جدل في الأردن حول "فتح السياحة الدينية للإيرانيين"

الرابط المختصر

أثارت زيارة الملك عبد الله الثاني في 26 حزيران/ يونيو الماضي مقامات الصحابة في المزار الجنوبي ومن بينها مقام جعفر بن أبي طالب، جدلا ومخاوف في الأردن من فتح تلك المقامات أمام السياح الإيرانيين في ظل توقف عجلة السياحة بسبب جائحة كورونا.



وتزخر الأردن بأضرحة الصحابة والأماكن الدينية للديانات الثلاث، من أبرزها مغطس السيد المسيح ومعبد النبي هارون، إلى جانب مقامات في الشمال وفي مدينة الكرك جنوب الأردن للصحابة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة الذين استشهدوا في معركة مؤتة، وتسمح السلطات لجميع أتباع الديانات زيارة هذه الأماكن، وتستثني المذهب الشيعي، لأسباب أمنية وسياسية.



"أين المشكلة"؟

 

وعقب زيارة العاهل الأردني للأضرحة في الجنوب، فجر عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، زيد النابلسي جدلا كبيرا بعد أن طالب في مقال له فتح السياحة الدينية أمام الايرانيين كاتبا تحت عنوان "سياحة دينية .. أين المشكلة؟".



وقال: "هل يمكنكم أن تتخيلوا مستوى الانتعاش الاقتصادي الفوري الذي يمكن أن يتحقق لو أصبح هذا الجنوب الحزين مزارا لملايين السياح الذين يجلبون معهم العملة الصعبة والحركة الاقتصادية ويبعثون الحياة في مدنٍ قست عليها سنوات التهميش والإهمال….الموضوع هنا يجب أن ننظر إليه من ناحية مصلحة وطنية أردنية بحتة، فاقتصادنا في غرفة الإنعاش؟".



ويتفق معه نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، ممدوح العبادي، الذي يرى أن "مصلحة الأردن الاقتصادية أولا".



وأضاف لـ"عربي21": "الأردن بحاجة إلى مخرج اقتصادي والسياحة هي الحل، مستقبل الوضع الاقتصادي المظلم هو الاقتصاد ولا شيء غير ذلك، ومن لا يوافق على السياحة الدينية والعلاجية والترفيهية هم أعداء الأردن ويريدون القضاء على الاقتصاد".

 

وتابع: "في عام 2019 دخلنا 5 مليار دولار من السياحة، لكن هذه النسبة وصلت لصفر في 2020 بسبب كورونا".



تخوف من مد شيعي

والسلطات الأردنية، تنظر الى هذا الملف من منظور أمني وسياسي، وحسب ما علمت "عربي21" فإن الأجهزة الأمنية كانت قد اعتقلت أردنيين تشيعوا -وهم أعداد قليلة جدا، لا يوجد مسلمون شيعة في الأردن- أغلبهم غادر المملكة.



وفي عام 2013، تعهد رئيس الوزراء في حينها عبدالله النسور لعدد من أعضاء "الهيئة الشعبية لمكافحة التشيع" بوقف جميع الأنشطة المتعلقة بالسياحة الدينية الشيعية في لواء المزار الجنوبي، ليظهر اسم الهيئة لأول مرة في وسائل الإعلام كهيئة شعبية نشطة في عموم محافظة الكرك وسط رضا رسمي.



وتهدف الهيئة كما يقول القائمون عليها لـ"مقاومة الشيعة والتشيع في الأردن"، معتقدين أن "توافد الشيعة إلى مقام جعفر بن أبي طالب في المزار يهدد الأمة والدين".



ورفض السفير الأردني السابق في إيران الدكتور بسام العموش، في حديث لـ"عربي21"، فكرة فتح السياحة الدينية للإيرانيين، مفسرا ذلك بـ"يجب وزن الأمور من جميع الجهات، وأن لا نكتفي بالنظر للجانب الاقتصادي، والدم أغلى من المال، وهناك كلف أمنية، وإذا ما أخذنا في عين الاعتبار ماذا فعلت إيران في اليمن والبنان، والعراق، وسوريا تحت عناوين مختلفة مثل العتبات الدينية لتستوطن فيما بعد".



وتابع العموش: "القاعدة الشرعية تقول درء المفاسد أولى من جلب المنافع. سفير إيراني سابق في الأردن أسس تنظيما مسلحا، نحن لن نجرب الإيرانيين مرة أخرى، الملك شخصيا تحدث وحذر من خطر الهلال الشيعي، لسنا طائفيين، لكن الأردنيين لا يقبلون بمشاهد الرقص واللطم أمام ضريح الصحابي جعفر الطيار، وهناك اتجاه إسلامي لا يقبل ذلك، وسبق أن حصل مصادمات في الكرك بسبب هذه الممارسات". 



ويتحدث العموش أن إيران تستعد لعرض مشاريع وإغراءات كي تتمكن من دخول الأردن، "فهي حريصة على الدخول إلى المملكة، لذا يجب عدم السماح بوجود خلايا داخلية لها"، وفق قوله.



وأطلق العاهل الأردني في كانون الأول/ ديسمبر عام 2004، مصطلح "الهلال الشيعي"، عبّر فيه عن تخوفه من وصول حكومة عراقية موالية لإيران إلى السلطة في بغداد، تتعاون مع إيران والنظام السوري لإنشاء هلال يكون تحت نفوذ الشيعة؛ وصولا إلى لبنان.



دعوة للتريث

 

أما الصحفي والكاتب وليد حسني، دعا إلى التفكير والتريث بعيدا عن السجال، وقال لـ"عربي21"، إنه "يجب التريث في مناقشته بعيدا عن الخوف، والنظر إليه باعتباره مشروعا يمكنه أن يدر دخلا جيدا، ويرفع من عوائد التنمية من توظيف واعمال من شأنها التخفيف من البطالة في الجنوب على الأقل ضمن اشتراطات الأردن الذي لديه القدرة الكاملة على إدارة مثل هذا المشروع باحترافية اومن بها تماما، فضلا عن وعي الأردنيين وسلامة عقيدتهم".

 

وقال: "زيارة الملك لمقامات الصحابة في الجنوب ربما تكون إيذانا بمغادرة مربع الخوف، وفتح باب الجرأة أمام الحكومات لإعادة إحياء الجنوب اقتصاديا وتنمويا لا شيء يرعبنا أو يخيفنا، وقال الايرانيون ألف مرة للأردن.. نزور جنوبكم بشروطكم ووفقا لما تقررونه".

 

وانقسم رواد شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن أيضا كما هو حال النخب السياسية بين مؤيد ومعارض.