تمرين وهمي.. هل يحمي المملكة من خطر الزلازل ؟

الرابط المختصر

في ساعات الصباح الباكر، أطلقت صافرات الإنذار في عدد من مناطق المملكة من قبل الجهات المعنية، ضمن فعاليات التمرين الوطني  "درب الامان 3 " ويستمر هذا التمرين على مدار يومين، كإجراء احترازي لتقييم استعداد وجاهزية المؤسسات والمنشآت الحيوية، بما في ذلك بعض المدارس، للتعامل مع الزلازل وتداعياتها، الأمر الذي يصفه خبراء بالضروري للتعامل مع الأخطاء المحتملة وتطوير خطط بديلة للتصدي لها.

نظرا لزيادة نشاط الزلازل في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، والذي كان آخرها الزلزال الذي ضرب المغرب، يأتي هذا التمرين لاختبار امكانيات الاستجابة، وضمان سلامة البنية التحتية الحيوية، وتحديث قواعد البيانات ذات العلاقة، بالاضافة الى التعامل مع الرسائل التوعوية  خلال وقوع الزلازل، دون التأثير على سير الحياة العامة، وفقا للمركز الوطني لإدارة الأزمات.

استنادا إلى التجارب العالمية السابقة، التي تبين أهمية اتخاذ إجراءات واستعدادات للتعامل مع تأثيرات الزلازل، وتوجيه التمرينات قبل وقوع الحدث عندما تكون الأوضاع امنة ومستقرة،  قامت كافة الجهات والوزارات باستعدادها لاختبار جاهزيتها، وقد تم برمجة هذا التمرين منذ أشهر لضمان تنفيذه بشكل محكم.

 بمشاركة عدد من فريق البحث والانقاذ بالتنسيق مع القوات المسلحة الأردنية، لتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ عن الناجين والمتضررين جراء الزلزال الذي وقع في تركيا وسوريا خلال العام، بالإضافة إلى ذلك المشاركة في عمليات الإنقاذ في المغرب العربي بعد الزلزال الأخير، وفي ليبيا بعد تعرضها للأعاصير، الأمر الذي قد تساهم هذه الجهود بشكل كبير في تطوير مهارات الانقاذ وزيادة الخبرة  اللازمة لفرق البحث المشاركة، ومن الممكن أن تكون هذه الخبرات مفيدة في تعزيز استعداداتنا لمواجهة أي زلازل محتملة في المستقبل في الأردن.

جدوى التمرين الوطني

سابقا، أكدت نقابة الجيولوجيين على ضرورة توفير الجهات المعنية، من خلال إنشاء بنك للمعلومات يحدد البؤر الساخنة والأبنية القديمة والتراثية، التي قد تتأثر بهزات أرضية بسيطة وذلك، لمتابعتها والإشراف عليها، بالإضافة الى تجهيز غرفة طواريء مؤهلة للتعامل مع تعرض المملكة الى انهيارات بسبب حدوث كوارث طبيعية، الى جانب تعزيز التدريبات لكوادر الدفاع المدني والأجهزة الأمنية، وتجهيز فرق مدربة للتعامل مع الحوادث غير المتوقعة .

أستاذ علم الزلازل في الجامعة الأردنية رئيس جامعة الحسين بن طلال السابق البروفيسور نجيب أبو كركي يشدد على أهمية  التمرين الوطني في جميع جوانب الحياة، كي نصل إلى تحقيق أقصى درجات الجودة والاحتراف في التعامل مع الحوادث والكوارث الطبيعية غير المتوقعة.

ويشير أبو كركي  في حديث لـ "عمان نت" إلى أن هذا التمرين يساعد في كشف نقاط الضعف في حال وجدت خلال التمرين، مما يمكن من التعامل معها وتطوير خطط بديلة للتصدي لها.

ويركز أبو كركي، على أن الزلازل لا يمكن التنبؤ بها، و لذلك يدعو الى الابتعاد عن  الشائعات والقلق والتفكير الزائد حيال احتمالية حدوث زلازل في المنطقة، الأمر الذي قد يثير الذعر بين المواطنين.

ورافق التمرين عمليات إخلاء وإنقاذ واغلاقات وإطلاق صافرات إنذار وتواجد أمني في عدة مناطق دون أن يؤثر على سير الحياة اليومية.

 

جاهزية الأبنية

 

نظرا للنشاط الملحوظ في وقوع الزلازل في المنطقة خلال الفترة الماضية، بناء على رصد الجهات المعنية، قامت نقابة المهندسين بإصدار كود جديد للزلازل لعام 2023، يهدف إلى تعزيز معايير السلامة المتعلقة بالبنية التحتية والمباني في ظل وجود مئات الآلاف من المباني التي أقيمت سابقا قبل صدور كود الزلازل في عام 2005.

 

ويقول نائب نقيب المهندسين الأردنيين المهندس فوزي مسعد لـ"عمان نت" إن الكود الجديد تم تطويره بالاستناد الى أحدث المعايير الدولية والبيانات المتاحة في مجال هندسة الزلازل.

ويوضح مسعد أن هذا الكود سيتم تطبيقه على المباني الجديدة فيما سيتم تقييم المباني القديمة وفقا للمتطلبات الجديدة، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال عدم مطابقتها للمعايير الجديدة بما في ذلك أعمال الصيانة اللازمة.

تقدر النقابة عدد المساكن في الأردن بحوالي مليونين و300 ألف مسكن لا يتمتع بشروط السلامة للمساكن،وغير المستوفية لضمان حياة آمنة للسكان. 

هيئة المكاتب الهندسية تبين أن هناك مناطق واسعة في الزرقاء وإربد ووسط العاصمة القديم، تواجه مشكلات في منشآتها

وبعضها آيل للسقوط، مشيرة إلى أن العمر الافتراضي لأية منشأة هو 50 سنة، وأن معظم الأبنية القديمة في عمان عمرها أكثر من 40 سنة وتحتاج إلى مراقبة ومتابعة.

وحذر مراقبون وخبراء في تصريحات سابقة بوجود مئات المباني القديمة تتكدس في مناطق مثل جبلي الجوفة والتاج وبعض مخيمات للاجئين الفلسطينيين التي يصل عمر بعضها إلى 50 سنة.

في عام 1993 تم إقرار قانون البناء الوطني الأردني، والذي يهدف إلى الوصول لجودة عالية من أسس البناء في المملكة ضمن معايير السلامة العامة و الكودات الهندسية، حيث تنص المادة 5 منه على وضع الأسس والمبادئ الخاصة بكودات البناء وتحديد مجال كل منها بناء على تنسيب اللجنة الفنية وإقرار الكودات المختلفة للبناء ورفعها إلى مجلس الوزراء لاعتمادها بالإضافة الى دراسة تنسيبات اللجنة الفنية واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها .

 

 كيف تحدث الزلزال؟

 

علميا ، تحدث الزلازل عادة بشكل مفاجئ، وتكون توقيتها غير متنبأ به،  وتعتمد ظاهرة الزلازل على حركة الصفائح الارضية، تحت سطح الأرض، فهناك العديد من الصفائح التي تتحرك بانتظام، وعندما يحدث تحرك مفاجئ، ينجم عنه وقوع  الزلازل.

ويؤكد أبو الكركي بأنه لا يوجد اي منطقة في العالم بمنأى عن خطر الزلازل، عادة ما يحدث زلزال كل 100 الى 200 عام، ومع ذلك تختلف خصائص هذه الزلازل من منطقة الى اخرى، حيث تتفاوت في شدة الزلزال وقوته، من حيث تصدع الأرض والصفائح،  مشيرا الى أن الهزات الارتدادية تحدث في نفس المكان الذي وقع فيه الزلزال الأساسي عادة بعد مسافة قريبة تبلغ حوالي  20 مترا من المنطقة المتضررة، وغالبا ما لا تؤثر على المناطق البعيدة عن مركز الزلزال. 

ويوضح أن المنطقة التي يحدث فيها الزلازل بقوة معتدلة من حيث شدتها، تأتي خطورة ذلك تبعا لموقعها، فإذا وقعت في منطقة سكنية وكانت هناك مباني قديمة وغير متينة، فإنها قد تتسبب في خسائر كبيرة.

على سبيل المثال، وقع حادث زلزال في عام 1927 حيث أسفر عنه وفاة 350 شخصا وكانت قوته 6.2 درجة، وعلى الرغم من أنه كان ذا طاقة معتدلة، إلا أنه كان قريبا من المناطق السكنية مما تسبب في وقوع عدد كبير من الضحايا.

وفي المقابل، حدث زلزال في عام 1995 في منطقة البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط أسفر عن وفاة عشرة أشخاص، وكان أكثر قوة بكثير مما سبقه بثلاثين مرة، ولكنه لم يتسبب في خسائر كبيرة نظرا لبعده عن المناطق السكنية.