الاعتمادية إلى أن تصبحن منتجات وناشطات اقتصاديا.

 

جهود تحسين أوضاع المرأة مكانك سر

 

على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين أوضاع المرأة في الأردن، إلا أن هناك تحديات تستمر في التفاقم، وفقا لما تشيره أرقام دائرة الإحصاءات العامة، فإن نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء في العمل لا تزال منخفضة وثابتة عند 14%، بينما يبلغ معدل البطالة للنساء 31.7% في الربع الأخيرة من العام الماضي.

تشير التحليلات إلى أن هناك عوامل متعددة تؤثر في هذه الوضعية، بما في ذلك قلة فرص العمل وتقييد الخيارات المتاحة للنساء، وتنتج هذه الأوضاع عن سياسات غير متوازنة وعدم احترام العدالة الاجتماعية وتفضيل الذكور في سوق العمل.

مدير مركز الفينينق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية ومرصد العمال الاردني أحمد عوض  يقول إن النساء  تعاني من ضعف تمثيلهن في النقابات العمالية ونقص الحماية الاجتماعية، مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة "تأنيث الفقر"، حيث يصبح الفقر أكثر ارتباطا بالنساء.

ويشير عوض إلى ان العديد من النساء يعملن في القطاع غير المنظم، حيث بلغت نسبتهن 41%، وهذا يرجع إلى وجود مظاهر الحرمان والعراقيل التي تحول دون المساواة بين الجنسين في سوق العمل.

لتحسين واقع المرأة الاقتصادي يوصي خبراء في الشأن العمالي بضرورة  حل هذه المشكلة بإعادة النظر في السياسات الاقتصادية السابقة وتخفيف الأعباء الضريبية، بالإضافة إلى تعزيز دور المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل.

كما ينبغي مراجعة الاستراتيجيات والبرامج ذات الصلة التي تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة وحمايتها، سواء كانت صادرة عن المؤسسات الحكومية أو المنظمات غير الحكومية، وذلك لضمان تنفيذ هذه الحقوق بشكل فعال.

 

هذا التقرير تم إنتاجه ضمن التعاون المشترك مع برنامج النساء في الأخبار-مؤسسة وان افرا الدولية