"حسب الوضع الوبائي"... جملة أغرقت "منقذي السباحة"

ما زال قرار إغلاق المسابح في الأندية الرياضية والفنادق والمجمعات السكنية يشكل هاجسا لدى منقذي السباحة الذين خسروا عملهم جراء التذبذب في القرارات الحكومية "غير المدروسة". 

 

وما أن لبث العاملون في القطاع الرياضي، ومنهم منقذي السباحة، متفائلين في إعادة فتح الأندية الرياضية والمسابح بداية العام الجديد، حتى أطفأ آخر تصريح لوزير الصحة آمالهم بعودة القطاع، عندما أعرب عن "تخوفه من إعادة فتح القطاعات المغلقة بعد تسجيل 5 حالات من السلالة الجديدة من كورونا". 

 

يشتكي مئات من منقذي السباحة منذ وقت طويل؛ تحقيق الأمان الوظيفي، فيعمل غالبتهم في المسابح الخاصة والأندية الرياضية دون تأمين صحي أو ضمان اجتماعي، ورغم أن مردودهم المالي غالبا ما يكون مرتفعا، إلا أن التوقف عن العمل الذي شهدوه هذا العام ضاعف من تحدياتهم. 

 

وكانت قد بدأت معاناة منقذي السباحة منذ إغلاق المسابح العامة ومراكز اللياقة البدنية الموجودة في الفنادق والمجمعات السكنية والسياحية في منتصف آذار/ مارس الماضي، واستمرت حتى بداية حزيران/ يونيو، ومن ثم عاد الإغلاق في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر وظل مستمرا حتى لحظة كتابة هذه السطور، لتصنفه بعدها مؤسسة الضمان الاجتماعي بـ"قطاع غير مصرح له بالعمل". 

 

مهنة بلا حماية اجتماعية 

يعمل (لؤي) (عشريني) كمنقذ سباحة في أحد النوادي الرياضية في عمان منذ سنة تقريبا دون أن تلحقه إدارة النادي بالضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي، "هيك كان اتفاقنا من البداية مع الإدارة، وأنه يكون العقد بيني وبينهم شهريا". 

 

لكن بعد تخوّف إدارة النادي الرياضي من القرارات المفاجئة من إغلاق وفتح للقطاع اتفقت مع (لؤي) أن يصبح عقده أسبوعيا، نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها القطاع، واحتمالية إغلاقه في أي وقت. 

 

صدقت توقعات الإدارة، ومع عدم وجود ضوء في آخر النفق يبشر بإعادة فتح القطاع؛ خسر (لؤي) عمله كمنقذ سباحة، فبعدما حصل على نصف راتبه لشهر تشرين الثاني؛ اعتذرت إدارة النادي من الاستمرار في دفع راتبه بالشهر اللاحق، "امر الدفاع بسمح لنا انه نوقفك عن العمل لأنه نحن منشاة غير مصرح لها بالعمل وما في عنا شغل"، تقول الإدارة لـ(لؤي). 

 

لا يعتمد عادة منقذو السباحة في النوادي الرياضية والمسابح على الراتب الأساسي الذي يحصلون عليه، وإنما على الدروس التعليمية الخاصة التي يقدمونها، "بأخذ من المجموعة 150 دينار ومن الأفراد بين 200 لـ 300 دينار لقاء تعليمهم السباحة في النادي الرياضي، وبيخصم النادي قيمة تقريبية من المبلغ كامل 50 دينار" بحسب (لؤي). 

 

"كنت احصل بالشهر على ما يقارب الـ1000 دينار، وبين يوم وليلة بطل معي اشي"، يقول لؤي لـ"المرصد"، لذلك قرر العمل في أحد محلات بيع الكهربائيات لقاء مبالغ مالية يومية ضئيلة جدا مقارنة مع راتبه "المجدي" من العمل الذي يتقنه، الإنقاذ المائي. 

 

لم تختلف تجربة (لؤي) عن (محمد) (ثلاثيني) ويعمل كمنقذ سباحة في أحد فنادق البحر الميت، سوى أن الأخير ملتحق ببرامج الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ويحصل على الحد الأدنى من راتبه (220) دينارا. 

بلغ راتب (محمد) بشهور ما قبل الجائحة إلى ما يقارب 600 دينار، مقسمة إلى 220 دينار راتب أساسي، وبدل "سيرفس" (تقسيم أرباح الفندق الشهرية على العاملين) 250 دينار، "وباقي الراتب "إكرامية" من الزبائن"، يقول (محمد). 

 

طلبت إدارة الفندق من محمد الدوام 15 يوما كل شهرين، وذلك لتقسيم الدوام بينه وبين 10 منقذين آخرين يعملون في نفس الفندق، الأمر الذي دفعه إلى أن يعمل في أحد المزارع في منطقة الأغوار بأجر يومي يقدر بـ10 دنانير مقابل (التعشيب، الزرع، حصد الثمار) وذلك للتعويض عن خسائره، "عندي قرض بـ180 دينار وإيجار بيت بـ150 دينار وثلاثة أولاد بدي أعيشهم". 

 

إغلاق المسابح ... إغلاق للسياحة 

يقول، زيد السوالقة، الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت لـ"المرصد العمالي" إن "الأمر اللي خفف شوي على بعض المنقذين انه ما زال الشاطئ مفتوح وهذا الذي جعل الفنادق تقدر تحافظ على العديد من المنقذين وما تخليهم يتركوا شغلهم وخاصة الخمسة نجوم".

لافتا إلى إن أغلب العاملين كمنقذي سباحة يعتمدون بشكل أساسي على عملهم في الإنقاذ، "العمل كمنقذ سباحة محدود وزاد من محدوديته اغلاق المسابح". 

 

ويضيف أن الحفاظ على الصحة العامة أمر في غاية الأهمية، لكن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار الحفاظ على عمل الألاف الذين تضرروا من إغلاق القطاعات، "إلزام الفنادق والمسابح بخطة معينة لتفادي الاكتظاظ داخل المسابح، بحافظ على صحة الناس وبنفس الوقت بحافظ على عمل العديد منهم". 

 

مشيرا إلى أن قرار إغلاق المسابح لا يؤثر على المنقذين فقط وإنما على المنشآت كاملة وهذا ما يجعلها مغلقة بالكامل، "لأنه الناس بتجي بتعمل سياحة في الفنادق لزيارة المسابح". 

وإلى ذلك، أصدرت الحكومة، البلاغ رقم 18 بموجب أمر الدفاع رقم 6، لتنظيم الأجور الشهرية للعاملين في القطاعات والأنشطة الأكثر تضرراً (من ضمنها الفنادق) أو غير المصرح لها بالعمل (ومن ضمنها الأندية الرياضية والمسابح). 

 

وأكدت أن أجور العمال المستفيدين من برنامج "استدامة" ستكون بنسبة (75%) من الأجر الشهري في القطاعات والأنشطة الأكثر تضرراً، في حين ستكون الأجور بنسبة (50%) من الأجر الشهري للعمال في القطاعات والأنشطة الاقتصادية غير المصرح لها بالعمل، وذلك بدأ من شهر كانون الأول وحتى نهاية شهر أيار من العام 2021. 

 

يصل عدد الحاصلين على رخص مهنة الإنقاذ المائي إلى ما يقارب 2570 منقذا في الأردن، يجدد منهم رخصهم سنويا ما يقارب 500_700 منقذ، وهم ذاتهم الذين يمتهنون الإنقاذ المائي، بحسب غانم حداد، رئيس قسم التدريب الرياضي في وزارة الشباب (القسم المعني في إصدار رخص الإنقاذ المائي في الأردن). 

 

ظروف عمل غير جاذبة

ويقول حداد لـ"المرصد العمالي" إن ارتفاع نسبة الحاصلين على رخص إنقاذ مقابل قلة عدد العاملين في المهنة ما هو إلا دليل على أن "المهنة ليست أساسية عند الأغلب". 

الأمر الذي يدل أيضا على أن ظروف العمل في مهنة الإنقاذ المائي صعبة وغير ملائمة لاتخاذها مهنة أساسية بالنسبة للكثيرين ممن لديهم رخص إنقاذ. 

ويضيف حداد "تعتبر مهنة الإنقاذ، مهنة غير رسمية لأنه المسابح اغلبها ما بفتح غير بالصيف، بسبب ارتفاع تكلفة تشغيل المسبح بالشتاء وما يرافقه من مستلزمات لتدفئة المسبح"، الأمر الذي يضاعف من التحديات التي تواجه المنقذين بالإضافة إلى تبعات الإغلاقات. 

 

ويؤكد حداد على أنه لو كانت ظروف عمل المنقذين أفضل، وكان هناك نظام ينظم عمل المنقذين، "بصير في إقبال أكبر على المهنة، وبصير وضع العاملين فيها أفضل".

 

وكانت قد أشارت اللجنة الأولمبية، إن ما يقارب 234 ألف مواطن أردني يمارسون الألعاب الرياضية في المراكز والأكاديميات والأندية، لافتة إلى أن انخفاض اللياقة البدنية لدى الأردنيين بنسبة 10% يزيد من الإنفاق الحكومي قرابة 51 مليون دينار أردني على القطاع الصحي.

أضف تعليقك