خبراء : تحديات تواجه تنفيذ معايير العمل اللائق رغم تطويرها قانونيا
بالتزامن مع اقتراب اليوم العالمي للعمل اللائق، تشهد حملات توعوية من قبل مختلف الجهات المهتمة بحقوق العمال بهدف نشر الوعي حول مفهوم العمل اللائق وأهميته وضرورة توفير بيئة عمل آمنة كحق أساسي، في ظل ضعف الوعي بقوانين الحماية المتاحة لدى العديد من العمال وأصحاب العمل وفقا لخبراء في مجال العمل.
تشير تقارير عمالية سابقة إلى أن الأردن لا يزال يعاني من عدم تطبيق معايير العمل اللائق بشكل كاف على مستوى السياسات والممارسات في سوق العمل، نظرا لوجود اختلالات تؤثر سلبا على توفير فرص العمل اللائقة.
وفي هذا السياق، تدعو هذه التقارير الحكومة إلى تحسين نظم تنفيذ القوانين العمالية لوقف التجاوزات والانتهاكات التي تحدث، وتشجيع ظروف العمل اللائقة وتمكين العاملين والعاملات من الاستفادة منها.
تعرف منظمة العمل الدولية، العمل اللائق على أنه توفير الفرص المتساوية للجميع، سواء كانوا نساء أو رجالا، للعمل بشكل إنتاجي يسهم في تحقيق دخل عادل وضمان الأمان في مكان العمل، وتوفير الحماية الاجتماعية للأسر، مما يسهم في تحقيق مستقبل أفضل من خلال تنمية الذات والمشاركة الاجتماعية، وتعزيز الاستقرار في العمل، وتحقيق تكافؤ فرص العمل دون أي تمييز.
ضعف التمثيل النقابي
مركز بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة يشير الى أن الأردن رغم استجاب لمعايير العمل اللائقة المعترف بها والتي تم تطويرها قانونيا، ولكنه يرى أنها تواجه بعض التحديات والاختلالات.
أحد هذه الاختلالات، بحسب أبو نجمة، هو ضعف التمثيل النقابي، حيث تفرض قيود واسعة على تنظيم النقابات في بعض القطاعات، وهذا يؤدي إلى عدم تمثيل العمال بشكل كاف وتعيق انضمام العمال إلى هذه النقابات، مما يعرقل حقوقهم المكفولة قانونيا.
من بين التحديات الأخرى التي يشير إليها أبو نجمة هو وجود قيود على الحوار الاجتماعي بين أصحاب العمل والعمال، حيث لا يزال محصورا بالنقابات، والتي قد لا تكون قادرة على التوسع في نطاق أنشطتها ومتابعة مشكلات العمال بشكل فعال، في النقابات تغطي قطاعات كبيرة من العمل، مما يصعب عليها متابعة كافة قضايا العمال.
وتبلغ عدد النقابات العمالية في المملكة 17 نقابة تتبع للاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، تهدف إلى تحسين ظروف العمال وزيادة مستوى معيشتهم وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
فيما يبلغ عدد غير المنتسبين من القوى العاملة نحو 80% من العمال في الأردن فقط، ويعود ذلك بسبب وجود بعض القوانين العمالية التي تفرض قيودا على انضمام العمال إلى النقابات، وفقا لتقارير عمالية.
ضعف الرقابة على المؤسسات
بالرغم من التطور التشريعي في مجال السلامة والصحة المهنية، إلا أن الرقابة تظل ضعيفة نظرا لعدم كفاية عدد المفتشين، وهذا يعود إلى وجود عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث يبلغ عددها حوالي 180 ألف مؤسسة، وفقا لخبراء في الشأن العمالي.
ويبلغ عدد المفتشين في وزارة العمل 100 مفتش، ويتم توجيه جزء منهم لأعمال إدارية، بينما يقوم البقية بالعمل الميداني، بينما يتراوح عدد مفتشي السلامة والصحة المهنية ما بين 10 إلى 15 شخصا فقط، بحسب تقديرات وزارة العمل.
ويقترح أبو نجمة للتغلب على هذه التحديات استخدام التكنولوجيا عن بعد كوسيلة لتعزيز الرقابة، يمكن تحقيق جزء من الرقابة من خلال نظام إلكتروني يلزم أصحاب العمل بتوفير الشروط وتقديم المستندات اللازمة عبر الإنترنت،وفي الحالات الخاصة والضرورية، يمكن لمفتش العمل القيام بزيارات ميدانية.
أجور متدنية
في قرار سابق، تراجعت وزارة العمل عن قرارها السابق برفع الحد الأدنى للأجور، حيث تم الاستمرار العمل بالأجر القديم عند 260 دينارا بدلا من 271 دينارا، وذلك تماشيا مع الحد الأدنى للأجور المحدد من قبل الحكومة.
يأتي هذا القرار بعد يوم واحد من بيان أصدرته المؤسسة بالالتزام بالقرار السابق الذي أعلنته اللجنة الثلاثية لشؤون العمل والذي يشمل زيادة الحد الأدنى للأجور للأعوام (2023-2024-2025) بنسبة تعادل التضخم الصادرة عن الجهات الرسمية.
وفي ذاك الوقت عبرت العديد من الجهات العمالية عن انتقادها لقرار الحكومة بالتراجع عن تنفيذ قرار اللجنة الثلاثية للعمل بزيادة الحد الأدنى للأجور تلقائيا وفقا لمعدلات التضخم التي تعلنها دائرة الإحصاءات العامة، وذلك نظرا لزيادة التحديات الاقتصادية التي يواجهها العمال.
يشير أبو نجمة إلى أن أجور العمال لا تزال منخفضة جدا وتقارب حد الفقر، في حين أن الأسر المعيارية تحتاج إلى دخل يصل إلى نحو 500 دينار شهريا لتلبية الاحتياجات الأساسية.
يؤكد أبو نجمة على أهمية تعزيز الوعي بمعايير العمل اللائق لدى العمال وأصحاب العمل على حد سواء، حيث يشير إلى نقص في هذا الوعي لدى العديدين، ويتعين تحقيق هذا الوعي من خلال جهود الجهات المعنية، بما في ذلك النقابات العمالية ووزارة العمل والجهات المسؤولة عن متابعة شؤون العمل.
حملة للتوعية بالعمل اللائق
أطلق مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع المرصد العمالي الأردني حملة تحت عنوان "العمل اللائق حق" يوم السبت الماضي، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للعمل اللائق الذي يصادف السابع من تشرين الأول من كل عام.
وتهدف الحملة إلى إبراز مدى تطبيق معايير العمل اللائق في سوق العمل الأردني، والنهوض بالوعي الجماعي حول معايير والاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بالعمل اللائق.
مسؤول الإعلام والاتصال في المرصد العمالي، مراد كتكت، يؤكد أن العمل اللائق يعتبر حقا أساسيا لجميع العاملين، وتهدف الحملة إلى تسليط الضوء على مدى تطبيق معايير العمل اللائق في الواقع، بالإضافة إلى مراجعة تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والقوانين المتعلقة في ذلك.
وتشدد الحملة على أهمية الالتزام بمعايير العمل اللائق في جميع القطاعات، خاصة فيما يتعلق بالقطاعات التي تتسم بظروف عمل صعبة مثل قطاع البناء والمصانع والزراعة.
تتضمن المعايير التي يجب توفيرها الحماية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وشروط السلامة والصحة المهنية، وعدم وجود انتهاكات في هذه المجالات الأساسية.
تسعى الحملة أيضا لزيادة الوعي بين العمال وتعزيز مهاراتهم في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا كبيرا في نشر المعرفة، وتشجع على تقديم التوعية من قبل الجهات الرسمية والمعنية للعمال بحقوقهم، كما وتشمل الحملة نشر رسائل توعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع استخدام وسوم مثل (#العمل_ اللائق_حق) و(#عمل_لائق_للجميع) و(#الصحة_والسلامة_المهنية).