تواضع المخصصات المالية للقطاع الصحي يزيد من معاناته
في الوقت الذي تعاني فيه المنظومة الصحية من تهالك كبير، جاءت جائحة كورونا لتفاقم الأوضاع سوء، وإضافة أعباء جديدة على القطاع، وسط قلة المخصصات المالية المرصودة في الميزانية وفق خبراء في القطاع الصحي.
فالشكاوى المتكررة من قبل مواطنين لسوء الخدمات داخل المستشفيات الحكومية، ليست وليدة اللحظة، وإنما مع زيادة الضغط الكبير الذي يواجهه الكادر الطبي بسبب زيادة أعداد المراجعين، التي تحول دون حصولهم على الخدمات الطبية اللازمة.
عضو هيئة المتابعة في حملة صحتنا حق الدكتور عصام الخواجا يؤكد لـ "عمان نت" أن هناك العديد من العوامل ساهمت بتراجع القطاع الصحي من أبرزها قلة مخصصات وزارة الصحة، وصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
كما أن التزايد الكبير في عدد السكان، وعدد المراجعين ممن لا يجدون مكانا للعلاج سوى في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وتخصيص جزء كبيرا من الإمكانيات الطبية لجائحة كورونا على حساب متابعة الحالات المرضية الأخرى، ساهم من تحديات القطاع، بحسب الخواجا.
تستقبل مستشفى الاميرة بسمة يوميا نحو 1000 مراجع، يعاينهم 6 أطباء فقط، أي أن لكل طبيب 166 مريضا، وفق مدير ادارة المستشفيات في المستشفى الدكتور عماد ابو اليقين.
رغم هذه التحديات التي تواجه القطاع الصحي إلا أن الموازنة المخصصة لوزارة الصحة للعام الحالي يصفها الخواجا بـ القليلة، دون الأخذ بعين الاعتبار التعامل مع الجائحة والزيادة السكانية.
ويضيف الخواجا أن "وزارة الصحة أصبحت بيئة طاردة للاختصاصات بسبب قلة الرواتب والحوافز".
بلغت مخصصات الوزارة 644 مليونا و244 ألف دينار وفق مشروع الموازنة للعام الحالي ، بينما تسعى الوزارة، وفق موازنتها المقدرة، لرفع عدد الوظائف الصحية إلى نحو 28 ألف، باستحداث نحو 17 ألف وظيفة العام المقبل.
أما نسبة الإنفاق من جيوب المواطنين، فقد وصلت إلى حدود 30 % من إجمالي الإنفاق على الصحة بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتوفير الحماية المالية والاجتماعية، ومن أهمها توفير خدمات الرعاية الصحية المدعومة بنسبة تصل الى حوالي 80% في مستشفيات ومراكز وزارة الصحة، والتوسع المستمر في التغطية بالتأمين الصحي (تأمين الأطفال دون 6 سنوات، وتأمين كبار السن فوق 60 سنة، وتأمين الفئات الفقيرة)، وتكفُّل الدولة بنفقات معالجة الأمراض المزمنة والمكلفة مثل السرطان وغسيل الكلى وأمراض الدم المزمنة.
في تصريحات لوزير الصحة فراس هواري، يشير الى أن "مشكلة الوزارة لا تكمن في موازنتها والأموال، بل في ضعف الإدارة".
وقال رئيس الوزراء بشر الخصاونة إن الحكومة عملت على تطوير قدرات القطاع الصحي لمواجهة تحديات كورونا من خلال مضاعفة القدرات الصحية بواقع 300 بالمئة من خلال إنشاء 4 مستشفيات ميدانية جديدة في عمان واربد ومعان والعقبة، إضافة إلى المستشفيات الميدانية التي وفرتها القوات المسلحة مما وفر قرابة 4500 سرير عزل لمرضى كورونا، وقرابة 1000 سرير عناية حثيثة، و 963 جهاز تنفس اصطناعي.
كما قامت بتعزيز الكوادر الصحية بتعيين حوالي 2500 طبيب وممرض وفني مختبر والتعاقد لتأمين 17.5 مليون جرعة مطعوم.
رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور فريد حداد، يشير إلى أن القطاع الصحي ضخم، ولديه العديد من التحديات، موضحا وجود كوادر ذات كفاءة عالية الا ان هناك ضعف في توزيع الاختصاصات والمحافظة عليها.
ويرجع حداد ذلك الى تسرب الكفاءات والكوادر الطبية التي تعمل بالقطاع الحكومي الى القطاع الخاص، مشيرا إلى أن التعامل مع هذه الجائحة يتطلب المزيد من الأموال للنهوض به.
بحسب تقديرات رسمية تبين أن القطاع الخاص يضم ما يقارب 70% من الأطباء، وأكثرهم من الاختصاصين، و53% من الممرضين. في المقابل، تضم وزارة الصحة، 35% من الأسرة، وأقل من 20% من الأطباء، وأقل من 24% من الممرضين.
وأكد حداد أن لجنة الصحة النيابية رفعت توصية مؤخرا تطالب بضرورة رفع مخصصات القطاع الصحي في الموازنة، وان لم يكن هذا التغيير جوهري نظرا لتقيد وزارة المالية بالمبالغ المخصصة.
هذا ورصدت وزارة الصحة ضمن مخصصاتها للعام المقبل مليون دينار و100 ألف لحوسبة عملها، ومليون و750 ألفا لتحديث أجهزتها وأثاثها غير الطبي، و3 ملايين لتدريب وتأهيل وإدارة كوادرها في نطاق برنامج تنمية القوى البشرية.
كما وتسعى لرفع عدد أسرة الطوارئ في المستشفيات إلى 820، ودعم المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية بـ3 ملايين و600 ألف دينار العام المقبل، بينما خصصت وزارة المالية 110 ملايين دينار لمكافحة جائحة كورونا، و330 مليون للسنوات الثلاث المقبلة.
ودعت ورقة واقع حال القطاع الصحي الأردني أطلقتها جماعة عمان لحوارات المستقبل الى تعزيز الرعاية الصحية الثانوية من خلال دعم وتحسين إدارة الموارد البشرية، واستقطاب الكوادر الصحية، والاحتفاظ بالمؤهلة، وتعديل نظام الخدمة المدنية للفئات الصحية بشكل عام والأطباء بشكل خاص.
وطالبت بتحسين البرامج التدريبية للكوادر الصحية، واستحداث برامج الإقامة المشتركة بين القطاعات، وتطوير المعرفة والمهارات للعاملين في المجال الصحي، وتفعيل نظام التطوير المهني المستمر، وتعزيز الرقابة الدوائية والصيدلانية وتحسين البنية التحتية للمستشفيات.
وتطرقت الجماعة إلى التحديات التي يواجهها القطاع الدوائي، منها ارتفاع نسبة الهدر في الأدوية لغياب سياسات ترشيد استهلاك الأدوية وقلة الأدوات اللازمة لتقدير الاحتياجات بدقة.