حدود حرية الصحافة بين مخاطر التشديد الصحي والرسمي

كيف لنا في ظل المشهد العالمي  الحالي بأبعاده الصحية، والإقتصادية، والسياسية،  أن نشهد #مزاولة_ الصحافة_ بدون _خوف_ ولا _محاباة‘ وفقا للشعار الذي  الذي رفعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، للاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة 2020.

 

لا أحد ينكر بالمجمل ما شهده قطاع الإعلام من تراجع في حرية الصحافة، والتضييق، على العاملين بها وحصر مصادر المعلومات بجهات رسمية أو شبه رسمية وغيرها من العوامل الاقتصادية و السياسية التي  تخص كل بلد دون غيرها في السنوات الأخيرة.  

 

فالإشكالية لا تتعلق فقط بالصحفيين أو الإعلاميين أو مهنيتهم كما يتردد في  الخطاب السائد الذي يحاول تشخيص العلة بوضع اللوم على أعراضها لا على أسبابها.

 

هذا الواقع وما تعانيه الصحافة، والإعلام، والعاملين، فيها وعليها زادت المشهد محليا وعالميا تعقيدا وعمقا بعد  جائحة كورونا التي اجتاحت العالم على اتجاهين : الأول زيادة تأثير التشديد الرسمي على المهنة والعاملين بها تحت ذريعة "المصلحة الفضلى"، في هذه الظروف الاستثنائية غير المعهودة ، والاتجاه الثاني تأثير التراجع الإقتصادي الذي صاحب الأزمة وطال مختلف القطاعات ومنها الإعلام الذي كان يعاني اصلا من تراجع مصادر التمويل وعدم استقلاليتها وانعدامها في بعض الحالات.

 

يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "اقترن تفشي هذه الجائحة [جائحة كوفيد-19] أيضا بجائحة ثانية تتمثل في تضليل الناس سواء عن طريق نشر نصائح صحية مضرة أم بالترويج لنظريات المؤامرة بطريقة لا تعرف حدا تقف عنده. والصحافة هي التي تقدم الترياق بما تقدمه من أنباء وتحليلات علمية مؤكدة ومدعومة بالوقائع".

 

صحيح أن التضليل والأخبار الكاذبة والإشاعات الذي شهدناه في الأردن كان مقترنا أكثر بمواقع التواصل الإجتماعي ، لكن هذا لا ينفي انزلاق بعض وسائل الإعلام لتداول أخبار وتحليلات غير علمية أو دقيقة، أو قرار تحريري في غير مكانه ومخالفا للقانون أحيانا وفقا للوضع القانوني الإستثنائي تحت مظلة "أوامر الدفاع" حاليا.

 

وهذا يعود بالتأكيد على شح المعلومات وحصرها بالمصادر الرسمية، في ظل جائحة  "كورونا"  فوجد الصحفيين أنفسهم أمام مصادر محدودة جدا لتدفق المعلومات، وصعوبة الحصول على أجوبة واضحة من مصادر مستقلة ذات صلة.

 

فالمعلومات المطلوبة "بعد الاعتراف بأهميتها وضرورتها" ليست هي عدد الإصابات، والوفيات، وحالات الشفاء فقط.

 

إضافة الى صعوبة التحرك والتنقل التي تحصر التفاعل مع الحدث "نظرا لطبيعة المخاطر الصحية له" والتي تصاحبت  في الأردن والعديد من الدول مع مخاطر أمنية بررت" بضرورة  لا مفر منها ومطلوبة"دعم الجهود الرسمية لمواجهة الجائحة.

 

وبالتأكيد فإن الصحفيين وغيرهم يشهدون هذا الحدث لأول مرة ، ولا يوجد بين ايديهم أو غرف التحرير لديهم طريقة فضلى مجربة لتغطية الجائحة لاتباعها بشكل دقيق ومؤكد، فكل ما يتم عمله هو من باب التجربة و الاجتهاد، وهو قابل للصواب والخطأ والتحسين المستمر.

 

فليس صدفة أن تكون مهنة الصحافة والإعلام مهنة تؤسس على الرغبة بالعمل بها والوفاء لها، والإلتزام بمعايير مهنية دقيقة وتحمل كل تبعات ذلك.

 

فالفرصة دائما قائمة و لم تفت بعد ليلتقط الإعلاميين الخيط مجددا والسير بخطوات ثابته لأخذ دورهم الطبيعي كسلطة داعمة ومساندة للمجتمع وحق الناس في المعرفة والإطلاع على المعلومة الدقيقة والواقعية  دون تهويل أو تهميش أو تضليل أو محاباة.

 

 

أضف تعليقك