حراك دبلوماسي بعمّان.. وملفات مفتوحة لدول الجوار
حراك دبلوماسي مكثف شهدته العاصمة الأردنية عمان، الأيام الأخيرة التي كانت محط زيارات وفود رسمية رفيعة المستوى من دول عربية، كان أبرزها العراق ولبنان وفلسطين وقطر.
واستقبل الملك عبدالله الثاني أمس الاثنين في عمان، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، وسبقها بيوم لقاء ملكي مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي جاء إلى المملكة على متن طائرة عسكرية أردنية.
وضم وفد عباس وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الوزير حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وسفير فلسطين لدى الأردن خيري عطا الله.
هيكلة السلطة الفلسطينية
اللقاءات العربية-الأردنية جاءت بعد زيارة ملكية إلى واشنطن بداية الشهر الحالي، وذكر مصدر رفيع المستوى في السلطة الفلسطينية لـ"عربي21" بعض ملامح ما دار في اللقاء مبينا أن "عباس استمع من الملك عبد الله الثاني إلى تقييمه لزيارته الأخيرة للبيت الأبيض وتبادل معلومات حول مواقف في الفترة القادمة وخاصة تحضيرات لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحث خطوات تنسيقية أخرى، كما تناول اللقاء زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية المركزية ويليام بيرنز لرام الله".
بينما نقلت مصادر أردنية لـ"عربي21" أن "عباس طرح في اللقاء ما جرى بزيارة مدير الاستخبارات الأمريكية المركزية ويليام بيرنز لرام الله الذي حمل مبادرة أمريكية لإعادة هيكلة السلطة بعد تأجيل عباس للانتخابات البرلمانية، وتتضمن المبادرة ضرورة تعيين نائب لعباس إذ تتجه العيون إلى الوزير حسين الشيخ ومدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج"، على حد قول المصدر.
رسميا، تناولت وسائل الإعلام الرسمية الأردنية أن اللقاء تضمن تأكيد الملك عبدالله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تنسيق المواقف بينهما "بما يخدم مصالح الأمة وقضاياها المشتركة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية".
التحرك بملفات متعددة
المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة، يرى في حديث لـ"عربي21" أن "هنالك آفاقا تتشكل تسمح لك بلعب دور أو البحث عن دور، زيارة الملك لواشنطن تعطي انطباعا أن الأردن يمكن أن يحرك بعض الملفات، هنالك 3 جزئيات مهمة للأردن هي: القضية الفلسطينية، فهناك مبادرة أمريكية لتحريك الملف وهذا يفسر زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية المركزية ويليام بيرنز لرام الله..".
أما "الجزئية الثانية فهي الملف السوري، ومحاولة استثناء الأردن من قانون قيصر الذي يحظر التعامل التجاري مع سوريا. وأما الجزئية الثالثة فهي الملف العراقي خصوصا بعد الانتخابات القادمة، لزيارة واشنطن زيارة رمزية لكن لا يعني أن الأردن لديه عطاء للتحرك بهذه الملفات المعقدة".
وعلى صعيد آخر، فقد حملت الزيارة القطرية ملفات اقتصادية بالدرجة الأولى وتطرق الاجتماع إلى الملفات الاقتصادية والدور التنموي للاستثمارات القطرية في الأردن. وتناول اللقاء ملفات عربية كالملف الفلسطيني والملف السوري ودعم استقرار العراق.
وحول الأنباء عن مبادرة أمريكية جديدة لإعادة تأهيل السلطة الفلسطينية يقول السبايلة: "التفكير المنطقي لدى الإدارة الأمريكية هو تجاوز الأزمة السياسية المتولدة في السلطة في مرحلة ما بعد عباس، خروج نتنياهو يعني خروج عباس، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية تسعى لأن يكون هناك انتقال للسلطة وتوزيعها بحيث يكون هناك نواب لعباس وعدم تركز السلطة بشكل يسيطر فيه على السلطة وحركة فتح والمجلس الثوري".
ولبنانيا، استقبل العاهل الأردني الأحد الماضي وزيرة الدفاع اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال، زينة عكر، وشدد على أهمية تضافر الجهود الدولية لاستحداث خطة شاملة وواضحة المعالم والأدوار للعبور بلبنان إلى بر الأمان وفقا لبيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.
ويحاول الأردن لعب دور في فكفكة أزمة لبنان من خلال مشاركته في اجتماع الدول المانحة الذي عقد في الشهر الجاري، إلا أن السبايلة يرى أن للأردن أيضا مخاوف مما يجري في لبنان تتمثل في "ارتفاع المشاكل الأمنية بالإقليم والتي لن تتوقف على اللجوء، لكن الأردن لا يستطيع التأثير بهذا الملف ولا يوجد مناخات وحلول يستطيع تقديمها".
دفعة أمريكية
والتقى الملك عبدالله الثاني في 19 آب/ أغسطس الرئيس الأمريكي جو بادين كأول زعيم عربي يزور البيت الأبيض بعد رحيل ترامب، هذا الأمر ترى فيه الكاتبة لميس أندوني أنه "أعطى ثقة جديدة للملك بأن هنالك دعما أمريكيا استراتيجيا للأردن خاصة بعد الموقف السلبي لإدارة ترامب تجاه المملكة، والملك يطمح بدور إقليمي يكون لديه ثقل في كل الملفات الموجودة".
وتتابع أندوني في حديث لـ"عربي21": "في نفس الوقت فإن الأردن أعطى تنازلا كبيرا من خلال توقيع اتفاقية الدفاع المشترك وأعطت ميزات غير مسبوقة للجيش الأمريكي ما زاد من تبعية الأردن لأمريكا، وهو يتحرك الآن باتجاه دول السنة لكن دون وجود مواجهة إيران ما أعطى للملك مساحة جديدة للتحرك مع هذه الدول".
أما بخصوص العلاقة مع قطر فترى أن "الأردن أزاح عن كاهله ثقل الضغوطات الإماراتية والسعودية في عهد بايدن وهذا يحرره من الضغوط، التي كانت تمنعها من التحرك باتجاه دول عديدة، لتوسيع علاقاتها الاقتصادية والسياسية".
وتوقعت أن "يكون هناك تجميد لبعض القرارات في القضية الفلسطينية، مقابل إجراءات فلسطينية تخفف من ثقافة المقاومة وإيصال أموال لغزة لتحسين الوضع الاقتصادي، والمحافظة على استقرار في وضع السلطة وعدم وجود نزاعات حول من سيرث عباس".