حزب التيار الوطني يقرر استقالة رئيسه المجالي من مجلس النواب

حزب التيار الوطني يقرر استقالة رئيسه المجالي من مجلس النواب
الرابط المختصر

قرر المكتب التنفيذي لحزب التيار الوطني في اجتماع عقد ظهر السبت بتقديم رئيس قائمة الحزب عبد الهادي المجالي استقالته من مجلس النواب احتجاجا على سير العملية الانتخابية

وأصدر المكتب التنفيذي بيانا قرر فيه سحب قائمة الحزب التي شاركت في الانتخابات من مجلس النواب على القائمة الوطنية بجميع اعضائها، وأن يكون سحب القائمة نهائيا بحيث لا يعود لها تمثيل في المجلس والسير بالإجراءات الدستورية والقانونية لإنفاذ ذلك، إغلاق مقار الحزب في جميع المحافظات باستثناء المقر الرئيسي في العاصمة (عمان)، وفصل كل عضو ترشح للانتخابات النيابية بصورة منفردة ودون التنسيق وموافقة الحزب

وبين الحزب في بيانه الصحفي أن نتائج الانتخابات "أكدت بما لا يدع مجالا للشك أنه استهدف مرة أخرى من أطراف لم تغير مواقفها وانخرطت باشكال مختلفة لتحجيم الحزب وإخراجه من الانتخابات ضعيفا على خلاف الواقع في الشارع والذي تعرفه هذه الأطراف جيدا".

واعتبر الحزب أن نتائج الانتخابات مثيرة للشكوك، ليخلص الحزب إلى استنتاجات محددة تمثلت بأن "حزب التيار الوطني مستهدف بذاته ولذاته، وأن تجربة الحزبية في الوطن غير ممكنة النجاح مالم تكون البيئة السياسية الحاضنة لها مناسبة".

من جانبه، قال عضو قائمة الحزب حمدي مراد "لعمان نت" أن المكتب وضع ثلاث خيارات هي استقالة الفائز الوحيد عن الحزب المجالي من مجلس النواب، او حل الحزب أو الاستمرار في مجلس النواب في ضوء النتائج النهائية

واتخذ المكتب التنفيذي قرار الانسحاب من مجلس النواب بعد تصويت غالبية أعضاء المكتب التنفيذي

ويعتبر تقديم المجالي لاستقالته خلافيا من الناحية القانونية، إذ ان المجالي يعتبر نائبا لحظة إعلان فوزه بالانتخابات بشكل رسمي من الهيئة المستقلة للانتخاب، إلا أنه لم يحلف اليمين الدستورية بعد.

وتنص المادة (72) من الدستور على أنه: "يجوز لأى عضو من أعضاء مجلس النواب أن يستقيل بكتاب يقدمه الى رئيس المجلس وعلى الرئيس أن يعرض الإستقالة على المجلس ليقرر قبولها أو رفضها".

وفيما يلي نص البيان:

بيان صادر عن المكتب التنفيذي لحزب التيار الوطني

منذ أن أسسنا حزب التيار الوطني، في سياق تاريخي متراكم من العمل الحزبي والسياسي المضني، ونحن نرسخ في أدبياته ومنطلقاته قيمة الوطن، هدفنا العميق أن ننهض به ونعلي شأنه ونبذل في سبيله من غير منة، وأن نعطي ولا ننتظر مقابل، فهو في الوجدان والفكر غاية لا وسيلة، ومستقر لا جسر.

وكان ذلك إيمانا يقينيا جذرناه في أنفسنا وعظمناه في وعينا وفكرنا وقواعد عملنا في كل شأن من شؤون الوطن، مدركين أن الوطن أمانة لا تقبل المساومة ولا تحتمل التفريط، وأن الوطن يستند على أبنائه يرفعونه ليكون التاج، ويفتدونه ليبقى عزيزا شامخا، له المغنم وعليهم المغرم.

هذا فهمنا لقيمة الوطن ولما علينا فعله من أجله، وهذا الفهم هو الأساس الذي ننظر من خلاله إلى الواقع الوطني الراهن بعين يساورها القلق وتثير فينا الخشية، ونحن نراه يتنقل بين أزمة ومأزق وبين تحديات وصعاب، منها ما تفرضه متغيرات داخلية عالية التعقيد تحتاج إلى استجابات جدية ومقاربات منطقية ليمر من مآزقه وأزماته.. ومتغيرات حادة ومتشابكة في إقليم يتغير وجهه، نقلت بعض دوله من حال سيء إلى أسوأ، وأخرى تعيش مخاضا سياسيا وأمنيا لا أفق لنهاية يمكن الركون إليها.

وندرك يقينا أن الأردن القوي المتماسك والقادر على الصمود في مواجهة التحديات والصعاب هو الأردن الذي سعى جلالة الملك إلى أن يكرس ديمقراطيته على قواعد من عمل حزبي وسياسي ينتقل بالوطن إلى عمق الشورى وقواعد العمل الديمقراطي المبنية على أساس التمثيل النيابي لمكونات المجتمع لتكون السلطة التشريعية عنوان الشراكة في صناعة القرار الوطني لحاضره ومستقبله.

هنا، وهنا على وجه التحديد انخرطنا في تأسيس حزب التيار الوطني، بإيمان مطلق أن التحول في مسار دولتنا ينحو إلى تعميق قيمة الديمقراطية والعمل الحزبي، ويسعى في توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار عبر برلمان محزب على أساس تنافس برامجي وفكري ينتج في محصلته أنماطا من الحكومات البرلمانية التي تشكلها أغلبية حزبية أو ائتلافية شرط أن تقوم على برنامج يعالج أوجه الخلل والقصور في الشؤون الوطنية كلها وتأخذ هذه الأغلبية فرصتها لإنفاذ برنامجها الذي تحاسب عليه إن أنجزت أو قصرت.

وهذا ما فهمناه من أحاديث عديدة وفي غير مناسبة أشار فيها جلالة الملك إلى أهمية وضرورة تعميق الديمقراطية والعمل الحزبي والحاجة إلى تيارات سياسية وبرامجية وفكرية حزبية تمثل اليمين واليسار والوسط، كخطوة أساسية في التحول إلى برلمانات محزبة وأساليب جديدة في الحكم.

وفي العامين الأخيرين، منذ أنطلاق الحراك الشعبي، زاد إيماننا بقيمة الأحزاب وأهميتها، وانخرطنا أكثر فأكثر بمراجعة برنامج الحزب وطورناه على كل صعيد، سياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي، استعدادا لمرحلة جديدة في مسار الدولة، في الوقت الذي كنا فيه نقدر منطلقات الحراك الحزبي والشعبي ونؤمن بالكثير مما يطرح ويطلبه وهو متضمن في برنامجنا.

ولقد اشتبكنا مع الحراك سياسيا، على قواعد الاحترام وتقدير وجهات النظر، حول ضرورة تحقيق الإصلاح عبر نقطتين أساسيتين، الأولى، التوافق الوطني على البرنامج الإصلاحي الكلي، والأخرى، التدرج في تنفيذ الإصلاحات، في سياق حواري سلمي يحفظ الأردن من أي تداعيات سلبية

أردنا أن يمر الوطن بمسار إصلاحي مختلف عن المسارات العربية الأخرى والصعبة والمهلكة، وبدأنا كحزب وطني وسطي برامجي، نستعد للإسهام في الانتخابات النيابية، بوصفها محطة من محطات الإصلاح ومقدمة ضرورية تؤسس لما بعدها من تعظيم للإصلاحات، وتجاوزنا عن ملاحظاتنا على انتخابات مجلس النواب السادس عشر (2010) برغم ما تركته فينا من غصة وأثارته فينا من تساؤلات.. إذ خالجنا شعور أن أطرافا في الدولة لا تريد لهذا الحزب أن يأخذ مكانه الطبيعي على الساحة السياسية.

وعلى رغم تلك الملاحظات، كان القرار المركزي لحزب التيار الوطني أن يتجاوز تلك المرحلة وينخرط في التحضير للانتخابات النيابية لمجلس النواب الحالي، وحتى هنا تجاوزنا مؤقتا ملاحظاتنا على قانون الانتخاب، فنحن كما عبرنا عن ذلك في غير مناسبة كنا نأمل بقانون يعظم قيمة العمل الحزبي عبر قصر القائمة الوطنية على الأحزاب فقط، وأن تزيد نسبتها لتكون من 40 إلى 50 % من العدد الكلي لمقاعد مجلس النواب، وكذلك منح الناخب صوتين لا صوتا واحدا للدائرة الفرعية.

مع ذلك اعتبرنا قانون الانتخاب هذا حالة مؤقتة، واجبة التغيير تحت القبة بما يضمن مشاركة كل المكونات الوطنية في الانتخابات المقبلة، وكنا حاولنا إقناع قوى قاطعت الانتخابات وعلى رأسها الحركة الإسلامية أن تشارك وأن نؤسس معها تفاهما مسبقا نتوافق فيه على طبيعة التغييرات التي نريدها جميعا في قانون الانتخاب وننفذها في مجلس النواب، غير أن التوفيق لم يحالفنا في مسعانا، دون أن نقطع المسعى في أمور اخرى غايتها رفعة الوطن.

ومنذ تأسيس حزب التيار الوطني وإلى ماقبل الأنتخابات النيابية الأخيرة، عملنا بجد لتطوير الحزب ليكون رقما وطنيا صعبا، وأسسنا مقار للحزب في جميع المحافظات، وزاد أعضاء الحزب على خمسة آلاف عضو، وطورنا برنامج إصلاحي نوعي، وكنا على يقين أن هذا البرنامج إذا ما أخذ فرصته سيحدث فرقا حقيقيا وجوهريا في كل الشؤون الوطنية.

واعتقدنا أن الانتخابات النيابية الأخيرة هي فرصتنا الحقيقية لنثبّت الحزب قوة أساسية على الساحة السياسية والحزبية.

ومع شيء من القلق كنا نعتقد أن الأطراف التي لم تستسغ وجود حزب وطني قوي ومؤثر لن تحرك ماكنتها ضده ولن تسعى إلى إفشاله كما في انتخابات مجلس النواب السادس عشر
ومضينا في ظل هذه الاعتقادات، والرغبة في أن يدخل الوطن عصر الحزبية الحقيقية والحكومات المشكلة من أغلبية برلمانية، نجهز للانتخابات، فكنا أول حزب يعلن قائمته ومرشحيه على الدوائر الفردية.. ومن بعد هذه اللحظة تناسلت القوائم لتبلغ (61 قائمة) فبدأ يساورنا الشك والقلق من هذا الرقم وغايته ومن يقف خلفه، لكننا أرتأينا أن نمضي في طريق الانتخابات وألا نتراجع.

وهكذا كان، مضينا في طريق الانتخابات إلى أن بدأنا ظهر يوم الانتخاب نشعر بقلق حقيقي واسترجع الحزب تجربته الانتخابية السابقة، وما أن أعلنت النتائج حتى تبين للحزب بما لا يدع مجالا للشك أنه استهدف مرة أخرى من أطراف لم تغير مواقفها وانخرطت باشكال مختلفة لتحجيم الحزب وإخراجه من الانتخابات ضعيفا على خلاف الواقع في الشارع والذي تعرفه هذه الأطراف جيدا.

ومنذ إعلان النتائج المثيرة للتفكير وتحيطها علامات الاستفهام، خصوصا على صعيد القوائم (...) بدأنا بعملية تقييم واسعة للإجابة على جملة تساؤلات ليس أقلها، لماذا يتعرض الحزب لحملات ممنهجة ومنظمة لإفشاله، وما قيمة الحزب والجهد الكبير والجبار الذي يبذل فيه إذا لم يكن له قيمة وطنية، وهل في الدولة أطراف ليست معنية بحياة حزبية حقيقية ولا تسعى إلى تحقيق استجابات جدية وعميقة لتحقيق الدولة الديمقراطية التعددية الحديثة.

وخلصنا إلى استنتاجات محددة، أن حزب التيار الوطني مستهدف بذاته ولذاته، وأن تجربة الحزبية في الوطن غير ممكنة النجاح مالم تكون البيئة السياسية الحاضنة لها مناسبة، وأن الاستمرار في المراوحة بذات المكان وتكرار الاستهدف للحالة الحزبية بالإضافة إلى أكلافه لا ينتج واقعا حزبيا جامعا للمواطنين ينظمهم ويتيح لهم منابر للتعبير عن الرأي بخلاف حالة الفوضى الراهنة.

وعليه، وبناءا على التجارب العديدة المؤلمة، والتقييمات العميقة المثيرة للشكوك، قرر المكتب التنفيذي التالي:

1- سحب قائمة الحزب التي شاركت في الانتخابات من مجلس النواب على القائمة الوطنية بجميع اعضائها، وأن يكون سحب القائمة نهائيا بحيث لا يعود لها تمثيل في المجلس والسير بالإجراءات الدستورية والقانونية لإنفاذ ذلك.
2- إغلاق مقار الحزب في جميع المحافظات باستثناء المقر الرئيسي في العاصمة (عمان).
3- فصل كل عضو ترشح للانتخابات النيابية بصورة منفردة ودون التنسيق وموافقة الحزب.

والله من وراء القصد