حملة أردنية للدفاع عن القدس في أروقة اليونسكو

الرابط المختصر

يواصل الأردن جهوده على كافة المستويات، لوقف الاعتداءات والإجراءات أحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل في القدس، بما فيها تلك المتعلقة بالمحاولات الإسرائيلية لتغيير الملامح الثقافية والتراثية للمدينة المقدسة.

وخلال اجتماعات المجلس التنفيذي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) التي عقدت أخيرا في العاصمة الفرنسية باريس، قاد الأردن حملته الى جانب المجموعة العربية وعلى نحو موحد، لإبراز خطورة المحاولات الإسرائيلية لتغيير واقع المدينة المقدسة.

وأدرج موقف العرب الموحد في اجتماعات المجلس التنفيذي لـ"اليونسكو"، مشاريع القرارات العربية التي تخص الأراضي الفسطينية على جدول أعمال الدورة المقبلة كما هي، لإقرارها في اجتماعات المجلس في الدورة 185.

وتبقى القدس ذات الأولوية القصوى في جهود الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، والذي حذر في أكثر من مرة، وأخيرا في أعمال الملتقى الخامس للسفراء الأردنيين في الخارج من أن "ما تقوم به إسرائيل في القدس، نوع من اللعب بالنار".

وشدد جلالته على أن "القدس ومقدساتها بالنسبة لكل العرب والمسلمين قضية مقدسة، وكل الخيارات السياسية والدبلوماسية والقانونية مفتوحة أمامنا لحماية القدس، والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها".

وتقدم العرب خلال اجتماعات المجلس التنفيذي لتضمين جدول أعمال الدورة المقبلة بـ5 قرارات، الأول يتعلق بباب المغاربة في القدس القديمة، والثاني يدعو الى تطبيق القرارات الخاصة بالقدس، والثالث يتعلق بالمؤسسات التعليمية والثقافية في الأراضي العربية المحتلة، والرابع يخص إعادة بناء وتنمية قطاع غزة في ظل الحصار المفروض عليها، أما الخامس فيتعلق بالحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم، إذ تم تسجيله وتثبيته كقرار جديد بالكامل على جدول أعمال المجلس التنفيذي لـ"اليونسكو".

ولفتت مصادر دبلوماسية عربية حضرت الاجتماعات الى أن "إسرائيل مارست ضغوطا قوية عبر دول أخرى أعضاء في المجلس، لمحاولة شطب مشاريع القوانين الخمسة التي حظيت بتأييد غالبية الدول الأعضاء فيه".

وبينت تلك المصادر أنه "أمام تلك الضغوط القوية كان العرب أمام خيارين، إما أن تطرح مشاريع القوانين في الدورة الحالية للتصويت عليها، وهو مخالف للعرف الدائم في اليونسكو الذي يقضي باتخاذ القرارات بتوافق الآراء، وإما أخذ موافقة المجلس على إقرارها ضمن جدول أعمال الدورة المقبلة".

واعتبرت المصادر أن "كسب التزام مجلس اليونسكو بوضع القرارات على أجندة الدورة المقبلة، والتعهد ببذل أقصى الجهود للتوصل الى توافق حولها، ومباركة المجموعات الإقليمية لتوجه المجموعة العربية الإيجابي من دون التضحية بالثوابت، يعتبر أفضل من الدخول في مواجهة غير محسوبة، خصوصا في ظل العرف السائد بضرورة التوافق على قرارات المجلس".

وأبدت المصادر "تفاؤلا" بإقرار هذه المشاريع في الدورة المقبلة مع الغالبية التي تؤيدها، موضحة أن "التعنت ورفض المشاريع العربية، لن يحققا شيئا، سوى كسب المزيد من الوقت"، معتبرة أن "التأجيل يحدث مرة، لكن ليس كل مرة".

ولفتت الى أن الاستمرار في عرقلة دخول المهندسين والفنيين الأردنيين الى القدس لأخذ قياسات على أرض الواقع لمشروع الأردن لترميم باب المغاربة، مخالف لمطالب اليونسكو السابقة، خصوصا بعد أن حاز التصميم بشكله الأولي على موافقة اليونسكو".

وذكرت أن الأردن الجهة الوحيدة المخولة، للقيام بأعمال الترميم بموجب وصايتها على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وكان الأردن، تمكن في الدورة الماضية لاجتماعات "اليونسكو" من استصدار قرارات، وصفت حينها "بغير المسبوقة"، إذ أفشلت الجهود الدبلوماسية الأردنية في خطوة استثنائية، كافة المخططات الإسرائيلية بحق منحدر باب المغاربة في مدينة القدس القديمة، وتم اتخاذ قرار متقدم ألزم إسرائيل بتنفيذ كافة واجباتها بموجب القانون الدولي، إذ تعتبر "اليونسكو" باب المغاربة إرثا حضاريا وإنسانيا لا يجوز تغيير معالمه.

وعبر المجلس في القرار عن أسفه ضمن الفقرة الثامنة لتأجيل زيارة الخبراء الأردنيين لموقع باب المغاربة في نهاية تموز (يوليو) العام الحالي، بسبب ظروف عرقلت وصولهم، لأخذ القياسات بهدف تمكين مشروع التصميم الأردني لتلة باب المغاربة.

وفي هذه النقطة، أسف المجلس لتقرير الرصد السادس لمركز التراث العالمي، والذي يستعرض حصريا الرسائل الأردنية الرسمية للمندوب الدائم لدى "اليونسكو"، والتي تبين مسؤولية اسرائيل الكاملة في إعاقة وصول الخبراء الأردنيين للموقع، لأخذ القياسات وهو أهم تعديل ورد على نص القرار (182) وفق ما ذهب اليه خبراء في هذا المجال.

ودعا القرار السابق الى ضرورة إبداء إسرائيل التعاون اللازم تنفيذا لواجباتها بموجب القانون الدولي، بهدف تأمين الوصول الى موقع تل المغاربة، كما شدد على تأكيد المجلس بصورة قاطعة على أن هذا الوصول هو للخبراء الأردنيين، وعلى الرغم من مطالبة الوفد الإسرائيلي في المفاوضات بدخول مشروط للموقع، فإن الوفد الأردني قد رفض.

وتمكن الأردن من حصد نجاحات غير مسبوقة في بنود قرار "اليونسكو" من حيث إلزام المجلس لإسرائيل باستئناف تعاونها مع الخبراء الأردنيين، وهذه اللغة تؤكد بوضوح اعتراف "اليونسكو" رسميا بأن تعاون اسرائيل مع المملكة، توقف تماما على الرغم من ادعاءات اسرائيل لـ"اليونسكو" بالعكس، ومحاولاتها الإيحاء باستمرار التعاون مع السلطات الأردنية ودائرة الأوقاف، بينما تواصل القيام بإجراءاتها الأحادية.

وكانت حفريات إسرائيلية سابقة أدت إلى انهيار تلة باب المغاربة، ما دفع إسرائيل الى تقديم مشروع لـ "اليونسكو" لإقامة جسر بدلا من القديم المنهار، وبحسب المخططات الإسرائيلية، فإن الجسر لا يراعي الطبيعة الثقافية والحضارية للمنطقة ويخدم غايات إسرائيلية عسكرية.

وكان الأردن رفض المقترح وأصر على أنه الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف على الموقع، ما دفع الأردن الى تقديم احتجاجه إلى "اليونسكو"، لأنها الجهة الدولية المعنية والمسؤولة عن التراث الحضاري الإنساني في القدس القديمة.

وتمكن الأردن في العام 1981 عبر سفيره في فرنسا آنذاك طاهر المصري من تسجيل القدس على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وذلك في خطوة غير مسبوقة منحت لمنطقة تحت الاحتلال.