خبراء : تخصصات الفندقة والسياحة تجذب الشباب رغم ضعف الالتحاق بالتعليم المهني

الرابط المختصر

قبل أربع سنوات، تخرج أحمد مرعي 29 عاما من الجامعة حاملا شهادة الماجستير بتفوق، لكن البحث عن فرصة عمل في مجاله الأكاديمي ظل دون جدوى،يقول "صارلي أربع، خمس سنين بلا عمل، شهادتي لم تعد مطلوبة في سوق العمل، فقررت أن أبحث عن تخصص مهني أو تقني يفتح لي أبواب المستقبل ويؤمن حياتي.

قصة أحمد لم تبدأ في قاعات الجامعة، بل في مطبخ بيت بسيط في عمان، حيث غرست والدته حب الطهي في نفسه منذ الصغر.

لم يكن الطهي مجرد تحضير أطباق ونكهات، بل شغف تحول إلى مهنة حقيقية، يروي أحمد "بدعمها وتشجيعها درست فنون الطهي، خطوة غيرت حياتي".

واليوم، يعمل أحمد في أحد أكبر الفنادق، بعد رحلة طويلة بين مطابخ الشيراتون وعمان ديوتي فري، وصولا إلى تجربة فريدة في أحد الفنادق الضخمة بالمملكة العربية السعودية.

 ويؤكد "ما في نجاح بلا صبر، أنا لم أدخل المطبخ فقط لحبي للطعام، بل لأن لدي هدفا ولمسة خاصة، وحلمي أن أترك أثرا من خلالها".

بحسب مستشار وزير التربية والتعليم للتعليم المهني والتقني، إبراهيم الرماضنة، بلغ عدد الملتحقين بالتعليم المهني نحو 34 ألف طالب، فيما تشير إحصاءات المدارس الثانوية إلى أن نسبة الطلاب في الفرع المهني تبلغ حوالي 11.3٪ من مجموع طلاب الثانوية، مما يعكس محدودية الطاقة الاستيعابية للمدارس المهنية الحالية.

أما بيانات وزارة التعليم العالي لعام 2022/2023 تشير إلى أن عدد الطلبة في مؤسسات التعليم العالي يبلغ نحو 400 ألف طالب، لكن منهم فقط حوالي 26,476 طالبا في برامج الدبلوم التقني والمهني، أي نحو 7.2٪ من مجموع الطلبة.

 

التوجه نحو التعليم المهني والتقني

تسعى الحكومة إلى رفع نسبة التحاق الطلبة بالتعليم المهني والتقني إلى 50٪ بحلول عام 2033، وفق الخطط التنموية، بينما تهدف الاستراتيجية التعليمية للفترة 2022-2026 إلى زيادة أعداد الملتحقين بالمسارات المهنية لتصل إلى 20٪.

 ومع توسع القطاع السياحي في الأردن، ازدادت الحاجة إلى كوادر ماهرة في مجالات الإدارة والخدمات السياحية المتنوعة.

من جانبها تعمل وزارة السياحة والآثار على تطوير أنماط جديدة من السياحة مثل سياحة المغامرة، إضافة إلى السياحة المستدامة والاستثمار الأخضر، الأمر الذي يتطلب تطوير البنية التحتية وتوفير كوادر مؤهلة تلبي احتياجات هذا القطاع الحيوي.

الأكاديمي المتخصص في التعليم المهني والتقني الدكتور مفضي المومني، يؤكد في حديثه لـ "عمان نت" أن الأردن يمتلك قاعدة جيدة في هذا المجال لكنها بحاجة للتعزيز والتوسع.

ويشير إلى أن نسب الالتحاق بالتعليم المهني لا تتجاوز 10٪ بحسب التخصصات، بينما كانت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية تهدف إلى رفع النسبة إلى 30-50٪ على غرار الدول المتقدمة.

ويضيف المومني أن أعداد المقبولين في الجامعات مرتفعة جدا مقارنة بالمهن التقنية والمهنية، حيث لا تتجاوز نسب الالتحاق بعض التخصصات التقنية الـ 5٪، وقد تصل إلى 10٪ في تخصصات أخرى.

 

 

 

وفيما يخص الموارد البشرية في القطاع السياحي، يقول رئيس جمعية الفنادق الأردنية حسين هلالات، إن هناك إقبالا متزايدا من الشباب على دراسة تخصصات الفندقة والسياحة ضمن التعليم المهني، مما يساهم في تطوير الكوادر البشرية العاملة في القطاع. 

ويشير إلى أن القطاع يستوعب نحو 60 ألف وظيفة تشمل الفندقة والطعام والشراب والسياحة والإرشاد، وتتميز هذه الوظائف بمردود مادي جيد مقارنة بالقطاعات الأخرى.

ويؤكد هلالات أن الجمعية تنظم دورات تدريبية مستمرة للطلبة والخريجين، مشيرا إلى أن الأردن يعد مصدرا للعمالة الماهرة في قطاعي السياحة والفندقة، حيث يعمل العديد من الأردنيين في دول الخليج مستفيدين من خبراتهم المكتسبة محليا.

 

تحديات تقابلها أنماط جديدة للسياحة

يشير المومني إلى أن التحدي الأكبر يتمثل في توجيه الشباب نحو المسار المهني بدلا من الأكاديمي، إذ ما زالت الثقافة المجتمعية تركز على شهادة البكالوريوس، مضيفا أن بعض تخصصات السياحة والفندقة، مثل إدارة الفنادق، خدمة الغرف، سياحة المؤتمرات والمغامرة، توفر فرصا واعدة للشباب.

ويشدد على أن التدريب المهني يحتاج إلى بيئة مناسبة، مدربين مؤهلين، وتجهيزات عملية متكاملة، نظرا لاعتماد التعليم المهني على التدريب العملي وليس النظري فقط.

كما يشدد على أهمية تسويق التعليم المهني والتقني عبر الإعلام والمنصات الرقمية لإبراز جدواه وفرصه المستقبلية، مع التأكيد على أن الدخل المادي من التخصصات المهنية قد يفوق بعض التخصصات الأكاديمية غير المجدية.

يؤكد المومني أن السياحة الحديثة، مثل سياحة المغامرة، المؤتمرات، والسياحة العلاجية، تحتاج إلى متخصصين مؤهلين، مضيفا أن برامج التدريب المهني والفندقي متوفرة عبر مؤسسات وكليات متعددة تشمل مجالات الضيافة، الفندقة، الطهي، الإرشاد السياحي، إدارة وكالات السفر، الحجز والتسويق الرقمي.

 

 هلالات يشير  إلى دور القطاع الخاص بالتكامل مع وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة لإعداد برامج سياحية متكاملة "باكجات" تشمل الفنادق والطيران والمطاعم والنقل والإرشاد السياحي، مؤكدا أن التسويق الدولي لهذه الباقات بأسعار تنافسية يعزز مكانة الأردن كمقصد سياحي متميز.

هذا ويحتفل الأردن باليوم العالمي للسياحة مع العالم هذا العام، تحت شعار "السياحة والتحول المستدام"، والذي يصادف في 27 من الشهر الحالي، والذي يشكل فرصة لتسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجه قطاع السياحة، خصوصا في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة على المستوى المحلي والعالمي.