خبراء : خلو المملكة من استراتيجية وطنية للصحة النفسية يفاقم الجريمة والانتحار

إجابات غائبة خلف أسباب الانتحار
الرابط المختصر

 

رغم اتفاق خبراء بأن ارتفاع عدد جرائم القتل والانتحار  في المملكة، إلا أن هذا الأمر يتطلب إعداد دراسات إحصائية وتحليلية للوقوف عند أسبابها الحقيقة، في وقت نفتقر فيه إلى استراتيجية واضحة لمعالجة هذه الإشكالية.  

بحسب بيانات المركز الوطني للطب الشرعي الاخير يشير إلى ارتفاع عدد جرائم القتل عام 2022 إلى 118 بزيادة 14 جريمة عن تلك المسجلة عام 2021 في الأردن، في المقابل انخفضت حالات الانتحار في الأردن العام الماضي إلى 145 نزولا من 167 خلال 2021.

وتركزت جرائم القتل وفق ذات التقرير  في عمان 50 جريمة ،  وإربد  29 جريمة؛ مرجعا ذلك باعتبارهما الأكثف بعدد السكان بين المحافظات الاثنتي عشرة.

 

مدير المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور ماجد الشمايلة يصف لـ "عمان نت" الارتفاع بعدد الجرائم ضمن المعدلات الطبيعية، مشيرا إلى أن أسباب انخفاضها العامين الماضيين يعود لما فرضته الحكومة من إجراءات للتعامل مع جائحة كورونا الأمر الذي قلل من الاحتكاك المباشر بين الأشخاص، وإن زادت نسب العنف الأسري في هذه الفترة.

 

التقرير الإحصائي الجنائي لعام 2020 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية بين أن  جرائم القتل العمد والقصد انخفضت بنسبة 18.2% خلال عام 2020 ،وهو عام جائحة كورونا، مقارنة مع عام 2019، حيث وقعت 90 جريمة ذهب ضحيتها 99 شخصاً عام 2020 مقابل 110 جرائم ذهب ضحيتها 115 شخصاً عام 2019. 

 

كما بين إحصاءات مديرية الأمن العام أن ارتفاع المعدل الزمني لارتكاب الجريمة في الأردن إلى جريمة واحدة كل 25 دقيقة وثانيتين في عام الـ 2021، مقابل 23 دقيقة و45 ثانية في العام الماضي، ما يشير إلى انخفاض الجرائم الجنائية والجنحوية العام الماضي.

 

هذه الجرائم وتقديراتها باتت تطلب بحسب الشمايلة الى اتخاذ إجراءات، وعمل سجل وطني للبيانات موحد بين مختلف الجهات المعنية  لتحديد الأسباب الحقيقية وراء فعل الجريمة والإقبال على الانتحار خاصة عند الأطفال.

  أطفال ينهون حياتهم شنقا

 تقرير الطب الشرعي يشير إلى أن من بين 145 حالة انتحار، أقدمت 36 فتاة/سيدة على قتل النفس فضلا عن ثلاثة أطفال في العاشرة من العمر أنهوا حياتهم بالشنق.

 

أخصائي الأمراض النفسية وعلاج الإدمان الدكتور محمد أبو صليح  يعتبر أن توصل الطفل إلى  قرار إنهاء حياته عن طريق الانتحار أمر خطير، مرجعا ذلك لتعرضه إلى حالات نفسية صعبة لم يتم الكشف عنها، بالاضافة إلى تأثير التطبيقات المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي والأفلام المتداولة التي أصبحت تأخذ حيزا كبيرا لدى الأطفال دون رقابة.

 

ويؤكد أبو صبيح أن هناك امكانية لدراسة حالات الإقبال على الانتحار وجرائم القتل، من قبل مختصين نفسيين وكل حالة على حد، بما يساهم بالوقوف على الأسباب الحقيقة وراء هذه السلوكيات بشكل تفصيلي وواضح للتمكن من معالجة هذا الأمر.

 

البطالة والمخدرات محركان رئيسيان للإقبال على الجريمة

من ناحية نفسية ترتبط جرائم  القتل، والعنف، والانتحار، بعدة امور رئيسية من أبرزها  انتشار المخدرات، الذي  يساهم بزيادة ارتكاب جرائم العنف بشكل عام، الذي يؤدي الى ارتكاب جرائم القتل، لما له من تأثيرات نفسية مختلفة، بحسب أبو صبيح. 

أما الأمرالآخر بحسب أبو صبيح هو ارتباط هذه الجرائم بارتفاع نسب البطالة بين صفوف الشباب التي تولد لديهم القلق والاكتئاب، الأمر الذي يحتاج إلى معالجة نسب البطالة بصورة كبيرة لينعكس ذلك على المجتمع إيجابا، وهذا ما أشارت إليه العديد من الدراسات في وقت سابق.

 

خبراء اقتصاديون حذروا مرارا بقولهم  أن أبرز تحد يواجه الأردن اقتصاديا هو ارتفاع نسب البطالة والتي وصلت نسبتها العام الى 22.6%، وان هناك العديد من الأسر تعاني أبنائها الحاصلين على شهادات أكاديمية من البطالة

ويرى أبو صبيح بانه من المهم الاعتراف بوجود جرائم القتل والانتحار كظاهرة في مجتمعنا، لكن ما ينقصنا هو إعداد الدراسات الحقيقة، تشمل تقديرات وأرقام دقيقة تبين حجم هذه الاشكالية، مع ضرورة إعداد استراتيجية وطنية للصحة النفسية، لتسهيل وصول المواطنين الى الاطباء النفسيين وتلقي العلاج المناسب.

هذا ورغم وجود إجراءات قانونية وعقوبات، للحد من فعل الجريمة والإقبال على الانتحار ، إلا أن هناك مطالبات بضرورة العمل أيضا على تشديدها باعتبارها تشكل رادعا لمن يفكر بارتكاب الجرائم.