أقرت الحكومة مشروع قانون الموازنة العامة 2025، وذلك تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب خلال الأيام المقبلة، وسط أرقام غير مسبوقة في تاريخ المملكة، حيث بلغت النفقات المتوقعة 12.5 مليار دينار، وفقا لخبراء اقتصاديين.
كما ارتفعت الموازنة الجديدة للإنفاق العام بنحو 16.5% عن مستواها المعاد تقديره لعام 2024، وذلك لتغطية تمويل المشاريع الكبرى، وبناء المستشفيات والمدارس الجديدة، وصيانة المستشفيات والمدارس الحالية، بحسب الحكومة.
كما أن مشروع القانون يخفض العجز الأولي لعام 2025 إلى ما نسبته 2 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع ما نسبته 2.9 % عام 2024.
في المقابل، قدرت الإيرادات العامة لعام 2025 بنحو 10.233 مليار دينار، مما يثير تساؤلات حول كيفية سد الفجوة بين الإيرادات والنفقات في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة.
وزير المالية الأسبق، الدكتور محمد أبو حمور يشير إلى أن الحكومة قد التزمت بالموعد الدستوري لإقرار الموازنة العامة، حيث قدمت إلى البرلمان قبل شهر من نهاية العام، وهو ما يعكس التزام الحكومة بالجدول الزمني الدستوري.
ويوضح أبو حمور أن نسبة الانجاز في رؤية التحديث الاقتصادي لهذا العام بلغت حتى الان 22.5% من الخطط والبرامج والاستراتيجيات المستهدفة حتى عام 2024.
ويؤكد أن رؤية التحديث الاقتصادي تعد بالغة الأهمية، إذ تتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى مليارات الدنانير على مدى عشر سنوات، لتحقيق تحديث اقتصادي شامل، مضيفا أن الرؤية تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي كبير وتوفير مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل، بمعدل 100 ألف فرصة عمل سنويا.
الأعباء الضريبية المحتملة
يشير إلى أن النفقات الرأسمالية شهدت ارتفاعا بنسبة 16.5% مقارنة بعام 2024، حيث بلغت 1499 مليون دينار، بزيادة ملحوظة عن المبالغ التي أعيد تقديرها للعام السابق.
ويقول إن موازنة 2024 كانت في الأصل تقدر بأكثر من 1.5 مليار دينار للنفقات الرأسمالية، لكن الحكومات المتعاقبة تلجأ عادة إلى تقليص هذه النفقات عند مواجهة ضغوط مالية بسبب عدم مرونة النفقات الجارية، والتي تشمل الرواتب، والتقاعدات، وخدمة الدين العام التي تصل إلى حوالي ملياري دينار، وهذا يجعل الحكومة مضطرة لتخفيض النفقات الرأسمالية بدلا من الجارية.
كما لفت إلى أن الأرقام المسجلة لعام 2025 تعكس زيادة مقارنة بالمقدرات المعدلة لعام 2024، لكنها تشير في الواقع إلى تذبذب في الالتزام بالنفقات الرأسمالية، والتي تعد ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن التحديات الإقليمية والدولية، مثل أزمة اللاجئين السوريين، والحرب في أوكرانيا، والأوضاع الراهنة في غزة، ألقت بظلالها على الأداء الاقتصادي للأردن.
هذه الأزمات أثرت على قطاعات الشحن، والاستيراد، وتوفير البنية التحتية في مجالات مثل الصحة والتعليم، ورغم تقدير نمو الاقتصاد بنسبة 2.5% والتضخم بنسبة 2.2% لعام 2025، فإن الإيرادات المحلية المتوقعة تنمو بنسبة 9.5%، بحسب أبو حمور.
ويوضح أن الفرق في الإيرادات قد يعوض من خلال إجراءات إضافية، مثل الضرائب والرسوم، أو تسويات ضريبية مع المواطنين، مضيفا أن الحكومة السابقة في عام 2024 واجهت انخفاضا في الإيرادات المقدرة بنحو 900 مليون دينار، مما دفعها لفرض ضرائب جديدة على المركبات الكهربائية ومنتجات التبغ لتعويض الفجوة.
ويعرب عن أمله في أن تكون تقديرات موازنة 2025 واقعية، لتجنب إجراءات طارئة تضيف أعباء جديدة على المواطنين.
مخصصات للحماية الاجتماعية تطورا مهما
تتضمن الموازنة العامة زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية لتشمل 15 ألف أسرة جديدة، بالإضافة إلى رفع دعم التعليم الجامعي بزيادة قدرها 50% لصندوق دعم الطالب، وتعزيز الدعم الموجه للسلع الأساسية مثل الغاز والقمح والشعير.
يوضح أبو حمور أن زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية، والتي تصل إلى 280 مليون دينار للعام المقبل، هي خطوة تعكس التزام الحكومة بزيادة شبكة الأمان الاجتماعي من خلال شمول 15 ألف أسرة جديدة، أي ما يعادل 20 ألف مواطن، وهو ما يعتبره تطورا مهما.
ويشير أبو حمور إلى تعهد الحكومة بدعم إضافي لقطاع التعليم عبر رفع مخصصات صندوق الطالب بنسبة 50%، مما سيتيح استفادة حوالي 53 ألف طالب وطالبة، مؤكدا أن دعم الأعلاف والكهرباء والمياه يمثل خطوات أخرى تهدف إلى الحفاظ على شبكة الأمان الاجتماعي في ظل تحديات الفقر والبطالة، مع السعي لتحسين أوضاع الطبقة المتوسطة.
وفيما يتعلق بقدرة الموازنة على تعزيز الاستقرار المالي والنقدي في ظل توقعات بنمو اقتصادي بنسبة 2.5%، يرى أبو حمور أن هذا النمو قريب من معدل النمو السكاني، موضحا أن تحقيق تحسين ملموس في مستوى معيشة المواطن يتطلب نموا اقتصاديا أعلى من النمو السكاني، لضمان تحسين الخدمات ومحاربة الفقر والبطالة، بدلا من اقتصار الجهود على الحفاظ بالكاد على الوضع القائم.
دعم القوات المسلحة ضرورة
في الموازنة الجديدة تم تخصيص مخصصات في مشروع الموازنة العامة لدعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، في ظل التحديات والظروف الصعبة التي تواجه الأردن نتيجة استمرار التوترات الإقليمية والدولية وما ترتب عليها من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني، بحسب تصريحات أبو حمور.
يشير أبو حمور إلى أن تركيز الملك في خطاب العرش الأخير على الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة يعكس الدور المحوري الذي تؤديه هذه المؤسسات في حماية الأمن والاستقرار وسط التحديات التي تحيط بالمنطقة، مؤكدا أن تخصيص التمويل الكافي لهذه الأجهزة يضمن قدرتها على مواجهة التحديات المتزايدة في منطقة تعاني من اضطرابات مستمرة، ما ينعكس مباشرة على الأردن.
مخصصات للمشاريع الكبرى
تضمن مشروع قانون الموازنة لعام 2025 الجداول الرئيسية، وقائمة بالمشاريع الرأسمالية للأعوام 2025-2027، وموازنات المحافظات وفق السقوف المحددة، بما يتماشى مع متطلبات تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي.
وقد خصصت الحكومة موازنات لبدء تنفيذ مشاريع كبرى مثل مشروع الناقل الوطني للمياه وسكة الحديد التي تربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية والغور.
وهذا ويأتي بحسب الحكومة في ظل ظروف إقليمية استثنائية تؤثر سلبا على الحركة الاقتصادية ومناخ الاستثمار والنشاط السياحي، ما يستدعي بذل جهود حكومية مكثفة لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، وتعزيز جاذبية الاستثمار الأجنبي، وتقليل نسبة نمو الدين الخارجي في السنوات المقبلة.
وتؤكد الحكومة أن مشروع قانون الموازنة للعام المقبل يعتمد على فرضيات واقعية، ويتماشى مع متطلبات رؤية التحديث الاقتصادي.