خبراء إسرائيليون: جهود دبلوماسية لإصلاح ما "خربه" نتنياهو مع الأردن
قال كاتب إسرائيلي إنه "رغم توقيع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة السابق على اتفاقيات التطبيع، وإقامة علاقات مع دول في أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، إلا أنه أثار أيضا معارضة العديد من الزعماء الذين كرهوه، ومع بديله، أتيحت الفرصة لتحسين العلاقات مع الحلفاء والقادة المهملين".
وأضاف ليزر بيرمان في مقاله على موقع "زمن إسرائيل"، ترجمته "عربي21" أنه "خلال فترة حكم نتنياهو الـ12 عاما، اتخذت إسرائيل خطوات مهمة على الساحة الدولية، لكن الكثير من الإسرائيليين يعتقدون أن رحيله قد يؤدي لإنجازات لا تقل عن ذلك، فإسرائيل الآن في قلب تحالف طاقة ناشئ في شرق البحر المتوسط، مع شراكات عربية وأوروبية، التي وقعت مع إسرائيل سلسلة من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية".
وأشار إلى أنه "في أوروبا الوسطى والشرقية حصل تحول دراماتيكي باتجاه إسرائيل، وعارضت دول فيها القوى الأوروبية التي ضغطت لإدانتها، وحافظت على حوار استراتيجي وتكتيكي مثمر مع روسيا، التي دخلت قواتها إلى سوريا المجاورة، ونظمت الولايات المتحدة بقيادة ترامب تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وإبرام الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية".
أحد كبار مستشاري نتنياهو قال إنه "أوصل تحالفات إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة، بما في ذلك توقيع أربع اتفاقيات تطبيع تاريخية مع الدول العربية، لكنه في الوقت نفسه عمل على تفتيت علاقات إسرائيل مع أكثر شراكاتها حيوية إلى حد كبير خلال فترة حكمه، وفي بعض الحالات، ظهر هو نفسه مصدر توتر متزايد في علاقات إسرائيل الخارجية، واليوم بعد أن أصبح في المعارضة، فإن هناك فرصا جديدة لإسرائيل في الساحة الدولية".
تغيير اللهجة
دانيال بلاتكا، الزميل البارز في أبحاث السياسة الخارجية والأمن بمعهد AEI في واشنطن، يرى أن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستستفيد من عدم وجود نتنياهو، لكن من يتوقعون أن يرسم بينيت- لابيد مسارًا جديدًا بشأن قضايا مثل إيران أو الفلسطينيين فسيجدون أنفسهم محبطين، باستثناء بعض الإيماءات الصغيرة حول القضية الفلسطينية، مثل تغيير اللهجة".
غيل مورسيانو مدير معهد "ميتفيم" للسياسات الخارجية الإسرائيلية يرى أنه عندما توجد حكومة مستقطبة أيديولوجيًا، فلا يمكن فعل الكثير، ولا اتخاذ إجراءات صارمة، يرجح أن يحدث تغيير على المستوى المهني، وليس على المستوى الأيديولوجي".
وأوضح أن "العديد من القادة الدوليين رأوا في نتنياهو أنه اختار جانبا يمينياً في علاقاته الخارجية، فالديمقراطيون اعتبروه حليفا للحزب الجمهوري وترامب، والقادة الأوروبيون راقبوه وهو يقيم علاقات ودية مع القادة المناهضين لليبرالية مثل المجري فيكتور أوربان والبرازيلي جايير بولسونارو، ما جعله شخصية مثيرة للجدل داخل الساحة الأوروبية".
ولفت إلى أن "أحد التوقعات الرئيسية أن إسرائيل ستحرز تقدما في القضية الفلسطينية، لا أحد يتوقع اتفاقا دائما في المستقبل القريب، لكن هناك رغبة حقيقية باتخاذ تدابير لبناء الثقة، من خلال تحسين الظروف في الضفة الغربية، وإعادة إعمار غزة، باعتبارهما مفتاح تعزيز التحالفات المهمة لإسرائيل، لأن رئيس الولايات المتحدة يريد أولا وقبل كل شيء تهدئة المنطقة من أجل تجنب الانغماس فيها مرة أخرى، والحفاظ على الهدوء".
عوديد عيران الباحث البارز بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قال إنه "رغم الخلافات المعروفة بين أعضاء التحالف الحكومي، فإنه لا يزال لدى إسرائيل مساحة كبيرة لتقديم مقترحات يمكنها تحسين الوضع الحالي، في مجالات السياحة والزراعة والطاقة والنقل، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد تعزز هذه الإجراءات تطوير العلاقات مع البحرين والإمارات، لأن هناك حساسية في المنطقة حول التعاون مع إسرائيل".
ميكي أهارونسون الباحثة في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمن، قالت إن "دمج شركاء إسرائيل الجدد من الخليج بتمويل المشاريع في الضفة الغربية وقطاع غزة، سيكون خطوة مهمة في تنفيذ اتفاقات التطبيع ذات المحتوى الملموس، ويمكن للتعاون الإقليمي في الضفة الغربية أن يساعد في تهدئة التوترات مع الأردن، لأن العداء الشخصي بين نتنياهو والملك عبد الله أدى إلى نشوب عدة أزمات دبلوماسية".
إشراك المجتمع الدولي
وأضافت أن "علاقات إسرائيل والأردن بعهد نتنياهو وصلت إلى أدنى مستوياتها، بعد أحداث دفعت عمان لإعادة سفيرها من تل أبيب، وأرجأت الموافقة على مسار رحلة نتنياهو في طريقه لزيارة مخططة للإمارات العربية المتحدة، ما أدى لإلغاء الرحلة، وقد يبدو مهما تعزيز موقف الأردن في المسجد الأقصى، ووعده بأنه لن تحل السعودية أو تركيا محلها كوصي على الأماكن المقدسة في القدس، بجانب مسألة المياه كمجال للتعاون معه".
وأشارت إلى أنه "يمكن لإسرائيل إشراك المجتمع الدولي في تدفق المياه المحلاة من البحر المتوسط إلى الأردن، إضافة للعديد من خطوط الأنابيب التي ستزود السلطة الفلسطينية بالمياه، ويتعين على إسرائيل أن توضح أن لديها توقعات من الأردن كشريك، ومطالبته بوقف المشاركة في الحملة الدولية ضد إسرائيل".
ناثان زاكس رئيس مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز بواشنطن، قال إننا "نرى بالفعل في واشنطن رغبة في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية بعد سنوات نتنياهو، صحيح أن بينيت أبعد من نتنياهو عن إدارة بايدن، لكن الأخير لا يخطط لاستئناف المفاوضات حول تسوية دائمة، لذلك فقد تحتل الخلافات حول هذه القضية مكانة أقل مركزية، بقدر ما تسمح به التطورات على الأرض".
وأكد أن "العلاقات مع فرنسا التي كانت شريكًا إشكاليًا لإسرائيل في عهد نتنياهو، قد تتغير في ظل الحكومة الجديدة، ويبدو أن لابيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقدران بعضهما، فقبل أيام من انتخابات أبريل 2019، التقيا في باريس، كخطوة بدأها ماكرون لمساعدة لابيد على الفوز في الانتخابات، واعتبره لابيد صديقًا، ودعمه في انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2017".
وأشارت إلى أن "نتنياهو اتهم بتقليص دور وزارة الخارجية خلال فترة عمله، بعد نقل قضايا من اختصاص الوزارة لمكتبه الخاص أو وزارات حديثة الإنشاء، وهناك عمل للحكومة الجديدة لإعادة تأهيل حقيقي في الدبلوماسية الخارجية بأكمله بعد سنوات من الإهمال، عبر عزمها على إعادة الوزارة لموقعها المركزي في التخطيط الاستراتيجي والأنشطة الدولية لإسرائيل في ما يتعلق بالتحديات الأساسية الدولية التي تواجهها".
وكشف التقرير أن "لابيد وبينيت وافقا على إلغاء وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي قادت الحرب ضد المقاطعة ونزع الشرعية عن إسرائيل، وإعادة صلاحياتها لوزارة الخارجية، ووزيرها لابيد في وضع جيد لقيادة الاتصالات الإسرائيلية مع العالم، ولأول مرة منذ ولاية تسيبي ليفني كوزيرة للخارجية في حكومة إيهود أولمرت، وضعت إسرائيل شخصية بارزة على رأس عملها الدبلوماسي".
وقال: "إننا أمام شهر عسل قصير جدا، لأن إمكانية تحسين العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل تحمل معها مخاطر، وإذا لم يحدث تغيير في السياسة في غضون بضعة أشهر، فستكون خيبة أمل بين المجتمع الدولي، بدون وجود رجل دولة متمرس في المعركة مثل نتنياهو في السلطة".