خبراء : ضعف الطلبة في القراءة والكتابة مشكلة تراكمية تستدعي إجراءات فورية

الرابط المختصر

على الرغم من أن تصريحات وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عزمي محافظة عن وجود طلبة في الصف العاشر بمدارس الأردن يفتقرون القدرة على القراءة والكتابة ليست بالجديدة، إلا أنها أثارت قلقا واسعا في الأوساط التربوية، معتبرينها بمثابة إنذار يظهر التحديات التي تواجه النظام التعليمي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات فورية لتحسين جودة التعليم وضمان فعالية العملية التعليمية لجميع الطلبة.

هذه المشكلة ليست جديدة، فقد كشفت دراسة قبل ثلاثة عشر عاما عن وجود مائة ألف طالب في الصفوف الأولى الثلاثة غير قادرين على قراءة الحروف العربية أو الإنجليزية بالشكل المناسب، ويرى الخبراء أن وجود طلبة في هذه الصفوف دون إتقان مهارات القراءة والكتابة يستحق الاهتمام، ويتطلب تضافر جهود الحكومة والمدارس والمعلمين وأولياء الأمور للتعامل مع هذه التحديات، من خلال تحليل الأسباب الجذرية وتقديم حلول فعالة.

وزير التربية، الدكتور علي محافظة يرجع هذه المشكلة إلى سياسة منع فصل الطلبة من التعليم الأساسي فيبقى الطلبة في المدارس حتى وإن كانوا لا يتقنون مهارات القراءة والكتابة، مضيفا أن نظام التعليم يتيح رسوب الطالب في الصف لسنة واحدة أي أنه يعيد السنة الدراسية مرتين فقط ثم يرفع إلى الصف التالي، فيصل طلبة لا يقرأون ولا يكتبون إلى الصف العاشر.

يبلغ عدد الطلبة في المملكة مليونين و274 ألف طالب، منهم أكثر من 500 ألف طالب في التعليم الخاص، و20165 طالبا في مدارس حكومية أخرى، و134340 طالبا في وكالة الغوث الدولية، وبلغ عدد المدارس في المملكة 7505 مدارس.

 

مشكلة تراكمية

تشير الخبيرة التربوية، الدكتورة روان أبو زعنونة  إلى أن هناك أربع مهارات أساسية يجب أن يتمتع بها الطلبة، وهي الاستماع، والتحدث، والكتابة، والقراءة، ومع ذلك  يوجد ضعف بأهم مهارتين وهما الكتابة والقراءة لدى الطلبة. 

ترجع  أبو زعنونة هذا الضعف إلى عدة  عوامل، منها قلة التركيز في المراحل الأساسية وعدم متابعة الآباء والأمهات لأبنائهم، كما يمكن أن تكون هناك مشاكل في الإدراك البصري، بالإضافة إلى أسباب نفسية قد يعاني منها الطلبة، مثل الخوف من عقاب الوالدين أو المعلمين، مما يفقدهم الثقة بأنفسهم، مما يؤثر على مهاراتهم التعليمية بشكل تراكمي.

وتضيف أيضا أن هناك تحديات إضافية مثل التقصير من قبل المعلمين الذين قد لا يأخذون بعين الاعتبار الفروقات الفردية بين الطلاب، مما يؤثر على متابعتهم وتوجيههم بشكل كاف، ويزيد من تفاقم المشكلة.

مهارات الطلبة الأسوأ في العالم

تحديات التعليم وتراجع مستوى الطلبة ظهر بوضوح خلال أزمة جائحة كورونا، نتيجة تحول الطلبة إلى نظام التعليم عن البعد، مما أدى إلى فقدانهم للعديد من المهارات التعليمية، ما دفع وزارة التربية والتعليم إلى تطبيق نظام الفاقد التعليمي لتعويض الطلبة عن هذا النقص.

وبينت نتائج الدراسة الدولية لتقييم الطلبة المعروفة باسم "PISA " عن تراجع ترتيب الأردن عالميا، حيث كان في العام 2018 الإجمالي البالغ 60 من بين 79 دولة، وفي عام 2022 تراجع الى المرتبة   74 من بين 81 دولة، مما يعني أننا في ذيل القائمة، ومن بين الدول العشرة الأخيرة، بل السبع الأخيرة الأسوأ في العالم.

يصف رئيس لجنة التربية والتعليم النيابية، الدكتور بلال المومني نتائج الدراسة بـ الكارثية، مؤكدا أنها  تظهر وجود خلل ومشكلة حقيقية في القدرات الذهنية العليا لطلبة الصف الخامس.

ويرى المومني أن اللوم على جائحة كورونا وحده لا يكفي، فالتراجع في مستوى التعليم كان موجودا قبل الجائحة، وبعض الدول كانت أسرع في استجابتها ومعالجة الأخطاء بينما استمر التراجع في الأردن.

يعتقد المومني أن هناك عدة أسباب تسهم في هذا التراجع، منها عدم دقة في اختيار العينة المشاركة في الامتحان، وتأثير الظروف الاقتصادية الصعبة على أداء المعلمين، بالإضافة إلى خروج الكفاءات التعليمية بحثا عن فرص عمل أفضل في الخارج، مشددا على أهمية إجراء دراسات جدية لمراجعة الأسباب وتحديد نقاط الضعف قبل الوصول إلى هذه المرحلة من التراجع.

وطالبت لجنة التعليم النيابية 2021 بمعالجة جدية الفاقد التعليمي، مشيرة إلى أنه سيتم عقد جلسات مع كافة المعنيين لتقديم الحلول المناسبة للتعامل مع هذا الخلل.

"كورونا " أصبحت شماعة

الخبير التربوي علي الحُشكي يؤكد أن المنحنى التعليمي تراجع خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي كل انهيار يؤدي إلى انهيار آخر، وفي حال عدم التصدي لهذه  الحقيقة، سنجد أنفسنا في ذيل القائمة كما هو الحال الآن،  فواقع التعليم في الأردن يشهد تدهورا مستمرا منذ سنوات، ولكن المشكلة تتعلق بما قامت به الجهات المسؤولة لتطوير التعليم من أجل تفادي هذا التدهور.

ويرى الحُشكي أن عملية التربية تتطلب دائما تقييما حقيقيا للطلبة من جميع الأعمار والفئات، حيث يجب أن تكون التقييمات موضوعية لنفهم مستويات الطلبة بشكل أفضل.

ويشير إلى أن عملية الدراسة يجب أن تكون واقعية ومنسجمة مع بيئات مختلفة لكي نتمكن من فهم أسباب المشكلة، مبديا قلقه إذا كانت المناهج التعليمية أو الكوادر التعليمية أو البنية التحتية ليست على مستوى التطورات الحالية.

"جائحة كورونا تعد قضية عالمية أثرت على 81 دولة، لكن الأردن كان من بين الدول التي تأثرت بشكل كبير، حيث كان هناك تدهور في مستويات التحصيل قبل جائحة كورونا بكثير، مشيرا إلى أن هناك طلبة يتقدمون إلى مراحل متقدمة من التعليم ولكنهم لا يمتلكون مهارات القراءة والكتابة، وهذا يتطلب حلا جديا"، بحسب الحُشكي.

ويضيف أنه يجب على الكوادر التعليمية أن تكون مجهزة بالمعلومات والمهارات والأساليب لنقلها بشكل فعال للطلبة، مما يستدعي إجراءات تدريب دورية، و أن القدرة على التغيير لا تزال غير موجودة سواء من القيادات التربوية أو المعلمين أو الطلاب، مشيرا إلى أن السياسات التربوية الخاطئة وعدم فهمها لاحتياجات الطلبة هي السبب الرئيسي وراء هذا الفشل الحقيقي.

 

دور وزارة التعليم

وزير التربية والتعليم، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي عزمي محافظة  أعلن، عن برنامج وخطة الوزارة لتطوير التعليم من خلال تدريب المعلمين، مؤكدا أن الوزارة تعمل على تدريب المعلمين ما قبل الخدمة، لضمان استدامة التدريب واستمراريته من خلال الحكومة ولتمكين إلزامية التدريب شرطا أساسيا للتعيين.

ويضيف أنه تم التوصل الى اتفاق مع 4 جامعات لتدريب المعلمين وهي الجامعة الأردنية، والجامعة الهاشمية، وجامعة اليرموك وجامعة مؤتة، لتنفيذ برنامج التدريب،  يشمل هذا التدريب خمس مواد رئيسية، وهي اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والرياضيات، والعلوم، ومعلم الصف.

وأوضح الوزير  أن عدد المستهدفين في التدريب بلغ 14 ألف معلم في الأعوام 2023-2027 ، بالإضافة لتدريب المعلمين في أثناء الخدمة لسد الفجوات على مدى السنوات الخمس المقبلة بشكل يلبي مستويات مختلفة من المعلمين، حيث بلغ عدد المعلمين المستهدفين في التدريب 28900 معلم.