خبراء : الدعم النفسي في مرحلة المراهقة أساسي لتطوير الشخصية نحو مرحلة الشباب

الرابط المختصر

تعتبر مرحلة المراهقة التي يمر بها اليافعين، من المحطات الهامة في تشكيل شخصيتهم، حيث تمثل مرحلة انتقالية نحو الشباب، الأمر الذي يدعو فيه خبراء في مجال الصحة النفسية إلى ضرورة الاهتمام بصحتهم باعتبارها جزءا أساسيا من نموهم وتطورهم بشكل صحي. 

ويطلق على  المجتمع الأردني بالفتي؛ بحسب المجلس الأعلى للسكان الذي يشير الى أن 40% من السكان هم في سن الطفولة دون 18 عاما. 

كما يطلق مجتمعا على المرحلة العمرية ما بين الطفولة و سن المراهقة بالعمر المحير، نظرا للتحول بين الطفولة وسنوات المراهقة، هذه المرحلة قد تكون شاقة للآباء والأمهات، بسبب العديد من التغيرات الجسدية والعاطفية التي يمر بها الأبناء.

استشاري الطب النفسي الدكتور عبدالله أبو عدس يرى أن فترة المراهقة تشكل تحديا ليس فقط للمراهق نفسه، بل أيضا لأسرته، نظرا للتغيرات الجسدية، والهرمونية، والعاطفية، والعقلية، والاجتماعية التي تحدث فيها، حيث ينتقل الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ.

ويوضح الدكتور أبو عدس أن هذه المرحلة تشمل سعي المراهق إلى الاستقلالية، مما قد يظهر في شكل حالات من التمرد أو العناد، وحالات من الفضول، وضعف الثقة بالنفس، قد يفسر بعض الأهالي هذه التصرفات على أنها موجهة ضدهم، ولكن في الحقيقة، المراهق يحاول أن يبعث برسالة تفيد بوجوده.

 المراهق قد يعاني من حالات من القلق والرهاب الاجتماعي، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، و قد يلجأ بعضهم إلى المؤثرات العقلية او حتى يفكر في إيذاء الذات، هذه الأعراض  تعكس الأفكار الداخلية للمراهق الذي يريد أن يستقل ويفرض ذاته مما قد يصدم الأهل، بحسب أبو عدس.

في هذه الحالة، ينصح  أبو عدس الأهالي بترك المراهق يتحمل عواقب أفعاله وأقواله، ومنحه المجال للاستقلالية وتعزيز ثقته بنفسه من خلال اتخاذ القرارات،وعدم القيام بذلك قد يؤدي إلى إيذاء المراهقين أنفسهم وتعرضهم للمخاطر.

 

ارتفاع نسب الاكتئاب

دراسة محلية، بشأن الوضع الصحي النفسي للأطفال واليافعين، تبين ارتفاع ملحوظ في نسب الاكتئاب والقلق بين هذه الفئة، الأمر الذي يستدعي التفكير والتحرك الفوري لمعالجة هذه الاشكالية وفقا للخبراء في الصحة النفسية والاجتماعية.

وبينت الدراسة التي شملت أطفالا ومراهقين أردنيين ولاجئين أن 17.9 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عاما (أردنيين وغير أردنيين) يواجهون مشاكل عاطفية وسلوكية، و14.1 % من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاما لديهم ذات المشكلة.

 

ووفقا للدراسة التي نفذت بالتعاون بين وزارتي الصحة والتربية والتعليم ووكالة الأونروا ووكالة جايكا وشبكة الشرق الأوسطية للصحة المجتمعية 19.7 % من المراهقين الأردنيين يعانون من الاكتئاب، و25.8 % من المراهقين الأردنيين يعانون من القلق.

بينت أن هذه المشكلات النفسية لا تقتصر فقط على الأطفال الأردنيين بل تمتد أيضا إلى الأطفال اللاجئين، مما يجعل الأمر يتطلب استراتيجيات شاملة للتدخل والعناية بصحتهم النفسية.

من الملفت للنظر أن الأعراض الموجودة لدى الأطفال والمراهقين ليست محدودة فقط بالاكتئاب والقلق، بل تمتد أيضا إلى المشاكل العاطفية والسلوكية، مما يؤكد على أهمية التدخل المبكر والتوعية بشأن صحة الطفل النفسية منذ سن مبكرة.

يبلغ عدد من أعمارهم دون 19 عاما 44 % من سكان المملكة، و 54 % من اللاجئين هم في ذات العمر، وفقا للتقديرات الرسمية.

 

توصيات لتحسين الصحة النفسية للمراهقين

دعت  الدراسة إلى ضرورة اعتماد خطط وبرامج متكاملة ومنسقة للتدخل على عدة مستويات تؤثر على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين والتأكد من توافقها مع الثقافة السائدة. 

وأوصت إلى ضرورة تعزيز دور المعلم والمرشد في الكشف المبكر عن أعراض الأمراض النفسية وإشراك أولياء الأمور في الأنشطة المتعلقة بالصحة العقلية ليكونوا على دراية بالجوانب المختلفة للصحة العقلية.

بحسب أبو عدس ، يقول بأنه يمكن للأهالي الكشف عن تدهور الحالة النفسية لأبنائهم من خلال ملاحظة اضطرابات النوم والأكل، حالات العزلة، وتقلبات المزاج الشديدة التي تؤثر على أدائهم الدراسي أو الاجتماعي، صعوبات في التركيز، العدوانية، خرق القوانين الأسرية، والغياب المتكرر عن المنزل. في هذه الحالات، يجب على الأهل والمدرسة التدخل لمعالجة المشكلة.

ويؤكد  أبو عدس على أهمية الحوار بين المراهقين والأهل، حيث أنه غالبا ما يكون غائبا أو ضعيفا في المجتمعات العربية، ويجب إعطاء المراهقين الفرصة للتعبير عن آرائهم ومشاركتهم في اتخاذ القرارات دون فرض قوانين صارمة على حياتهم.

المستشار أول في الطب النفسي، ودكتوراة التخصصية في الطب النفسي عند الأطفال واليافعين الدكتور أمجد الجميعان يعتبر بأن الجهات المعنية أصبح لديها الوعي الكاف بالحاجات النفسية والاجتماعية للمواطنين أفضل مما كانت عليه بالسنوات الاخيرة، وذلك من خلال اعدادها ببرامج توعوية، وإصدار إحصاءات دقيقة تبين حجم الإشكالية . 

ويشير الجميعان إلى أن  الجهود المبذولة للتعامل مع الصحة النفسية للأحداث أصبحت أكثر تقدما من خلال العمل على عدة برامج توعية لهذه الفئة الهامة، مشددا على أهمية معالجة البيئة التي تدفع الاحداث الى التعرض للعديد من الانتهاكات النفسية، لاعادة دمجه بالمجتمع. 

تصنف منظمة الصحة العالمية انتشار الاكتئاب النفسي بثاني مرض على مستوى الصحة النفسية عالميا، بعد أمراض القلب شيوعيا، والتي تؤدي الى عدم القدرة على قيام عمل ما. 

وتشير وزارة الصحة في العالم، إلى أهمية تخصص أقل من 2 % من موازنتها للصحة النفسية، وأن أزمة جائحة كورونا أسهمت بترك آثار كبيرة على الصحة النفسية للبشر.

أضف تعليقك